تبَّاً لعنترة : ابراهيم يوسف- لبنان
تُبَّاً لأبي الفوارس عنترة
تبَّاً للحيته وشاربيه.. ورمحه
يخون عبلة.. ويستبدلها بباربي..!
تبَّاَّ لبطولاته وأصله وفصله
تبا لقَصِيْدِهِ وقوافيه وشعره
فيما يلي تعليق للصديقة الكاتبة أشواق على نص عشية
اليوم الأخير.. كتبه ابراهيم يوسف من لبنان. ولمّا لم يتسع باب التعليقات لنشر الرد
على التعليق كاملاً..؟ فقد توسلتْ أسرة التحرير نشر التعليق والرد عليه في آن معاً،
كموضوع مستقل عنوانه: تبَّاً لعنترة.
تقول أشواق في تعليقها على الموضوع:
بعد أن قرأتُ النص..؟ حدثتني نفسي "الأمَّارة
بالسوء" وخيّرتني بين السفر في رحلة ممتعة على متن مركبة فضائية، أو استعارة عبارة
من النص وتضمينها إحدى قصصي.. " والطائرة تعلو بنا تحت النجوم في سماء لا تدركها
سنوات طويلة من ضوء العقول، أو فوق غيوم كالأراجيح تُخصِّبُ القريحة الخاملة وتوحي
لها بألف خاطرة وخيال
".
تضيف أشواق صاحبة التعليق: هكذا شدتني المقدمة لمتابعة
النص حتى النهاية، في رحلة من رحلاتكَ المشوِّقة، التي اعتدتَ أن تصحبنا فيها معك،
فنسافر كالخاطرة بلا مشقة أو عناء كمن يعتلي في أحلامه متن بساط
الريح.
وهنا آتي إلى حديثك المثير عن "أفروديت"
رمز الحب والجمال والرغبات الجسدية، التي تزوجت ثم خانت زوجها وأنجبت ثلاث بنات. كنّ
منجذبات للعلاقة المثلية. و"اللات" عند عرب الجاهلية التي تقابل "أفروديت"عند
اليونان، "ومينرڤا" عند الرومان. وتروي إحدى الحكايات أنها دخلت الجزيرة
العربية على يد عمرو بن لحي الخزاعي، حين كان في الشام فجاء بها من "الأنباط".
كان لـِ"اللات" بيت في الطائف وكانت قبيلة
ثقيف تعظمه وتكسوه، وتسمّيه بيت الربّة، كما كان لها وادٍ جعلوه حرماً لا يُقطع شجره
ولا ينفر صيده وسمُّوه حرم الرّبة، وكان الناس يعظمونها ويقدمون لها القرابين ويعلقون
عليها القلائد والسيوف، إن عادوا من سفر أو همّوا بالخروج.
مثل هذه الأعمال وهذه الأخبار عن "أفروديت"
و"اللات" و"إساف ونائلة" و سوى ذلك، لهي أسوأ مثال لما توصلت إليه
العقلية البشرية المحدودة، التي استسلمت لإنتكاسات الفطرة، وشهوات النفس وتعطيل الفكر،
فبحثت عن الحقيقة في الخيالات والأباطيل.
من هنا نجد كيف أن
ظهور الأنبياء عليهم السلام كان ضروريا لإرشاد الناس، وتخليصهم من متاهة الكفر والجهل،
بتوظيف العقل، وتهذيب النفس، والسمو بالروح إلى أعلى المراتب. كما قال إبراهيم عليه
السلام: "إني وجهتُ وجهي للذي فطرَ السّماواتِ والأرضَ حنيفاً وما أنا من المشركين".
شكراً على النص.. وكل عام وأهلنا في لبنان بعافية
وخير
الرد على التعليق
تباً لعنترة
الصديقة النجيبة أشواق
أنا وكل ما كتبته
في خدمتك يا صديقتي.. فلا يصحُّ ولو من باب الأمانة الأدبية أن تستأذنيني لتستخدمي
من نصوصي ما يحلو لك ويعجبك. بل هو من دواعي اعتزازي وفرحي وصداقتي أن تثقي بي. وتغمريني
بعنايتك وصدق محبتك.
"من هنا نجد كيف أن ظهور الأنبياء عليهم السلام كان ضروريا لتخليص الناس
من متاهة الجهل، بتوظيف العقل، وتهذيب النفس، والسمو بالروح إلى أعلى المراتب"....!!
عن أي عقل يا صديقتي وتهذيب للنفس وفضلٍ للدِّين
وسمو بالروح تتحدثين..!!؟؟ سلسلة طويلة من
الحضارات والأديان تعاقبت وتواصلت يا صديقتي، وأخذت من بعضها البعض واستمدّت ممن سبقها
منذ بداية الخلق وحتى اليوم.. من الوثنية والأساطير المختلفة مرورا باليهودية والبوذية
والهندوس، فالمسيحية والإسلام وسائر الحضارات والأديان، وانتهت أخيرا بإقفال الباب
والقول: لا نبيّ بعد الإسلام.
نحن يا صديقتي بحاجة
لما هو إنسانيّ قبل أن تتلاحق أنفاسنا وتنقطع قلوبنا فننسى أهل الأرض ونَجِدُّ في الجري
وراء آلهة السماء. لا تقولي يا صديقتي ما هو دينيّ" إسلاميّ على وجه التحديد
" فهو إنسانيّ بالضرورة. هذه نظرية إن لم تكن باطلة..؟ فليست دقيقة على الإطلاق...
سأقول ما عندي ولن أدخل في التفاصيل، تجنبا لجدل بيزنطيّ عقيم.
ونحن ممن لا يحترمُون المادة التي كوَّنتْ أجسادنا،
مثلما نقدِّس الروح ونَحْصُرُ النجاسة والدّونية بالجسد وحده. نَشي ونَنِمُّ ونشتُم
بعضنا البعض في نفس الدَّين وضمن المذهب الواحد..! فما بالك عندما يختلف بنا الدِّين
بين مؤمن وكافر أو بين بوذيّ ملحد، ومسيحيّ مشرك أو سيخيٍّ لا أدري ما يكون..!؟ نختلف
في الحق ويتّفق السوى على الباطل..! ألم تكن هكذا أحوال العرب والمسلمين على مرِّ التاريخ..؟
"هل قتلتنا الردَّة وبات الواحد منا يحمل في الداخل ضدَّه"..؟ لنقوم
بعد القتل إمعاناً في تحقير الجسد "وسمو الروح" ببتر الأطراف، والتمثيل في
تقطيع رؤوس الأطفال دون أن تهتز الممالك والعروش، وتنهار عليهم جميعا سماء رحيمة لا
زالت تتفرج على ما يجري من بعيد..! أم أننا ننتظر نوحاً وسفينته مرة أخرى، ليهلكَ جميعُ
من تبقَّى من المفسدين..؟
أي إنسان سويٍّ مَخلوقٌ من بعض العواطف ومن عظم
ولحم ودم تابع نشرة أخبار الأمس، لا يمكنه أن يتحمّل المشهد وعهر الكاميرات ومحطات
التلفزة، تتسابق على خبر ذبح الطفل الفلسطيني بالصورة قبل الصوت، علي أيدي من يناصرون
وينصرون الله في ملكوته..!
نحن نعيش حقبة حاسمة من التاريخ، ينبغي أن نطلق
فيها نداء استغاثة وصفارة إنذارعلى مداها، ونصرخ بأصوات عالية تتجاوز سبع سماوات طباقاً
يحملها الإسراء والمعراج، يطلق العنان لفرسه المطهَّم الأصيل ويعبر بوابات السماء،
يجتاز الكواكب والمجرات لتبلغ الصرخة مسامع الرب ويهتز لها العرش العظيم، لعله لا يبقى
على الحياد..!؟
أين الضوابط والنواهي
والعهود..!؟ كان المشهد قاسياً وصادماً يا صديقتي، يحمل على البكاء مقرونا بالغثيان
المدمّر والهلع من هول ما يحدث..؟ خابت آمال الرُّسل ممن بشّروا وعلّموا العفو والتسامح،
وواكبوا الأديان واطمأنوا من بعدهم إلى سلامٍ يحكم الأرض، فلم يكن ماحققته الأديان
أفضل قليلا أو كثيرا مما حققته الإيديا الفكرية المختلفة كما عرفَتها البشرية على مدى
التاريخ.
وَكانَ بَيانُهُ لِلهَديِ سُبلاً ... وَكانَت
خَيلُهُ لِلحَقِّ غابا
وَعَلَّمَنا بِناءَ المَجدِ حَتّى ... أَخَذنا
إِمرَةَ الأَرضِ اغتِصابا
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي ... وَلَكِن
تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
هذا القول لأمير الشعراء شوقي من قصيدة سلوا قلبي
في مدح الرسول الكريم.. سأكتفي بوضع علامة تعجب تتلوها علامة استفهام، وخط أحمر تحت
عجز البيت الثاني بلا تعليق.
غزا المسلمون أوروبا واستعمروا إسبانيا، وبلغ حدود
نفوذهم من أطراف الصين إلى فرنسا، لينشروا الدِّين الحنيف ويعلّموا التسامح والغفران
كما يقولون، لتنبري أوروبا التي لم تتأثر بالفتح العربي، ولم تعتنق أو تؤمن يوما واحدا
بالإسلام ومعها العالم كله، لتجند كل طاقاتها وتتآمر على الإسلام المتهالك العجوز،
الذي لم يعد يشكل رؤية متماسكة تقوى على الاستمرار وتحقيق السلام المنشود، وبعض لسانه
يصرُّ على القول: هذا الآخر عدوك إن لم تقتله قتلك.
وأسطع دليل هول ما يحدث من ظلم وجوع وتهجير، وسفك
للدماء بغير حق ولا خوف أو خشية ورادع من ضمير. بل ما يفعلونه في اعتقادهم سيقودهم
إلى جنان الفردوس وقصور يقيمون فيها يطوف فيها ولدان مخلدون. في حدائقها أشهى أصناف
الثمار وأنهار من عسل ولبن، وخمرٍ يُنْشي ولا يُسكر، ووفرة خيالية من الحور الحسان.
كان أبي رحمه الله يلعن الشيطان إن أخطأ أو أصاب.
إذا حقّق نجاحاً أو حصد خيبة، إذا ارتكب معصية أو أنفق صدقة كان يلعن الشيطان..! تعالي
يا صديقتي نضحك بل نقهقه معا وبعدها فلنلعن الشيطان. ألم يكن شر البلية ما يضحك..؟
توصل المحقوقون في
التفجير.. هكذا قالت الأخبار إن اثنين ممن فجروا أنفسهم في "برج البراجنة"
من ضواحي بيروت الجنوبية، تناولا على الإفطار القريدس أو سمك الجنبري والكاڤيار، في
الفندق حيثما قضيا الليلة الأخيرة قبل ساعتين فقط من تنفيذ العملية الانتحارية، لتحفيز
الفحولة والطاقة الجنسية استعدادا عاجلاً لملاقاة الحور الحسان..!!!؟ فهل دهمنا مرض
انفصام الشخصية يا صديقتي لنضحك ونبكي سواء بسواء..!؟
المؤلم المخزي أن يحدث ما يحدث نصرة للدِّين..!
وأكثر الدماء التي أريقت عبر التاريخ كانت بفعل الخلاف والانتماء إلى الله "الصحيح"..!؟
فهل كان الله من أسباب إخفاقنا وبلوانا...!!؟ أستغفر الله وأتوب إليه من الوسواس الخنّاس،
ومن شرِّ الشيطان الرجيم. "سلامٌ على كفرٍ يوحِّدُ بيننا- وأهلاُ وسهلاً بَعْدَه
بجهنّمِ". هكذا قال الشاعر القروي رشيد سليم الخوري أحسن الله إليه وطيَّبَ تراب
مثواه.
اعذريني يا صديقتي على هذياني وارتباكي وخيبتي وانكساري..
فلم أنم ليلتي لشدَّة ما بكى قلبي وعيني المطفأة على عبدالله عيسى، الطفل الفلسطيني
الذبيح.. حتى اكتشفتُ التعبير الذي يليق بهذه الجريمة الدموية الهمجيَّة بامتياز..؟
ولكن فلنعرِّج لومضة سريعة على مظفّر النوّاب، الذي لم يبقَ له صاحب أو صديق.
"يا حامل مشكاة الغيب بظلمة عينيك
ترنّم من لغة الأحزان.. فروحي عربيّة"
تبا للعرب من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر.
تبا لعبد الناصر لم تقْتُله هزيمته المُنكرة، وتُبَّاً لأبي الهول والنيل. تبا لأم
كلثوم خدَّرتنا بصوتها دهراً طويلا. تبا لسلطان باشا الأطرش لم يَحْمِ أدهم خنجر. تبا
لمرسيل خليفة ومعه أميمة الخليل وحسن عبدالله وأجمل الأمهات، التي انتظرت ابنها وبكته
دمعتين ووردة. تبا للأخوين رحباني وفيروز تغرق في دافئات المنى وتصلي لزهرة المدائن
وبهية المساكن". تباً لمظفّر النوّاب ينكأ فينا الجراح ويجلدنا بلا هوادة أو هوان.
لكنني أتوسل إليك
مرة أخرى لكي أكمل مقالتي، أن تعذريني يا صديقتي على وضاعتي في استخدام مفردة بديلة
هذه المرَّة هي "السادس عشر والسابع عشر من حروف الأبجدية العربية على التوالي".لأنها
أبلغ وأصدق وأكثر دقّة وتعبيراً من "تُبٍّ"..!؟ استخدمتُها ومحوتُها مراراً
وتكراراً لكي لا أخْجِلكِ أو أجرحكِ فتتنكرين لصداقتي، وأنا أخدش مشاعركِ بقلة لياقتي
ووضاعة أصلي وفصلي.
تباً للكوفيّة والعقال رمز عزة العرب وفخرهم. تباً
لخيولهم الهجينة وجلابيبهم المرقّطة الوسخة، وربطات رقابهم المبتكرة أرْسانٌهم في أعناقهم.
تباً لقطعان الماعز أتلفتْ زرعنا وأتتْ على رزقنا وقوت عيالنا. وأخيراً؛ تباً لأبي
الفوارس عنترة، تبَّاً لسيفه وحصانه وترسه، تبَّاً للحيته وشاربيه ورمحه، تبَّاَّ لبطولاته
وأصله وفصله، تبا لقَصِيْدِهِ وقوافيه وشعره. تبَّاً لشئمته المسلوبة حينما باع كرامته
فلم ينتصر لعبدالله عيسى الطفل الفلسطيني الذبيح وصرفته "باربي" بساقيها
العاريتين عن الثأر لمحمد الدُّرَّة.
"لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيـّاً
ولكن لا حياة لمـن تنـادي
ولو نارٌ نفختَ بها أضاءتْ
ولكن أنت تنفخ في رمـادِ"
وبعد.. فليُزنَ بالأرض، وليزنَ بالثورة والعرض،
وليزنَ بالقدس عروس عروبتنا. قلتُ بعضَ ما في خاطري واكتفيتُ ولن أعودَ الليلة إلى
فراشي مكتئبا قانطا وقلبي كعادتي مثقلٌ بالأحزان. لا.. ولن أجلد نفسي مرة أخرى وأبكي.
شكرا لك يا صديقتي
على حسن الاستماع. ارتاح قلبي قليلا بوجودك وقلت القليل مما دفنته طويلاً في فكري وقلبي.
دعكِ من حضارة الهند والسند والأساطير اليونانية القديمة..؟ فالأساطير العربية التي
نعيشها أجدى وأجدر في تدوين السافل من تاريخ
التُّرْكِ والفُرْسِ والعُرْبِ.
إن كُتِبَتْ لنا
الحياةُ سنةً إضافية أخرى..؟ سنلتقي يا صديقتي في رمضان من العام المقبل، وربما احتجتُكِ
قبل حلول الصوم المبارك لكي تُصَلِّي صلاةَ الغائبِ عن نفسي، فتكسبي في الدنيا حسنةً
وفي الآخرة حسنة وتسلمي من عذابَ النار؟.
وإن خانني حظي في العيش حتى العام المقبل، ربما
بفعل سيارة مفخّخة في الطريق..؟ أرجو من الصديقة الطاهرة دينا من بيت لحم، التي دعتني
للكتابة عن مدينتها وعن القدس المحررة أن تسامحني ولا تحزن من أجلي، وأن تعذرني لعدم
قدرتي على تلبية دعوتها. لكنني فرَّجْتُ كربتي قليلا وكتبتُ تلبية لرغبتها ورغبتي ما
أمكن عن الشهيد محمد الدرة، وعبدالله عيسى الطفل الفلسطيني المذبوح، الذي لم يَفْدِهِ
ربُّه بِجَدْيٍ أعرج.. ولا فديناه بطيرٍ هزيل.
الصورة لسعد حاجو
أجمل الأمهات- هديتي إلى والدة الشهيد عبدالله عيسى،
ووالدة الشهيد محمد الدرة
ومع الهدية دموع صادقة لم أمسكها فانسكبت من عيني
المطفأة وقلبي الموجوع.
https://www.youtube.com/watch?v=chKDln4Tu60
زهرة المدائن وسنرجع يوماً إلى حينا- هديتي أيضاً
إلى الصديقة الطاهرة دينا من بيت لحم
HTTPS://WWW.YOUTUBE.COM/WATCH?V=6U-V6CEXHGG
HTTPS://WWW.YOUTUBE.COM/WATCH?V=6VDTZVKYWC8
شكرا للجميع.