-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

لم تتركوا للحرة إلا ثدييها :داليا وصفى

عندما ظهرت صور وأفلام العناتيل المتوالية فوجئت بمن يضع كامل اللوم على النساء
والفتيات الموجودات بالفيديو أو الصور المختلفة مع العناتيل؛ وقلة قليلة من ألقوا اللوم على العنتيل ذاته وكان أغلب تلك القلة القليلة يلومونه فقط لأنه يدعي التدين ويفعل ما يخالف هذا التدين الظاهر في لحيته وجلبابه وزبيبة الصلاة البارزة على وجهه!!
وكان من ضمن التعليقات أن قالت إحداهن كفى إهانة للمرأة فالرجل شريك معها في هذا الفعل ونحن لا ندري ما الظروف والاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتي قد تكون طاحنة فإضطرتهم لهذا الفعل.. فتفضل أحد الذكوريين التائهين النائمين في عالم غير عالمنا قائلاً: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها.
لنبتعد عن العناتيل لنأخذ جولة سريعة في سوق العمل وما قد تواجهه المرأة المصرية حالياً في حالة رغبتها الانخراط في سوق العمل والحياة العامة ونرى بعض المشاهد في عجالة قبل أن نقول تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها؛ التالي مواقف متعددة وحكايات متشابهة سمعتها من صديقات وزميلات يبحثن عن عمل سواء لدرء الملل أو لدرء الحاجة أو لتحقيق الذات والكرامة:
 – موقف مررت به أنا شخصياً أثناء بحثي عن وظيفة وكانت شركة سياحية كبرى وبعد الاتصال وأخذ البيانات أخبرتني مديرة المكتب أن صاحبة الشركة أجنبية الأصل والجنسية ومثلية الجنس وتريدني في الاساس للترفيه عنها والوظيفة شئ جانبي وذكرت الموضوع تفصيلاً في مقالة سابقة.
– مكاتب مقاولات أو مكاتب سياحية تطلب للعمل “مدام؛ صغيرة السن؛ مزة (أه والله مكتوب مزة وشفتها بعيني) لا يشترط الخبرة؛ وأحيانا لا يكون هناك ذكر للخبرة؛ متفرغة (كثيراً ماتكون مدام ومتفرغة في نفس الأعلان وهذا يكون معناه كما فسرته أرملة أو مطلقة)؛ بجانب كل هذا نجد أن المرتب المكتوب أكبر من أن يكون لمبتدأة أو لشخص قليل الخبرة.- عند الاتصال بالارقام الموجودة على الإعلان يتم التنويه أن المطلوب هو سكرتيرة خاصة وبعدها مباشرة يتم سؤال المتصلة هل تعرفي معنى سكرتيرة خاصة؟ وتكون إجابة صاحب الإعلان سواء في حالة معرفة الإجابة أو عدم معرفتها هي أنه يريد سكرتيرة لعمل علاقة خاصة معها…
– حالات أخرى يتم فيها تحديد موعد لعمل المقابلة الشخصية الخاصة بالعمل وعند الإعجاب بشكل المتقدمة للعمل يتم التصريح بالعمل الحقيقي وهو لا يخرج عن كونه علاقة مع صاحب العمل أو علاقة مع افراد متعددة تحت قوادة صاحب العمل سواء كان هؤلاء الافراد مصريين أو غير مصريين.
والآن في ظل تلك الظروف الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها أغلب أفراد المجتمع المصري عموما والمرأة المصرية خاصة، وفي ظل زيادة نسبة النساء المعيلات أو المشاركات في إعالة الأسرة هل فعلا يمكن أن تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها؟
وهل الحرة عندما تجوع، تجوع وحدها أم يجوع معها فلذات كبدها؟ هل تتحمل أم جوع أبناءها أو حتى مجرد فكرة أنهم قد يتعرضوا يوما للجوع والبرد والمرض والمعاناه؟
يتشدق البعض بإنها من الأفضل أن تعمل بمسح أرضيات الحمامات العامة أفضل من أن تبيع جسدها وطالما هو عمل شريف فلا يهم وضاعته.. وهل مجتمعنا يرحم من تعمل بأي مهنة مهما كانت حتى يرحم من تعمل بمهنة وضيعة؟ كم مرة سمعنا كلمة ابن الخدامة أو ابن الفراشة او ابن اللي بتنضف السلالم بالمنازل وتقال كسبة وإهانة؟
طالما مهانة ومجروحة ويتم معايرتها في كل الأحوال، إذن فليكن الثمن غاليا.. فليكن الثمن شيئا تستطيع أن تدخره لحفظ أبناءها من الجوع والمرض، ليكن الانتقام ممن يستبيح جسدها هو مال كده وعرقه ومجهوده.. ليكن الانتقام من المجتمع كاملا مقابل توفير قوت فلذات كبدها.
والآن فلنتخيل سوية أن أبناءك هم أبناء الحرة، وأنت غير قادر على العمل أو متوفي أو أي شئ أخر يمنعك من توفير قوت يومك انت وابناءك، فهل توافق أن يجوع ويمرض أبناءك، أبناء الحرة؟
دعوا الخلق للخالق..

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا