-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

المرأة بعد عشرين عاما على انتظار قيادة السيارات … وماذا بعد؟؟

مر علينا عيد الأضحي المبارك ولا احلي .. كان لي عيدين. 
عيدنا الذي نقدم فيه اضحياتنا ونستمتع مع امي الجميلة بكل تقاليد العيد الثابته التي حرصت جميلتنا  مذ كنا صغارا على ان نعيشها
من خلال اجتماعنا بعد صلاة العيد في بيتها مع اطفالنا واستلام الضحايا ودعوة كل بنت من بناتها أو زوج وزوجه من أبناءها ومع أولادهما لتسمية ضحاياهم وذكر الشهادة والتربيت على  الخراف قبل التضحية بها !
أصدقكم …. 

 لا ازال أعيش هذا التناقض كل سنة ولا زلت أجد الخراف الخائفة ترفس  وتسحب برجليها  الى الخلف وتحاول التشبث بالأرض خائفة من النزول من السيارة الى مكان الذبح حيث تشم رائحة الدم وترى زميلاتها سقن قبلها للنهاية. 
…… لم يكن هذا الحدث هو الشاهد اليوم رغم أهميته 
الحدث هو ان  عيد هذه السنة صادف اليوم السادس من نوفمبر وهو اليوم الذي  قامت فيه  سبع واربعون أمرأة  (وكنت إحداهن)  بالخروج بشكل جماعي في مدينة الرياض  للمطالبة بحق المراة السعودية في قيادة السيارة وذلك قبل عشرين عاما اي بالتحديد في السادس من نوفمبر 1990.
 يموج العالم اليوم بكم ممن التغيرات  لم يشهدها بهذه السرعة او لعلنأ نقول لم يتوقعها لعقود  ..هاهي أحداث العالم  سريعه وغامضة ومركبة وسريه بطريقة أربكت ولا تزال مسار الأمم في سياساته واقتصادياته ومناخه وبتروله  وشبابه .
الكثير من ألأمم التي لم تعتد كيميائيات هذا التغير الذي  باتت تعيش على وقعه بحيث لا يملك كل منا الا ان ينظر الى نفسه ويقول أين نقع نحن من هذه الكيميائيات المتفاعلة ؟ 
هل تذكرون ذلك التونسي الذي ظهر في شوارع تونس بعد سقوط بن علي وهو يصيح :  لقد هرمنا لقد هرمنا… 
هذا نحن هنا مع هذه القضية الهرمة الفتية:  
لا تغادر عالمها ولا يتقادم عليها الزمن لكننا  معها نصيح ::  لقد هرمت.. لقد هرمت… ونحن نصرخ مطالبين بها….
يضحك الكثيرون حينما يرون وضع المرأة ( مقارنة بنساء العالم ) فيقولون بسخرية  ولماذ سواقة المرأة و هناك قضايا أكثر اهمية  مثل  مزيد من فرص التعليم المنوعه  أو  توفير مزيد من فرص العمل لهذا البحر الهائج من البطالة النسائية أو اصلاح النظام القضائي التعس الخاص بقضايا المرأة . نعم كلها قضايا مهمة بل  ولعل أكثرها أهمية على الأطلاق في نظري  هو  قضية القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية للمرأة من زواج وطلاق وحضانة ونفقة وعذل وايذاء وحرمان الى آخره من هذه القضايا التي تمس كل أمراة مهما كان مستواها التعليمي او الأقتصادي.  صحيح ان النساء ذوات النفوذ الاجتماعي يتمكن بمالهن او نفوذ اسرهن من التغلب على كثير من عثرات النظام واجحافه بحق المرأة مما يقلل من آثاره لكن ذلك لا ينفي اصابتهن المتنوعة… دع عنك النساء المتوسطات في  التعليم والمستوي الاجتماعي أو الفقيرات فهؤلاء عليهن هن وأطفالن السلام حين يقعن ضحايا لأي مشكلة لها علاقة بالرجل اي كان دوره في حياتهن : أب او زوج او اخ او ابن أو وكيل . فأذن هي مشكلة حقيقية لكن يعظمها ويصعبها  عدم قدرة المرأة على الحركة .. عدم قدرتها على الوصول الى حقوقها او التعرف عليها : عدم قدرتها على الوصول الى المصادر المتنوعة التي قد يوفرها السوق من تعليم او تدريب او وظيفة أو وسائل قانونية وشرعية للتخفيف من معاناتها .
عجز المراة عن الحركة( المباشرة والمادية بقيادة السيارة ) يجعلها اسيرة لمن حولها فعلاقتها بكل الفرص المتاحة ومهما بذل الملك عبدالله من جهود خرافية لتثبيت وتوسيع حقها في التعليم والتدريب والعمل والمشاركة في الانتخابات فسيبقي ذلك كله مشروطاٌ بموافقة من حولها من الرجال على التنقل بها للأستفادة من هذه الفرص  او على نوع  قناعاتهم  الفكرية وايمانهم بهذه المرأة التي حولهم . إذن فقيادة مركبة للتنقل من نقطة الف الى ب : اي هذا المشوار البسيط الذي يؤديه كل رجل على أرض السعودية منذ أن  يصحو من نومه كل يوم لا يعني فقط رغبة من النساء ( الليبراريات ) في مزيد من الحريات للمراة  بما قد يهدد بالمثالب كما يردد البعض!
انه ببساطة يعني تمكينا للمراة العادية البسيطة في قريتها او سوقها الشعبي او مدينتها الكبيرة من اتمام شؤونها وشؤون اطفالها واسرتها وجد حولها رجل داعم ام لا . بالمناسبة لنتذكر ان هناك مئات ألاف من النساء الأرامل والمطلقات والغير متزوجات ممن يحتجن أن يتنقلن لقضاء حاجاتهن دون ان يؤطر ذلك اي فكر له علاقة بحقوق المراة أو تمكينها  كما ان هناك الآف الأسر الناشئة الجديدة التي يعمل الرجل فيها ضمن شروط العمل  في القطاع الخاص بدوام يمتد الى الرابعة او السادسة والذي لا يسمح له العمل في هذا القطاع كما في القطاع الحكومي بالخروج  كل يوم لاستلام ابناءه من مدارسهم عند الواحدة ظهرا فماذا عساه أن يفعل ؟ 
طرح موضوع ملتهب كهذا  الان بهذه العلنية ( رغم رفض الجريدة الرسمية لنشره) وسهولة ايصاله الي مواقع أخرى تساعد على انتشاره دليل قوي على  ان المجتمع يتغير وأنه يضم فئات متنوعة فيها من يقر بهذا الحق وقد يسعي لممارسته متي اتيح وفيها من يرفضه ويري شره ومن ثم سيقف منه موقف المتحفظ وهذا حقه وحقها ايضا فهناك الكثير من النساء لا توافق على فكرة قيادة المرأة وهذا من حقهن تماما. 
حق قبول الاختلاف  مهارة لم نعتدها في مجتمع ظهر من رحم القبيلة حيث لا حق للفرد مقابل رأي الجماعه وتلاه نظم ثقافية وتعليمة وحكومية كرست مفهوم الرأي الأبوي الأوحد  .
ربما حان الوقت لنعترف ان أبناءنا لا يشبوهننا تماما وانهم يلبسون بطريقة مختلفة وتتنوع تفضيلاتهم للأكل من الصيني للياباني  للسليق  والحنيث والحنيني( هل سهوت عن احد الأكلات الشعبية المهمة لأي منطقة ؟)  كما ان بعضهم يسمع موسيقى متنوعة وكلهم دون استثناء يجلسون ساعات الى النت بكل تنوعاته ويمارسون حريات مهولة ضمن منتدياته وتغريداته . هذا الجيل هو ما سيفرض علينا ان نقبل خياراته( المتنوعة بين المنفتحة والمتشددة ) ومن الحكمة الأبوية ان نقدم له هذه الخيارات( وابسطها قيادة المرأة للسيارة) ضمن شروطنا الدينية والثقافية و الاجتماعية وتحت رعايتنا  وأن ننتبه وندرس حركتهم تحت الطاولة قبل أن يقلبوها علينا! 

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا