قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على السلطات الجزائرية أن تضمن استقلالية وحياد وفعالية التحقيق في الاختفاء القسري الذي استمر 20 يومًا للناشط عبد الحميد بوزيزة.
وأمرت السلطات القضائية في تلمسان بفتح تحقيق في نوفمبر/تشرين الثاني، ولكن في ثلاث حالات على الأقل وثقتها منظمة العفو الدولية، لم تسفر التحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان في الجزائر، مثل الوفيات المشبوهة في الحجز أو تعذيب نشطاء على أيدي الشرطة، عن تحقيق العدالة وتعويض الضحايا.
وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “بحثت عائلة بوزيزة ومحاموه بيأس عنه طوال أسابيع، بينما حجبت السلطات معلومات عن مكان وجوده. وهذه السابقة مقلقة للغاية. ينبغي للسلطات الجزائرية أن تسلط الضوء على ما حدث لبوزيزة، وأن تقدم المسؤولين عن اختفائه القسري إلى العدالة”.
“إنَّ هذا الحادث هو جزء من نمط واسع النطاق من انتهاكات حقوق الإنسان في الجزائر، حيث احتجز مئات النشطاء والمتظاهرين تعسفًا، وتعرض العشرات للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي قوات الأمن. ومع ذلك، لا تزال قوات الأمن المسؤولة عن هذه الانتهاكات تتمتع بالإفلات من العقاب”.
في 19 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت قوات الأمن بوزيزة من منزله في تلمسان، وهي مدينة تقع في غرب الجزائر. وقامت عائلة بوزيزة ومحاموه بمحاولات متعددة لتحديد مكانه، في تلمسان والجزائر العاصمة والبليدة، لكن الشرطة في تلمسان نفت احتجازه. ونفت السلطات القضائية في المدن الثلاثة توجيه اتهامات له أو أنه من المقرر أن يمثل أمام محاكمها. ولم تتمكن أسرته ومحاموه من تحديد مكان وجوده أو الاتصال به أو زيارته.
وفي 6 نوفمبر/تشرين الثاني، قدم محامي بوزيزة شكوى أمام محكمة تلمسان يطلب فيها التحقيق في الاختفاء القسري لموكله. ولم يؤكد المحامون الذين ذهبوا إلى محكمة بوفاريك لمحامي بوزيزة في تلمسان أنه مثل أمام محكمة بوفاريك في 24 أكتوبر/تشرين الأول إلا في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، وأكدوا احتجازه في سجن حي الدرويش في البليدة، المكان الذي يبعد أكثر من 470 كيلومترًا عن مسكن الناشط وأسرته. وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني، استمع النائب العام لمحكمة تلمسان إلى شهادة أفراد أسرة بوزيزة بشأن الشكوى التي قدمها فريق الدفاع. وفي 10 نوفمبر/تشرين الثاني، تلقى بوزيزة أول زيارة له إلى السجن من قبل شقيقه ووالدته.
ويشتبه محاموه في أنه محتجز بتهم تتعلق بالإرهاب بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي حول اعتقالات ومحاكمات نشطاء آخرين في البلاد.
منذ أفريل/نيسان 2021، لجأت السلطات الجزائرية إلى استخدام أحكام مكافحة الإرهاب في قانون العقوبات على نطاق واسع لمقاضاة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعبرون عن آراء معارضة على الإنترنت أو يشاركون في احتجاجات سلمية.
خلفية
في السنوات الماضية، لم تحقق الجزائر بشكل فعّال في انتهاكات حقوق الإنسان في حجز الشرطة، بما في ذلك حالات الوفاة وسوء المعاملة والتعذيب. وفي مارس/آذار 2021، رفضت قاضية في محكمة البيض فتح تحقيق في مزاعم تعذيب الناشط أيوب شحطو، الذي قال إنه تعرض للاغتصاب من قبل ضباط شرطة. وحتى اليوم، لم تعلن السلطات عن نتائج التحقيقات التي فتحت في وفاة المتظاهر السلمي رمزي يطو والمدافع عن حقوق الإنسان كمال الدين فخار في الحجز، في أفريل/نيسان وماي/أيار2019 على التوالي.
وبوزيزة، 25 عامًا، هو ناشط منخرط في الحراك وينشر بانتظام على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي حول اعتقالات ومحاكمة النشطاء في الجزائر. وفي أفريل/نيسان 2022، أدين بوزيزة، إلى جانب 12 آخرين، غيابيًا وحكم عليه بالسجن لمدة عام وغرامة بتهمة “التحريض على التجمهر غير المسلح” في أعقاب مشاركة الأفراد الـ 13 في مظاهرة في شوارع تلمسان في 19 مارس/آذار 2021.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة ” الإساءة الى رئيس الجمهورية” و” إهانة هيئة نظامية” و”نشر أخبار كاذبة من شأنها المساس بالأمن العمومي” و”التحريض على التجمهر غير المسلح” بعد نشره خمس منشورات على الإنترنت، تضمن بعضها انتقادات للرئيس الجزائري والمخابرات الجزائرية، وتضمن واحد منها دعوة إلى استئناف الاحتجاجات في الشوارع. وخففت عقوبته في الاستئناف وأفرج عنه في فيفري/شباط.
بموجب القانون الجزائري، يمكن احتجاز المعتقلين بتهم الإرهاب في حجز الشرطة لمدة أقصاها 12 يومًا، ويجب السماح لهم بالتواصل مع أسرهم وزيارتهم.
ولم تصدق الجزائر بعد على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. ومع ذلك، فإن حظر الاختفاء القسري منصوص عليه في عدد من الصكوك الدولية الملزمة للجزائر، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.