-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

المهرجان الوطني للمسرح في دورته السابعة عشرة بتطوان. بأية حال عدت يا مهرجان؟ محمد رياضي

المهرجان الوطني للمسرح في دورته السابعة عشرة بتطوان. بأية حال عدت يا مهرجان؟ محمد رياضي
واقع وآفاق!
احتضنت مدينة تطوان، في الفترة المتراوحة بين 27 اكتوبر و4  نونبر 2015، الدورة السابعة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح المنظم من طرف وزارة الثقافة. وعلى الرغم من أهمية هذه التظاهرة الثقافية والفنية وإشعاعها الوطني كموعد سنوي للفاعلين والمهتمين بالفن المسرحي فإن الزائر لمدينة تطوان في الفترة السابقة الذكر لن يصادف ولا منشور أو لافتة، في مدخل المدينة ولا وسطها، تعلن أن هناك مهرجانا للمسرح، إلا عند بوابة سينما اسبانيول والمركز الثقافي بتطوان ومراكز العروض بمارتيل والمضيق والفنيدق، كما لوحظ غياب المسرحيين المعروفين إلا بعض الوجوه البارزة كمصطفى الداسوكين وعبد الحق الزروالي ومحمد الجم.. وبعض أعضاء لجنة التحكيم كالمبدع المسرحي عبدالكريم برشيد، والممثل القدير محمد مفتاح، والكاتب المسرحي رضوان احدادو، والباحث الأكاديمي مصطفى الرمضاني.. والمحتفى بهم كالمسرحي المسكيني الصغير، وبعض أصحاب العروض المسرحية داخل المنافسة وخارجها..
لن أقول أن غياب المسرحيين ناتج عن موقف من المهرجان، ولن أتساءل في غموض انتقال أو ترحيل المهرجان من مكناس إلى تطوان، لا يهمني ذلك، ولا أريد أن أبحث في دواعي التغيير، ولا في كواليس سوء أو حسن نية بعض من في الوزارة، لأني أعشق تطوان والشمال من وجدة إلى طنجة، وأية مدينة مغربية تشرف احتضان المهرجان الوطني للمسرح، ولا أدافع عن مكناس لأني مغرم بها منذ الصغر، ولكن فكرة النقل والتغيير من وسط شمال المملكة إلى شمال شمالها أكثر لا يخدم المسرح ولا المسرحيين، فمن الطبيعي أن يغيب الغالبية المحترفة والهاوية للمسرح بسبب بعد المدينة عن مناطق المغرب الجنوبي من مكناس؛ بعيدة عن مدينة الدار البيضاء التي انطلقت منها، وبعيدة أكثر عن مراكش، وأكثر عن أغادير،وأكثر أكثر عن العيون.. وقد أسال هذا النقل الغامض وغير المبرر الكثير من المداد على صفحات الجرائد ومواقع التواصل ألاجتماعي، بالإضافة إلى بروز ظاهرة الشللية والإخوانيات ومنطق التهافت، مما يسيء إلى الفاعل المسرحي وإلى فعالية فنية وجمالية بحجم هذا المهرجان.
فلا يليق بمهرجان بلغ السنة السابعة عشرة من عمره، مسرح احترافي وطني أن يكون عاريا من الاحترافية والنضج الكافي والمسؤولية الثقافية والوطنية، سواء على مستوى التنظيم والتنسيق، والحضور الباهث للمنظمين من أطر الوزارة الوصية في عين المكان أي بمدينة تطوان، اللهم في حفل الافتتاح والاختتام، وكأنهم من بقية المدعووين، ناهيك عن غيابهم التام في فضاءات العروض التي قدمت بمدن مارتيل والمضيق والفنيديق.
ولعل من مظاهر الارتجال ما عرفه حفل الافتتاح من هزالة لم تزدها استعراضات الاستثقاف والتمسرح الفارغ إلا رداءة، تحولت معها خشبة الافتتاح على يد المنشط إلى حلبة للارتجال الضعيف والتهريج الفارغ للمسرحية المقدمة؛ الشيء الذي يقتضي إعادة التفكير مليا في كيفية تنظيم مهرجان بهذا الحجم في مختلف محطاته وفقراته، باستيعاب عميق لذاكرته والتي تقارب العقدين ومآله المستقبلي، إذا ما اقتنعنا بأن المجال الفني في بعده الوطني يقتضي الترفع عن المحسوبية والزبونية والحزبية وإرضاء المنافسين الخصوم..
ولئن كانت هذه الدورة من المهرجان قد عرفت اختلالات متعددة على مستوى التنظيم والتسيير والتنسيق، فإن أغلبية العروض المقدمة في إطار المسابقة الرسمية قد تميزت بالضعف الشديد إلى حد الضحالة؛ مما يؤشر على عدم الجدية في اختيار العروض من جهة، وعلى وقوع لجنة الدعم في مطبات لجان الدعم المتعاقبة، الشيء الذي ينعكس على المشهد المسرحي المغربي وطنيا ودوليا، حيث أصبحت العروض المسرحية المغربية غير قادرة على المنافسة في المناسبات والمهرجانات العربية بل الدولية، ولنا في الدورة السابعة لمهرجان المسرح العربي المنظم بالرباط في شهر يناير 2015 من قبل الهيئة العربية للمسرح ووزارة الثقافة أصدق مثال، إذ لا يعقل أن تستضيف تظاهرة عربية بهذا الوزن، والمغرب يحتفل بمئوية المسرح المغربي، وتخرج العروض المغربية من المسابقات المنظمة بخفي حنين.
لقد بات من الضروري التفكير في وضعية المسرح المغربي وفي منظومة الدعم وتنظيم المهرجان، باستلهام التقسيم الجهوي الجديد؛ فإذا كانت الوزارة الوصية تدعم مثلا خمسة عشر عرضا مسرحيا في السنة، فلم لا يتم تحديد ست ملتقيات جهوية خلال السنة؟ على أن يتم ذلك بالتناوب بين جهتين متجاورتين في احتضان المهرجان كل سنة، وبذلك تكون لدينا ست مهرجانات سنويا، وفي كل مهرجان تتنافس عدد من المسرحيات الوطنية ليس بالضرورة أن تكون فقط من الجهة المحتضنة للمهرجان، ليتم تتويج خمس مسرحيات في ختام كل مهرجان، ويكون مجموع المسرحيات المتوجة خلال السنة هو ثلاثون عرضا مسرحيا.
وتلتقي هذه المجموعة المتوجهة في مهرجانات الحهة في مهرجان وطني جامع يقام نهاية السنة بعد آخر آجندة مهرجانات الجهة، مهرجان وطني للمسرح يقام بالتناوب بين الجهات الاثني عشر.. وأنا على يقين أن عشاق المسرح سيتحملون مشاق السفر، ماديا ومعنويا، وإن كانت المسافة بعيدة، لأني أعلم معنى عشق المسرح، ومن يعشق شيئا يتحمل في سبيله كل المعاناة لينعم به..
وتكون هناك لجنة للمعاينة والتقويم من أساتذة المسرح والفن لهم مصداقية، يصاحبهم في ذلك مسرحيون يمثلون الجهات الست، وبحضور الجمهور المؤدي لثمن التذكرة، بثمن رمزي خلال المهرجان، لا أن يفتح الباب لمن هب ودب، لملء القاعة بالضجيج والتصفيق المختل، خصوصا عندما تلفظ الكلمات السوقية، كما تباهتت بها بعض المسرحيات في مهرجان تطوان على حساب الفرجة والتربية..
بالإضافة إلى تقويم لجنة التحكيم للعرض المسرحي تضيف بعد ذلك أيضا نقاط محددة بمعايير مسبقة من طرف الوزارة الوصية، تكون قد اكتسبتها المسرحية ذاتها خلال عرضها السنوي، تؤخذ النقاط المحددة في شكل معايير مدروسة و مشروطة من طرف لجنة الدعم المسرحي التابعة للوزارة، وأهمها الموضوع، واحترام الذوق العام والالتزام بأدب النص المسرحي المغربي بنسبة تفوق الخمسين بالمئة من مجموع الأعمال المسرحية المدعمة سنويا، وتبقى النسبة المتبقية للنص المسرحي الأجنبي.
تضاف هذه النقاط المكتسبة خلال السنة إلى تقويم لجنة تحكيم المهرجان الوطني للمسرح لتعطي النتيجة النهائية المستحقة للمسرحية.. وبهذه الطريقة سيتقوى التنافس الجاد، وتقصى العروض الضعيفة، ومن ضمن 30 مسرحية المتوجة جهويا ، تتوج 15 مسرحية وطنيا، المسرحيات المتفوقة بتدريج عدد النقاط إلى درجة 15، وهذه المسرحيات 15 هي التي لها حق الدعم المسرحي من الوزارة، وتكون فعلا تستحقه، وينتهي المهرجان بتتويج مسرحية الجائزة الكبرى والجوائز المرافقة الخاصة بالسينوغرافيا والإخراج والتمثيل وغيرها..
لاشك في أن العمل الجدي على ملف المسرح المغربي الآن سيعيده حتما إلى سنوات التألق والتميز وطنيا وعربيا ولم لا دوليا..

م. رياضي
 الدار البيضاء، نونبر 2015



  

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا