تقديم :
الكتابة الروائية عند عبده حقي مغامرة وتجربة ذاتية، يستحضر فيها عوالمه نوعية تخييلية، ذات طابع سيري، وقد كشف المؤلف منذ البداية عن هذا البعد السيری وارتباطه بالكتابة الغيرية انطلاقا من نماذج مثل لها ميخائيل نعيمة و جبران خليل جبران وعبد الرحمان
منیف وغارسيا ماکیزه، كما حاول الكاتب ربط منجزه الحكائی بما تعرفه الساحة الأدبية من معالجة القضايا اجتماعية وسياسية وثقافية راهنة في علاقتها بالذات، فجاءت روايته أساطير الحالمين» منسوجة في قالب سردي يعبر عن قضايا المجتمع إبان أحداث الربيع العربي، وقد تناولتها الرواية في قالب سیري غيري يلامس التخييل، وتؤدي فيه شخصیتا رمزي والشبيهي دورا مشترکا، من خلال استرجاع الذاكرة وما حدث للشخصيتين معا منذ الصبا، إلى الهجرة مرورا بأزمنة متنوعة.وتكشف اللغة
خبايا الذات عبر توثيق سيرة الشبيهي التي سردها سنة 2010 على الكاتب، حيث يوحي ذلك
بنوع من التماهي بين الشخصيتين، بين سمير الكاتب والشبيهي، فكانهما توأمان، وقد تم
ذلك في إطار زمني امتد إلى خمسين سنة رجوعا بالذاكرة، منذ الصبا إلى مرحلة اختفاء
سمير الطوعي في ثورة الياسمين، حيث صار شهيد أحلامه الكبيرة واسطورة من أساطير
الحالمين. وتطرح هذه الرواية سؤال التجنيس الأدبي ؟ هل يتعلق الأمر بسيرة ذاتية،
أم غيرية أم رواية، وذاكرة للماضي ترصد حياة الشخصيات في ذات واحدة سورة وعي جماعي
يعالج ظاهرة الهجرة الحريك بوعی سیاسی نضالي أثناء معارك الفصائل الطلابية في الحرم الجامعي،
وما تعرفه الساحة العربية من مشاكل سياسية وسوسيوثقافية، من قبيل العطالة و الجنس
مقابل العمل.
لقد اهتمت
الرواية بموضوعة رئيسية تمثل حراك الربيع العربي، وتطرح قضايا الجنس والعطالة
والهجرة غير الشرعية و الثورة الرقمية التي شهدها القرن الحادي والعشرون في -
أساطير الحالمين؟ وما خصائص خطابها السردي؟ وما هي الأبعاد التخييلية للشخصيات .
1- العنوان عتبة تمويهية
ينم عنوان
الرواية عن دلالة تنفتح على مغامرات و حکایات و اقع بشكل تخییلی خرافي، حيث
استهدفت هذه العتبة النصية تنبيه المتلقي ولفت اهتمامه أدبيا ويكشف العنوان عن
ثيمة النص، حيث يتبين أن دلالة ”أساطير الحالمين» تشکل قطب معاني الرواية في
مغامرة مشكلة الأفق توقع المتلقي، ويشير العنوان إلى هذه الثيمة في بعد أسطوري يطبعه
الحلم بالهجرة إلى الفردوس الأوروبي قبل أن تتكشف المغامرة على وهم وغياهب سجون
مدينة جرسیس بتونس بعد محاولة العبور إلى إيطاليا، والتي تمخضت عن موت شخصية البطل
سمير، يقول السارد: مغامرته هناك ما أقساها.. بل ما أقسى الإنسان على أخيه
الإنسان.. هناك سمير سيفكر في الحريك لو كان البيت يتنفس الدفء وحياة العفاف
والكفاف والغنى عن الناس»2.
تحضر في هذا
المقام لعبة المغامرة والتمويه في طابع تخییلی، يجسده غلاف الرواية الذي يقدم صورة
لأمواج البحر العالية وليلة مظلمة ينبعث منها العنوان بلون أبيض يوحي بأساطير
الحالمين، ويقوم هذا التوليف بين العنوان والرسم بالايهام بالمغامرة بوصفها معطى
أوليا لمضمون الرواية، لكن سرعان ما يخيب أفق التوقع أثناء قراءة الرواية، حيث
تظهر قضایا أخرى تهم السياسة والديموقراطية بالمغرب والعالم العربي وما عرفه
العالم من ثورة تكنولوجية ورقمية.
وتطرح أساطير
الحالمين» سؤال التجنيس الأدبي من خلال تنصيصها على كلمة رواية في الغلاف الأول،
ثم على عبارة ” السيرة الغيرية»3 في المتن، وهو ما اعتبرناه من الإيهام المقصود،
الذي يدفع القارئ إلى التساؤل عن الحدود الفاصلة بين واقعية م من احداث وبين تخییلیتها.
فالميثاق الروائي يدفعه إلى الإقبال على الرواية بتصور يمنح البعد الخيالي مساحة
أوسع، فيما التركيز على السيرة الغيرية يجعله يعيد النظر في هدا الميثاق ويشك في جدواه.
يقوم العنوان إذا بإثارة انتباه القارئ ومحاولة بناء أفق توقعه الذي يضع من خلاله
2- الرواية، ص، 73، 74.
3 - الرواية، ص، 4.
أسئلة أولية في
فهم النص وخطابه، إلا أن هذا الأفق سرعان ما يخيب في متاهات عوالم الرواية :
الكتابة والهجرة والبطالة وتعدد الأصوات وتفاعل الذوات، مثير مسألة تمييز الواقع
من الخيال. وهو ما يضعنا أمام تلك الاحتمالية التي يصفها أحد النقاد بالقول:
"اقتران
بالسرد الروائي ونظریات التأويل.. يهدف کشف وظيفة الاحتمال الإبستمولوجية ، وظيفة
إنتاجية تفضي لبناء أبعاد متعددة ومتنوعة للنص السردي4
لقد شيد المؤلف انطلاقا
من العنوان عالما تخييليا وفق استراتيجية تمويهية، تأخذ فيه
مغامرة الأساطير
بعدا غرائبيا يشير إلى الحالمين وهم يصارعون متاهات الحياة ورحلة بحث عن المفقود،
في مغامرة الهجرة وفي سياق عالم الكتابة وركوب أمواجها، وهذا ما جسدته "
شخصية رمزي الكتبي، الذي يقول: قبلت بركوب عباب هذه المخاطرة الإفضائية بصحبته .. أهو الشبيهي أم أنا الكتبي المفلس وكاتب سيرته ضمن ميثاق الصداقة
التي تربطنا .5، في هذا السياق نبحث عن مسألة تجنيس المؤلف.
2- متاهة التجنيس عند الكاتب والقارئ
عرفت الدراسات
الأجناسية اهتماما كبيرا من لدن الباحثين المعاصرين، وصارت محط نقاش و مجالا
لصياغة المفاهيم والنظريات وطرح الإشكالات، من هنا فإن إشكالية التجنيس في رواية
أساطير الحالمين تكشف عن تداخل الرواية مع جنس السيرة في تصور إبداعي تجريبي ثار
على ما هو كلاسي، من أجل الدفع بالمتلقي إلى الرقي بذوقه الفني أثناء القراءة،
والإمساك بالعوالم التخييلية للعمل الروائي ومن غلاف المؤلف نجد تجنيسه في عالم
الرواية، يوجه القارئ إلى خصيصات الرواية من استراتيجيات كتابية وعناصر سردية
خطابية، إلا ان المفاجاة تاتي مع أول عبارة في المتن وهي كتابة السيرة الغيرية، إن
كتابة سيرة الآخر لهی اصعب الكتابة الأدبية إذ أنها تروم نقل لغة المحكي الشفهي أو
المحكي بحياة الآخر إلى محكي مکتوب يقوم أساسا على ميثاق الوفاء لشهادة الناطق في
كلام بوحه مثلما في كلام صمته ايضا.. لأن للصمت أحيانا لغته ورمزيته الممهورة
بالاشارات الحاسمة في بنية المحكي. ياخدنا المؤلف في هذا إلى نطاق السيرة الغيرية.
ما تطرحه من مزج بين الواقع والتخييل في تلاحم فني وتجريب روائی حداثي يكشف عن لعبة سردية
أخرى سيرة ذاتية تعبر عنها شخصيتا الشبيهي ورمزي؛ الشبيهي الراوي ورمزي الكتبي،
وذلك في انصهار الذاتين في کينونة واحدة، يقول السارد: واتفقنا
أيضا
تمارة: السرد
الروائي ونظرية الاحتمال التأويلی، محلة علامات العدد 53، 2020، ص، 37.
ها - عبد الرحمن
التمارة: السرد الرواني
- الرواية ، ص، 5. 6- الرواية، ص، 4.
على أن أتجنب
طرح الأسئلة عليه حتى لا أوجه سيرته الذاتية في الطريق الذي سيفضي إلى تداخل
سيرتنا معا‘‘7.
و تبعا لذلك
يمكن القول إن أساطير الحالمين» نص بهويات أدبية مختلفة تتحاور في قالب روائي،
تتحدد معالمه في كتابة أدبية تخييلية تتجلی في شكله وخصيصاته ولغته الأسلوبية
وبنيته الحكائية ووظيفته السردية وطبيعة مضمونه، ضمن أجناس خطابية متنوعة أسهمت في
دفع المؤلف نحو إبداعية منفتحة ترفض نقاء النوع وكسر المحدود في مزج وترکیب
لمكونات الحكي وفي تأليف سردي وطريقة كتابية إبداعية تضمن الجمالية و في التعبير
وفي تفاعل نصي وتداخل اجناسي، وبلغة غير منتهية، انطلاقا من عدم محدودية النصوص
وأن اللغة ليست بريئة وخصيصا أثناء الكتابة وهو ما يعبر عنه رولان بارت يقول: إن
كل أثر مکتوب يترسب ترسب العنصر الكيماوي: فيكون في البداية شفافا بريئا ومحايدا
ثم تظهر ديمومته البسيطة كل ماضيه المؤجل، وتبرز كل شيفراته التي تتكشف بالتدريج .
من ثم فإن
فاعلية التلفظ في الخطاب السردي بين الذاتي والغيري تعبر عن وظيفة تفاعلية بين
مكونات السرد بشكل أكثر انصهارا وانشدادا للأصل الروائي بفاعلية وأسلوبية متحركة تفجر
دلالات لا متناهية في تجنيس الخطاب داخل النص، حيث إن النص الأدبي خطاب يخترق
حاليا وجه العلم والإيديولوجيا و السياسة ويتطلع لمواجهتها وفتحها وإعادة صهرها...
يقوم النص باستحضار كتابة ذلك البلور الذي هو محمل الدلالة في البعد اللامتناهي 9
لقد استندت هوية
النص إلى هذه الحوارية بين السير ذاتي والسير الغيري في قالب روائي بتفاعل وتداخل
هويات سردية، ووفق نسق تواصلي تفاعلى خطابي يستفيد من تطور نظرية الأجناس المنفتحة
على إمكانات التفاعل والتحويل وعلى حرية الفن في ممارسة له الخفاء والتجلي، وهذا
ما نزعت إليه أساطير الحالمين» من حرية في الكتابة وتجريب و بعيدا عن الحدود
والانصياع للقوانين الصارمة، فأحدثت فاعلية في سيرورتها السردية تكشف الواقع الخفي
الذي شهده العالم العربي في أحداث الربيع العربي.
،
مركز الإنماء الحضاري، ط1، سوریا، 2002، ص، 5
ويقال للنشر،
ط2، الدار البيضاء، 1997، ص
7 - الرواية، ص، 5، 6. 8- رولان بارت:
الكتابة في درجة الصفر، ترجمة محمد ندیم خشفة، مركز الإنماء اخصا و - جولیا کریستیفا:
علم النص، ترجمة فريد الزاهي، مراجعة عبد اجد
.14 ،13
يرتبط التخييل
الذاتي بمجموعة من الأشكال الكتابية في إطار مفهوم الأنا الذي يتشكل في الكتابة
الروائية في علاقتها التواصلية بين السارد والمؤلف والشخصيات وإن تعدد آليات السرد
وتقنياته وفق حبكة مادتها الكتابة أثناء تقاطع الواقع والتخييل واستحضار الذاكرة المحتملة
لتأويل مرجعي روائي سير ذاتي أو غيري وعندما نتطرق ل"اساطير الحالمين»، نجد
أن المؤلف قد خلق تقاطعا بين الواقعي والتخييلي أفضى إلى خلق عوالم حكائية
تقوم على سيرة مزدوجة بين الشبيهي ورمزي من خلال صوغ الوقائع في قالب سردي قائم
على التفاعل بين الذاتين في أكثر من خمسين سنة عاشتها الشخصيتان معا . اختفاء رمزي
الذي صار شهید ثورة الياسمين، يقول السارد: قال رمزي مفرقعا أصبعه في الهواء كأنما
على فكرة طائرة: شهيد الياسمين... رد عليه الشبيهي: لا لا بل إنه شهيد أحلامه
الكبيرة“10.
إنها أحلام
الواقع في هجرة كثير من المعطلين عن العمل، نحو أحلام مفقودة صارت أساطير، تحكي
حياة سمير وتستعيد شريطها منذ الطفولة إلى الضياع والاختفاء، إنها ذاكرة تختزن
أحداث الطفولة ومغامرات النضال أيام الجامعة والصراعات بين الفصائل في ساحة الحرم
الجامعي والمعارك الجديدة والتفكير في الهجرة، على هذا الأساس نقل الراوي قصة
التقاء رمزي بشخصية سمير في بعد واقعي قائم على النقل الحرفي للوقائع، حيث كشف عن
رغبة رمزي في جمع المال والذهاب إلى كتامة من أجل ذلك، يقول السارد: التقى سمير
برمزي.. تحادثا معا عن السفر إلى كتامة في الغد بصوت خفيض ومهموس وكأن باب الجنة
فتح في وجه سمير.. ضربا موعدا في الغد على الساعة الثامنة صباحا بمحطة الحافلات
غير أن رمزي كان يخشى على سمير أن يفشي سر السفرة إلى والده أو والدته، ما يعني
ضمنيا التجارة في المخدرات إلا أن سمير كان في حاجة إلى المال للحريك وليس
للاغتناء من بيع الحشيش.. افترقا على ما اتفقا عليه.. “11
لا شك أن تداخل
الواقعي بالتخییلی جعل تقنيات الكتابة في الحكي تخلق ذلك الالتباس الذي يجعل
الحدود بين الواقع والتخييل غير واضحة، وانطلاقا من هذا الخطاب السردي القائم على
تقاطع الواقع والتخييل تكتسب الشخصيات أبعادا دلالية قائمة على بناء سردي تخييلي
بمرجعية واقعية للذوات حيث إن ذات السارد هي من قامت بإدارة الفلاش
10 - الرواية، ص، 261. 11 - الرواية، ص، 58.
،
والذاكرة، ويبدو الحكي شبيها بالف ليلة وليلة، يولي السارد: «فرقع رمزي أصبعه في
الهواء معلنا عن توقف التسجيل.. سطوب.. سطوب.. سكت الشبيهي عن الكلام المباح. من ثم اختفاء كل من سمير ورمزي، ونقل وقائع تورة
الياسمين بتونس مصر، انتخابات مصر: فوز كاسح للحزب الحاكم و10 مقاعد للمعارضة الانتفاضة الشعبية التي شهدتها العديد من
محافظات تونس احتجاجا على البطالة وترديالأوضاع الاجتماعية، لا تزال تعيش مرحلة
تمدد يظهر أنها أبعد من حركية مطلبية، مرحلة كبت سياسي مستمر منذ عام 1987
.
تجسد البعد
الواقعي في الرواية من خلال الحادث المأساوي للشاب التونسي البوعزيزي، يقول
السارد: يوم 17 دجنبر 2010 لوحظ تشديد للإجراءات الأمنية في سجن ميدنين المركزي
بعد أن قام شاب اسمه محمد البوعزيزي بائع خضر متجول في مدينة سيدي بوزيد بإضرام
النار في نفسه بسبب اعتداء شرطية عمدت إلى صفعه وحجز عربته في بلدية المدينة .
يمكن عد هذا
الحدث واقع بعملية تخييلية، .مسوغ لغوي سردي، أساسه تخييل الواقع في تسريد الأحداث
و برؤية فنية جمالية، يتقاطع فيها التخييل و الواقع، عبر مستوى الذاكرة والفلاش
باك وإنتاج محكيات واقعية تحرك وجدان القارئ باسترجاع أحداث ثورة الياسمين وما
تناقلته وسائل الإعلام، وهذا جلي في قول السارد أثناء نقل واقعة الرجل الذي خرج
إلى الشارع وهو يقول: "لقد هرمنا.. لقد هرمنا .. من أجل هذه اللحظة التاريخية.
14.
هكذا صار بناء
الأحداث برؤية ذاتية يطبعها الواقع والتخييل بفنية جمالية، و بصنعة التخييل السردي
الذي شكل فيه الذاتي والغيري أداة للتعبير وكسر الحدود بين ما هو سير ذاتي وغيري،
واقعی و تخییلی، وفق نسق أكسيولوجی 15، بأبعاد متنوعة في إدراك الواقع، الذي يشكل
بعدا مرجعيا للعالم الروائي في محكياته، بوصفه نسقا اجتماعيا، له ارتباط متين بالمجتمع.
12 - الرواية، ص، 139، 140. 13 - الرواية،
ص، 245. 14 - الرواية، ص، 246. 15 - الميلود عثماني: سيمائيات الوعي والبحث عن
الخلاص: معالجة سيميائية ما بعد حدانيه التخييل الحكائي في رواية قاعة الانتظار
للزهرة رميج، دراسات نقدية، مر کر 2021، ص، 18
دانية و
الدراسات الثقافية، ط ، المغرب
بالعودة إلى هذا
البعد الواقعي / التخييلي، يتضح أن الاختفاء مرتبط بتخييل الواقع في بعده
الاجتماعي
من حیث القلق
والتوتر الذي يعيش على إيقاعه العالم العربي عبر قضايا سياسية واجتماعية
واقتصادية، من ثم شكل الاختفاء أثناء الهجرة غير الشرعية للمجتمعات العربية، وفضح
الواقع من خلال توظيف شخصیات ببعد رمزي ضمني غير مباشر، فسمير المختفي هو رمزي
ونفسه الشبيهي.
خاتمة
لقد هدفت هذه
الورقة إلى دراسة آليات الكتابة الروائية عند الكاتب عبده حقي من خلال رواية
أساطير الحالمين» التي أبانت عن حس نقدي للمجتمع العربي وواقعه المزري و التعبير
عن قضاياه الاجتماعية، بلغة أدانت سیاسته، وفق بناء تخييلي يعتمد على تداخل
الأجناس، وهذا ما يجعل هذه الرواية نصا إبداعيا يؤسس لخطاب نقدى عند عبده حقي،
ينتقد من خلاله الواقع برؤية أدبية بعيدا عن لغة الصحافة التي صارت مبتذلة ووفق
تشکیل سردي خطابي، يكشف عن الألم والجراح التي يجترها العالم العربي، متوسلا في
ذلك بتقنية الفلاش باك وتداعي الذاكرة واستثمار صوت الناقد الذي يخاطب القارئ
الضمني كي يفك شفرات النص، ومن ثم أسفرت هذه الورقة عن بعض النتائج:
- المتتبع لمسار عبده حقي يدرك بجلاء
نزوعه نحو ثلاثية أو خماسية في الكتابة الروائية التي تخلخل البنية السردية
المعتادة، والثورة على ما هو كلاسي تقليدي.
- تبحث الرواية عن أشكال جديدة داخل
متنها برؤية حداثية تجريبية . - تجاوز المألوف واستحداث ثيمات جديدة، تحابه سلطة
الكتابة
.
- الجمع بين بعض الأجناس الأدبية في
فاعلية جمالية مختلفة وفق معمار فني للرواية من سياسة و ذاكرة تاريخ و سوسيولوجيا
وسيكولوجيا....
- خرق حدود التجنيس والمزج بين أجناس
متعددة في نص واحد.
- انتقاد المجتمع العربي إبان أحداث
الربيع العربي، والتعبير عن هموم الذات * المتمزقة منذ 1967 و1987.
- تداخل جنسي السيرة والرواية. - تفاعل
الرواية بين الواقع والتخييل.
توظيف مفهوم
الأسطورة في العنوان توظيفا ضمنيا لا يدركه القارئ بشكل مباشر، برؤى جديدة ودلالات
تعبر عن موقف الكاتب النقدي وفلسفته في الحياة. |
- تعد رواية أساطير الحالمين لعبده حقي
عملا أدبيا يتقاطع فيه الواقعي والتخییلی، ويتداخل التاريخ والذاكرة و الثقافي
والسياسي والديني.
- انهيار الحدود الفاصلة بين النص
والمؤلف والقارئ، ليصبح النص محفلا للإنتاج والتلقي.
أستاذ باحث في
السرديات - الدار البيضاء