-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

فوضى المؤسسة التعليمية، واستقالة الادارة التربوية :محمد الحوش

لن نبالغ إذا قلنا إن نظامنا التعليمي المغربي وصل درجة الصفر، وهذا الحكم ليس تجني عشوائي على الوضعية الحالية، بل إنه توصيف لما هو حاصل، فمصدر هذا التوصيف ليس الملاحظين الخارجيين ولا أعداء الوطن. بل إن تقارير الهيئات المكلفة بتسيير شؤون النظام التعليمي تعترف بذلك وتقره بالأرقام والمؤشرات الدالة.
إن الاعتراف بهذه الحقيقة يؤشر على مسؤولية جماعية لمختلف الفاعلين والمتدخلين في المنظومة التعليمية، فمن غياب الإرادة السياسية للإصلاح لدى النظام السياسي، وما يخلقه ذلك من ترهل لدى مختلف الفاعلين في القيام بالأدوار المنوطة بهم، إلى ظهور نوع من التخلي الأسري عن أطفالهم بالنظر لعدم القدرة على متابعة ابنائهم، أو عدم الوعي بأهمية هذه المتابعة، مما يضطرهم إلى الاستقالة من تربية أبنائهم اعتقادا منهم أن المدرسة مؤسسة وحيدة كفيلة بالتربية، متناسين أن ما يقضونه في الشارع أو أمام التلفاز أو أمام وسائط التفاعل الاجتماعي لا يعادل شيئا مما يقضونه في المدرسة. إضافة إلى هذه العوامل هناك عوامل أخرى ترتبط بالاختيارات البيداغوجية، وبتغليب المنطق الاحصائي العددي، وليس احترام كرامة التلميذ وإنسانيته في تعليم مناسب يقيه شرور العصر ومتطلباته.
إن مختلف هذه العوامل أدت إلى فوضى في المؤسسة التعليمية، وما يزكي هذه الفوضى والعشوائية هو استقالة الادارة التربوية من أداء مهامها، والاكتفاء بأداء الأدوار الرسمية فقط، التي تشبه أدوار "المقدم" إلى حد بعيد. إن إدارة تربوية بهذا المعنى –وإن كانت لها ظروفها أيضا في ظل العلاقات البيروقراطية القائمة- لتعتبر شرا يهدد العملية التعليمية برمتها، ويزيد من قبح الوضعية الحالية. ذلك أنها تساهم في خلق جو مكفهر داخل المؤسسة مناف لما هو مطلوب من توفير جو العمل التربوي والتضامني بين مختلف الأطر التربوية والإدارية العاملة بالمؤسسة.
ويمكن تعداد مجموعة من مظاهر الانحطاط الناتجة عن هذا النوع من الوضعيات في مجموعة من العناصر:
-         هدر الزمن المدرسي، من خلال التسيب الحاصل في المؤسسة وعدم ضبط  أوقات الدخول أو الخروج.
-         انحطاط الأخلاق التربوية داخل المؤسسة، وهو ما تعبر عنه كتابات التلاميذ على الجدران، والتي تعبر عن بؤس واقع المؤسسة نظرا لما تحمله تلك الكتابات من كلمات خادشة للحياء، وهي في الحقيقة تعبير عن مخرجات التربية الأسرية والمدرسية على حد سواء.
-         الدفع نحو اعتماد تقويم تربوي لاتربوي يعمد إلى النفخ في نقط التلاميذ بدون استحقاق، بداعي الرفع من نسبة النجاح، واحترام ضوابط الخريطة المدرسية.
-         الاستقالة من أداء الأدوار التواصلية بين الفاعلين، والمساهمة في منع بعض الأنشطة التربوية وتجميد أدوار الأندية التربوية تفاديا "لصداع الرااس".
إن هذه العوامل وغيرها، إن كانت مرتبطة بحالات معزولة في نظامنا التعليمي، إلا أنه وجب التنبيه إليها، ورصد العوامل والأسباب المؤدية لها. فمن خلال ملاحظاتنا الميدانية يتأكد أن الظروف الشخصية للساهرين على الادارة التربوية تلعب دورا جوهريا في الوصول إلى هذه الوضعية. وذلك نظرا لطبيعة فهمهم المشوه لأدوار الادارة التربوية بكونها امتلاك للسلطة من أجل تفريغ القهر النفسي الذي من المحتمل أن الشخص عاشه في حياته اليومية أو في علاقته الإدارية. إن فهما للإدارة التربوية بهذا المعنى، وليس بمعنى مقترن بالمسؤولية والليونة واحترام القانون يؤدي إلى مجموعة من المظاهر السلبية في إطار علاقات الفاعلين داخل المؤسسة:
1.    علاقة إدارة-مدرس: تتحول هذه العلاقة إلى علاقة من الصراع واللاتفاهم الذي يؤدي إلى تشنجات تؤثر على السير العادي للدروس، والضحية هنا هو التلميذ.  لذلك ينتفي مفهوم المؤسسة بمعناها العصري، وتتأسس العلاقات على ضوابط تقليدية قائمة على "شد لي نقطع لييك".
2.    علاقة إدارة- إدارة: وهي بالأساس تستند إلى مفهوم الأمر والطاعة، فتعمل الإدارة التربوية على إسقاط نفس هذا التعامل على المدرسين والتلاميذ معتقدة أنه الأسلوب الأمثل في التعامل وليس الأسلوب التربوي، فهي بالأساس إدارة تربوية، وليس إدارة فحسب.
3.    علاقة إدراة- تلميذ: التي تؤشر على ديكتاتورية قائمة وعلى رسائل متناقضة موجهة للتلاميذ، فكيف نطلب من التلميذ التعامل بأدب ونحن غير مؤدبين معه، لذلك يلجأ التلميذ إلى الفضاء الفسيح من جدران المؤسسة ليسب ويلعن كل من يدعي أنه يربيه، وهو غير قادر على تربية ذاته، عبر تناسب سلوكاته مع ما يصرح به وما يقوم به.
إن وضعية مثل هذه لا يمكن إلا أن تزيد من تعقيد وضعية النظام التعليمي وجره إلى درجة ما دون الصفر، خصوصا إذا ما استحضرنا المساهمات السلبية لباقي الفاعلين، التي نعول على الادارة التربوية من اجل تقويمها في الحين الذي تحتاج فيه هذه الإدارة كفاعل أساسي لتقويم، يصوب أخطائها في سبيل الرقي بالنظام التعليمي والعمل على تحقيق غاياته المنشودة.


عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا