-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

ملف حول مقترح قانون منع مجانية الجرائد في المقاهي المغربية إعداد : عبده حقي

ملف حول مقترح قانون منع مجانية الجرائد في المقاهي المغربية
إعداد : عبده حقي
خاص
خلف مقترح قانون توافقت بشأنه كل من وزارة الإتصال ممثلة في شخص السيد الوزيرمصطفى الخلفي وفيدرالية ناشري الصحف والمجلات بالمغرب والذي سوف يتم بموجبه منع تداول الجرائد والصحف المغربية مجانا في المقاهي خلف هذا المقترح ردود فعل متباينة توزعت بين معسكر الصحافيين وجميع المهنيين المرتبطين بصناعة الصحافة الورقية الذين كانوا وراء هذا المقترح ودعموه شكلا ومضمونا بالنظر إلى تراجع إن لم نقل تدهور الأوضاع المهنية والإجتماعية للصحفيين لعديد من الأسباب لعل من بينها عادات قراءة الجرائد مجانا في الفضاءات العامة وبين فئة القراء رواد المقاهي الذين جعلوا من تصفح الجرائد المغربية عادة وسلوكا يوميا لاغنى لهم عنه بحثا عن جديد الأخبار التي تهم البلاد والعباد وجميع المؤسسات التي تدير دوالب الشأن العام .
ومواكبة لهذا الجدل السوسيوإعلامي الجديد وإغناء للنقاش واستمزاجا لتعدد الآراء قامت مجلة إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة بإعداد ملف حول هذا الموضوع شارك فيه كل من الشاعر صالح لبريني والصحفي والكاتب عزيز باكوش والكاتب والإعلامي عبده حقي والأستاذ عبد اللطيف الركيك كاتب وأستاذ باحث وللإشارة فإن مجلتنا الإلكترونية وهي تقف موقف الحياد في هذا الجدل إن لم نقل أنها تصطف إلى جانب الصحفيين دفاعا عن قوتهم اليومي كما أنها لاتنسى من جانب آخر حق المواطنين في الضفر بالمعلومة بهدف إشراكهم في قضايا وطنهم وتعبئتهم ضد كل الأخطار المحدقة التي تتربص بوحدة وسلامة وتطور المملكة .

صالح لبريني شاعر مغربي
          خاص
إن ما أقدمت عليه وزارة الاتصال والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، بمنع القراءة المجانية للصحف في الأماكن العمومية خاصة المقاهي، سيكون حيفا في حق القارئ المغربي الذي هو في الأصل أصبح نادرا العثور عليه، في سياق التحولات التي شهدتها وسائط الإعلامية، ومن تم أعتبر القرار المزمع اتخاذه ضرب للحق الإلهي الذي يحث على القراءة من خلال أمر الرسول(ص) بذلك، ولما تؤكده المواثيق الدولية بأحقية الإنسان في التعلم ، وبالتالي فإن هذا القرار يتنافى مع تم ذكره سالفا. إذا فأنا أعلن رفضي لهذا القرار المجحف في حق كل المغاربة التواقين إلى الاطلاع والقراءة، خصوصا في ظل أزمة القراءة التي أصبحت عنوان هذه اللحظة التاريخية والحضارية، أليس هذا فيه تكميم لإرادة الإنسان في القراءة، التي يجمُلُ على الجهات المسؤولة القيام بسياسة ناجعة لتشجيع الناشئة على القراءة لكونهم رهاننا المستقبلي، فالأمم التي تعرف نموا مطردا على جميع الصعد ناجم علة إيلاء الأولوية للجانب التعليمي الذي ينتج عنه تحبيب القراءة لدى المتعلمين، في حين في الدولة المتقدمة تخلفا نجد العكس، حيث تحارب العلم والإبداع والخلق والقراءة لأنها تشكل عدوها، وهذه سياسة فاشلة ستكون وبالا على الجميع، لكون غياب العلم والقراءة سيؤدي حتما إلى إنتاج الجهل والأمية، أصعب الأمور هو كيف يمكننا محاربة هذه الآفات الخطيرة.
فالقراءة حق مكفول ولا داعي إلى وضع قوانين تتعارض مع الإرادة الإنسانية، وما يلاحظ على القرار كونه يتسم بعدم الوضوح للعديد من الاعتبارات منها مثلا تحديد ما المقصود من الأماكن العمومية التي ستمنع فيها قراءة الجرائد. الشيء الذي يفضي إلى القول أن هذا الإجراء ينِمُّ عن أزمة الوزارة التي تتخبط في الارتجالية والعشوائية بمثل هذه القرارات، وكذلك نتيجة غياب منظومة إعلامية كفيلة بالدفع بعجلة الوسائط الإعلامية إلى التطور، فالعقلية المهيمنة على الوزارة والمؤسسات الإعلامية هي عقلية نمطية، لم تستطع التكيف مع هذا الاكتساح المهول لما هو رقمي ، مما يعري حقيقة المعضلة التي تعاني منها .
  إن هذا الإجراء لن يسهم في إنقاد الصحافة الورقية التي تعيش وضعا كارثيا، بل سيزيد الطين بلّة، إذ ستكون حافزا إلى النفور من اقتناء الجرائد الورقية من لدن القارئ المغربي، الذي هو الآخر يتلظى بوضعية اقتصادية هشة ومأزومة، ولابد من الإشارة إلى كون الصحافة الورقية تعرف تراجعا في المبيعات على المستوى العالمي، وأكبر الصحف الدولية، توقفت عن طبع صحفها، فاختارت العالم الالكتروني كوسيلة لترويج جرائدها، وعليه لابد من وضع سياسة ناجعة على مستوى المؤسسات الإعلامية تروم تحريك عجلة التطوير وبلورة تصور سليم لتجاوز الأزمة
أما بخصوص العوامل المساهمة في هذا التدهور تكمن في:
-      غياب سياسة واضحة للمسؤولين عن المؤسسات الإعلامية الورقية.
-   هيمنة عقلية بروقراطية  في تدبير الشأن الصحفي، وعقلية نمطية مازالت تفكر بعقلية الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وهذا ما يتجلى في كيفية الإخراج لهذه الصحف التي بقيت على حالها ، لم تستطع الاندماج مع ما يجري من تغيرات على مستوى الوسائط الإعلامية.
-   استفحال ظاهرة العزوف عن قراءة الكتب والجرائد ، هذه الأخيرة لم تعد تستجيب لانتظارات القراء، ولا تلبي حاجياتهم النفسية والاجتماعية. ومن هنا يمكن الحديث عن أزمة القراءة لدى شريحة واسعة من المجتمع المغربي.
-   الاكتساح المهول للإعلام الالكتروني الذي أصبح ملاذا لكل الشرائح، ووسيلة ناجعة يجيب عن أسئلة القارئ .
        أعتقد أن الحلول الناجعة التي يمُكْنِهَا إخراج الصحافة الورقية من عنق الزجاجة، وعودتها إلى القيام بالدور الطليعي تتمثل في سَنِّ سياسة إعلامية متطورة ، فاعلة في المجتمع ومتفاعلة مع الإبدالات المجتمعية. ثم ضرورة الانفتاح على التكنولوجية الحديثة للوسائط الالكترونية، من خلال ، التوظيف الأمثل والبراغماتي لها حتى تعود عليها بالمنفعة، إضافة إلى الاستجابة الفورية لتطلعات قارئ يختلف اختلافا جذريا وجوهريا مع القارئ الستيني والثمانيني و...و... لأن ما يطرح في هده الصحافة الورقية بعيد كل البعد عن اهتمامات وانشغالات شريحة اجتماعية غالبيتها شابة، لها تصورات وأحلام .وهذا لن يتحقق إلا بوجود إرادة سياسية وتعليمية وثقافية لدى الفاعلين السياسيين والاقتصاديين وهيئات المجتمع المدني والمثقفين والدولة

عزيز  باكوش :   صحفي بجريدة الاتحاد الاشتراكي  والمشرف على تحرير جريدة فاس اليوم الإلكترونية
خاص
ماهو رأيك في هذا القرار المرتقب ؟
 منع قراءة   الجريدة  مجانا    الآن  ليس  قرارا ،  وإنما  مجرد  إعلان نوايا  .  ومن حيث المبدإ   فإن   إبداء الرأي  في  نية اتخاذ قرار  ما  على الرغم  من  سمة  الحرية  والاتزان  اللذان يطبعانه ،   يبدو  من  السابق لأوانه  استنتاج  رأي  يتسم  بالواقعية والموضوعية  لذلك  ،  لا يكون راجحا  في الأغلب الأعم  . 
2 ــ هل هذا الإجراء كاف في حد ذاته لإنقاذ الصحافة الورقية من التراجع الراهن؟
   للوهلة الأولى ، لا يمكن وصف  قرار  يمنع القراءة  المجانية  من أجل تشجيعها  سوى بالجنون  ،  ومن  يشجع على إصدار  مثل  هذه  القرارات  يعتبر  خارج التغطية  وذلك  من مستويات متعددة  ،  لعل أهمها     الرغبة في إنقاذ  مقاولة بعينها  من إفلاس  محقق ،  ولأن   المثل المغربي يقول  " الموت وسط لحباب نزاهة"  كان لابد من التعميم   اعتبارا   لكون   ما لحقني اليوم   سيصيبك غدا  سيما ، وأن
 السياق السياسي  اليوم  ارتباطا   باستحقاقات 4 أكتوبر القادم  يفرض الإيغال  في كل ما هو شعبوي  سياسوي ،  مرتبط بأجندة  تستهوي استمالة  البعض  ودغدغة عواطف البعض  الآخر  حول برامج انتخابية ليس إلا .
   ولوشئنا تسمية الأشياء بمسمياتها ،  لقلنا  بصريح العبارة  بما أن جريدة - حزب  سياسي معين  له  أغلبية  ويسير  حكومة  - لا تقرأ في    كافة مقاهي  المملكة من شمالها إلى جنوبها   " لابد من الإقتناع  في ظل هذه  الحقيقة الصادمة  بجدوى  قرار نية المنع ،  وبما أن جل  المقاهي   لا  توفر لزبنائها   جريدة " التجديد" التي هي لسان حال الحزب الحاكم حتى ولو كانت القراءة مجانية    في وقت  توفر جرائد  أخرى   مستقلة   وعدوة  بمعنى ما    وبأعداد  مضاعفة  ، يبدو   كتحصيل حاصل أن ليس لصاحب الاقتراح  ما يخسره.   إن هو غامر  بتوريط جهات  إعلامية   قد   تكون لها  نفس النظرة    ،  وفق منطق  ماعندنا ما نخسروا  " احنا رابحين "
3 ــ في نظرك ماهو العامل أو العوامل الرئيسية المسؤولة عن هذا التدهور؟
   كثيرة ومتعددة  ويسهل حصرها  ،   وهي معلومة لدى الجميع  ناشرين  وأصحاب مقاولات  ،  يأتي في مقدمتها    المارد  الإلكتروني   وسرعة  تقدمه  .   ولعل التمييز هنا بين   المنبر الحزبي  والمنبر المستقل " مجازا"    عنصر أساسي    لتوضيح  العامل  المسؤول عن هذا التدهور  حتى تتوضح الرؤيا  .
ذلك  أن إفلاس المقاولة الإعلامية  في الجزء الأكبر منه  في الوضع الراهن   منسوب إلى الجريدة الحزبية  .  ولنذهب توا  إلى جريدة الاتحاد الاشتراكي   والعلم  والبيان والمنعطف والحركة  والتجديد    هاته  الجرائد بلغة الأرقام   تكاد  يكون  حضورها منعدما   مع استثناءات  غير مؤثرة  إطلاقا ...
    وبمعادلة حسابية بسيطة، وعلى فرض أن حزبا سياسيا  معينا  له  أطر وكوادر وأكاديميون  بالجامعة  وبمختلف التنظيمات الاجتماعية  وله فاعلون في النسيج المدني ، ويدبر الشأن الاجتماعي لست مقاطعات بنفوذ ساحق ، ومع ذلك  لا تبيع جريدته  سوى بضع نسخ  بالعاصمة العلمية .  معادلة يجوز تعميمها  على باقي الأحزاب السياسية  بتفاوت ، فإن قرارا  المنع   يبدو   بمنطق براغماتي  لصالحه
     عامل أكثر  من مهم ،   يبدو أن قرار منع قراءة  الجريدة مجانا بالمقهى  يهدف الى وقف التراجع  الحاصل  في  ميزانية  الجريدة  ولا علاقة  له  على الإطلاق  بتشجيع القراءة .
4 ــ ماهي في نظرك بعض الحلول الناجعة لعودة الصحافة الورقية إلى موقعها الإعلامي الطليعي ؟
 لو  كان للقرار  فعلا ،  نية حقيقية في تشجيع  القراءة  ،  لاقترح  على الحكومة  الرفع من أجور  الموظفين  بما يعادل  اقتناء جريدتين  لكل مواطن ،   بل  كان على صاحب الاقتراح   أن يلزم   الجرائد باحترام قرائها  ،  بعدم السقوط  في لوبيات الإشهار ، ما يبرر  التجاء الجرائد   الى  مجرد  صفحات للإعلان التجاري  بدل دورها في الإخبار والتثقيف 
بالنسبة  للجرائد الحزبية ، لابد من اعتماد  مراسلين صحفيين   وفق دفتر تحملات واضح  يراعي التدرج المهني عبر التكوين  والتكوين المستمر ، خارج الاعتماد على مبدإ النضال الحزبي كما هو معمول به الآن.
القطع مع  التعامل الانتقائي مع المراسلين  لبعض المنابر الإعلامية  حيث يتم تعويض البعض ماديا  دون البعض الآخر ،  بالرغم من التجربة  الطويلة   للبعض   دون الآخر   وتساوي أوتفاوت المساهمات الجهوية  المعدة للنشر
    هيكلة الحقل الإعلامي  وفق ضوابط  مهنية  بعيدا   عن  منطق السيبة   الحاصل اليوم ، حيث من هب ودب مديرا  لمنبرصحفي
    دعم  المنابر الصحفية الجهوية  التي أثبتت قدرتها على الصمود رغم الإكراهات التقنية والمادية ، من شأن ذلك  تطبيق قانون  المحاسبة   للصحفي الذي سيكون ملزما   باقتناء نسخة يومية من جريدته ، وعليه ،  فإن  رفع مبيعات الجرائد  في ظل هذه  الطفرة  أكيد  ويمكن التحقق منه

ذ. عبد اللطيف الركيك* كاتب وأستاذ باحث
خاص
تقديم:
لقد شكل الورق منذ اكتشافه بالشرق الأدنى القديم ومرورا باختراع المطبعة بأوربا خلال القرن 15م وسيلة أساسية لنشر مختلف أشكال التعبير، إلى أن اقتضت حتمية التطور بروز أدوات جديدة للنشر في خضم ثورة المعلوميات ووسائل الاتصال والتواصل الجماهيري. وفي هذا المضمار، يطرح احتمال إصدار قانون جديد يمنع قراءة الصحف والمجلات في المقاهي المغربية إشكالية مصير النشر الورقي في خضم تسارع التطورات التكنولوجية وتنامي النشر الإلكتروني. فما واقع النشر الورقي بضفة عامة؟ وإلى أي حد بمقدور قرار إداري أن يعيد الاعتبار لقراءة المنشورات الورقية على اختلاف أنواعها؟
إكراهات التطور التكنولوجي
لقد ظل التساؤل مطروحا بحدة بصدد مدى تأثير تطور وسائل النشر الحديثة في سياق الثورة التكنولوجية على نسبة المقروئية خاصة ما يتعلق بالكتب والمجلات والجرائد والصحف الورقية، وذلك كنتيجة حتمية لبروز وسائل نشر جديدة ولا سيما الإمكانيات التي باتت تتيحها الشبكة العنكبوتية على هذا المستوى.
لم تصدق التكهنات السلبية حول الزحف المبرم للوسائل الجديدة، فعلى الأقل لم تغلق المطابع أبوابها، ولا زالت مستمرة في نشر مختلف الأعمال الفكرية، مثلما لم توصد الجرائد والصحف والمجلات مقراتها وتسرح عمالها، إذ لا تزال هي بدورها تصدر أعدادها بانتظام، كما أن شركات التوزيع ما تزال مستمرة في عملها.
إلا أن هذه الصورة تخفي في الحقيقة واقعا مرا تعيشه مختلف أدوات نشر المعرفة من خلال ضعف الإقبال على الكتاب الورقي واضطرار الصحف والجرائد والمجلات الورقية إلى تكييف نشاطها مع واقع سطوة الشبكة العنكبوتية سعيا لملاحقة القارئ حيثما كان بتقديم منتوج يساير العصر.
إلا أن واقع القراءة سواء عبر الوسائل الكلاسيكية أو الحديثة ربما لم يعرف ذلك التحول السريع الذي يوحي به انتشار تلك الوسائل، فالقارئ المفترض أصبح مطوقا ومحاصرا بسيل من المنشورات، فهو دائم الارتباط بالأنترنيت عير هاتفه النقال، وفي نفس الوقت يتابع الصحف والمجلات والدوريات والكتب، وتتسابق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لشد انتباهه. وبذلك ترتسم صورة مركبة يختلط فيها الحابل بالنابل ما يجعل رصد تطور نسبة المقروئية أمرا في غاية التعقيد.
فهل لا زال بمقدور المرء اليوم لزوم مكتبه لقراءة بضع صفحات من كتاب؟ هل بإمكانه -إذا اقتنى جريدة-أن يتمم قراءة صفحاتها؟ هل مازال بالإمكان انتظار تلقي الأخبار والاطلاع على الأحداث من جريدة ورقية؟
مصير وسائل النشر الورقي
 ربما بات من الصعب تبؤأ النشر التقليدي لمركز الصدارة مثلما كان الأمر في العقود القليلة الماضية، وذلك في زمن أصبحت تبث فيه الأخبار ساخنة وبسرعة قياسية وبشكل مباشر عبر مختلف الوسائل الحديثة.
لا شك أن قدرة إنسان عصر السرعة على القراءة لم تعد تسعفه وسط هذا الزحام الشديد، إلا إذا كان مجبرا على ذلك كأن ينجز بحثا جامعيا أو يستعد لمباراة توظيف أو مباراة مهنية بقصد الترقية أو امتحانات إشهادية وغيره.
إن التخلي عن الكتاب الورقي والإعراض عنه بات أمرا واقعا ما يطرح السؤال حول مدى صمود الوسائل التقليدية مستقبلا، خاصة مع احتمال التخلي عن المعاملات الورقية في الإدارة والاقتصاد وغيره. أكثر من ذلك فحتى أسلوب القراءة عرف بدوره تحولات جذرية في عالم اليوم، إذ لم يعد بمستطاع إنسان العصر الراهن قضاء الساعات الطوال لتصفح صفحات كتاب، أو حتى مشاهدة فيلم طويل، فكل ما يحتاجه هو ومضات أو "فلاشات" جاهزة سريعة مقتضبة ومختزلة تعفيه من بذل أي مجهود ذهني أو صرف أي وقت، وهي إمكانيات لم تعد توفرها له وسائل النشر والتعبير الكلاسيكية، بل حتى وسائل النشر الحديثة قد كرست ذلك الكسل، ولم تعد بدورها تفي بالغرض، فمتصفح الشبكة العنكبوتية مثلا أصيح يغضب وتثور ثائرته كلما وجد خبرا منشورا يتطلب الاطلاع عليه فتح رابط جديد، فهو يريد الخبر جاهزا لا يكلف الاطلاع عليه سوى بضع ثوان وفي بضع كلمات. وأما إذا نشرت مقالا، فإنك تجد عشرات "الإعجابات" وأنت موقن بأن لا أحد من "المعجبين" قد اطلع عليه، فلا تكاد تفهم سبب الإعجاب والقصد منه.
كما أن تخزين المعلومات المستقاة من أشكال النشر الورقي في ذاكرة إنسان اليوم لم يعد يشكل سبقا أو وسيلة للتفوق على الآخرين، ذلك أن قدرة الانسان اليوم-بفعل مختلف الضغوطات اليومية التي يتعرض لها وانشغاله بالتفكير الدائم في اليومي والمعيش-لم يعد يقوى على تحزين المعلومات مخافة زيادة الضغط على ذاكرة مثقلة أصلا، خصوصا عندما يجد نفسه على قدم المساواة مع من لا يكلف نفسه عناء بذل نفس المجهود بفعل يسر وسهولة تلقي المعلومات وتطور أساليب الغش في المباريات والامتحانات وغيرها.
فماذا تنفع قراءة كتاب استعدادا لمباراة أو امتحان، بينما لا يكلف ذلك آخرين سوى الضغط على أزرار هواتفهم للولوج إلى مكتبات رقمية والتزود بمعلومات لا يمكن أن يسعها عقل بشر؟
على سبيل الختم
لئن ظل المدافعون عن أدوات النشر التقليدية يدفعون بمسألة صعوبة تعويض شبكة الأنترنيت للنشر الورقي طالما أن الوثائق المبثوثة عبرها ليست سوى معطيات عامة(des generalites) وغير علمية، فإن الواقع أثبت أن الشبكة العنكبوتية أصبحت توفر لمرتاديها الكتب والمقالات العلمية المتخصصة، حتى بات بالإمكان إنجاز البحوث والرسائل الجامعية يتم عبر التسمر أمام شاشة الحاسوب بعيدا عن المكتبات والخزانات المتخصصة وأوراش البحث العلمي. وعليه، فإن أي مسعى لإعادة الاعتبار لمستوى مقروئية للجرائد الورقية بقرار إداري لا يمكن أن يؤتي أكله، مادام أن العوامل المتحكمة في تراجع الإقبال على هذا النوع من الوسائط التقليدية مرتبطة أشد ما يكون الارتباط بتيار جارف من التحولات الثقافية والاجتماعية العميقة والمستجدة، والتي يصعب التحكم في سيرورتها بمثل هكذا قرارات.

عبده حقي : كاتب وإعلامي مدير موقع إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة
خاص
مع إستفحال ظاهرة تفريخ الآلاف من المقاهي الراقية والشعبية بكل ميوعة واستخفاف بحرمة البعد الثقافي والحضاري للمجال العمومي لجل المدن المغربية وأحوازها وضربا لرمزية صورتها التاريخية والسياحية حتى شاع المثل السائر (بين قهوة و قهوة قهوة) عمدت عديد من هذه المقاهي من أجل كسب المزيد من الزبناء إلى البحث عن تحسين خدماتها ومن بينها توفير الجرائد والصحف الوطنية وبعض الصحف العربية مثل الشرق الأوسط والحياة اللندنية مجانا مما شكل ظاهرة سوسيوثقافية إيجابية أسهمت بشكل كبير في بلورة وعي سياسي واجتماعي جديد ورأي عام وطني مواكب لتحولات مغرب مابعد التناوب التوافقي ومجيء العهد الجديد . لكن في المقابل فإن هذه الظاهرة وبارتباطها بالتناسل المهول للمقاهي قد أضرت بالمنشأة والمقاولة الصحفية التي تعتاش أساسا على عنصري المبيعات والإشهار. فلم تعد اليوم الجريدة لسان حزب يقوم على مبادئ عامة ومشروع برنامج سياسي خاص واضح في إعلامه الحزبي بل لقد صارت الجريدة عبارة عن منتوج إقتصادي واستثماري لايختلف في أهدافه عن أهداف أية مقاولة صناعية تتغيى الرفع من أسهمها والإرتقاء بمنتوجها إلى درجات الجودة العالية التي يبحث عنها المستهلك كيفما كان مستواه الإجتماعي والطبقي مثلما يبحث عن الجودة في المنتوجات الإستهلاكية من مأكل وملبس وملحقات كمالية أخرى ..إلخ
إن الإعلام الورقي اليوم يعيش في أزمة تراجع خطيرة جدا لأعداد السحب والمبيعات والسبب لا يعود أساسا لظاهرة توفير الجرائد في المقاهي بالمجان وتناوب عشرات القراء على تداولها يدا بيد فيما بينهم طيلة اليوم كما يتوهم أو يدعي البعض لكن أساسا بسبب تدهور أخلاقيات المهنة وتراشق بعض مدراء الجرائد المستقلة على الخصوص بالفضائح فيما بينهم ثم كذلك وهذا هو الأهم إنتشار الربط الشبكي في جل ربوع الوطن وتناسل المواقع الإخبارية الإلكترونية ومرونة تقديمها للمعلومة بمختلف الوسائط وتنوعها (نص ـ فيديوـ صورـ ملفات صوتية ..إلخ) الشيء الذي دفع بهذه المنشآت الصحفية الورقية بدورها إلى الإنحناء للعاصفة وإطلاق نسخها الإلكترونية في الفضاء الرقمي ولم يكن ذلك إقرارا وقناعة بمواكبة التحولات التكنولوجية والإعلامية الرقمية وإنما كان ذلك في العمق إقرارا بالرضوخ القسري إلى حتمية التطور الذي كان لابد منه مهما كانت تضحية الإستماتة والتشبث بالسند الورقي قوية ومقاومة للمد الجارف أكثر مما يتصور.
فهل سحب ومنع الجرائد من التداول مجانا في المقاهي سيكون هو الحل الأنجع لمقاومة طوفان الوسائط الإعلامية البديلة التي سببت إشباعا مفرطا حتى التخمة للمتلقي الذي باتت أحداث العالم المختلفة متوفرة في هاتفه الذكي حيث تتدفق المعلومات تباعا أولا بأول عبر تطبيقات متعددة والمكالمات الهاتفية والقنوات الفضائية ومواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية الإخبارية والرسائل النصية القصيرة من الوكالات العالمية و..و..إلخ
ألم تعمد جريدة لوموند العملاقة قبل عشر سنوات إلى تسريح المئات من عمالها ومراسليها في مختلف مكاتبها في العالم خصوصا في إفريقيا بعد أن أطلقت نسختها الإلكترونية منذ 2007 وهناك جرائد عالمية أخرى لايسع المجال هنا لتعدادها ولعل آخرها جريدتا السفير والنهار اللبنانيتين أما مجلة الآداب البيروتية فإنها قد أقفلت نسختها الورقية إلى الأبد واكتفت فقط بنسختها الإلكترونية ... فهل كان تداول هذه الجرائد العالمية في الفضاءات العامة سببا في تدهور مبيعاتها أم أن تفكيرها العقلاني ودخولها عصر الرقمية حتم عليها ترشيد وتدبير مقاولاتها تماشيا مع متطلبات العصر؟
يبدو أن الإجراء المرتقب لوزارة الإتصال وباتفاق مع فيدرالية ناشري الصحف والقاضي بمنع تداول الجرائد بالمجان في المقاهي لهو بكل تأكيد عودة غير حكيمة إلى عقلية بائدة للحلول الترقيعية وهي إجهاز على مطالب حق المواطنين في الوصول إلى المعلومة وآلية تمويهية لحصار الرأي العام في أفق إجراء الإستحقاقات السياسية المقبلة
لشهر شتنبر القادم .
إن من شأن أجرأة هذا القانون والمصادقة عليه وتصريفه على أرض الواقع لسوف يدفع بزبناء المقاهي أعني بملايين المواطنين موظفين وعمالا ومتقاعدين ومعطلين وغيرهم ليس إلى موقف تضامن مع المؤسسات الإعلامية الورقية في محنتها الراهنة والحرجة وإنما سيدفعها إلى موقف (كراهية) و(عداء) سري تجاهها لحرمانها من عادة قد دأبت عليها منذ أكثر من عقدين من الزمن بل هناك عشرات الآلاف من المواطنين من كانوا ومازالوا يرتادون المقاهي من أجل قراءة الصحف والجرائد ليس إلا.
إن الحفاظ على عافية وصحة المقاولة الصحفية الورقية يمر قبل كل شيء باستيعاب التحولات المهولة في الجسم الإعلامي العالمي بشكل عام وبضرورة العبور من هذا النفق المعتم إلى النموذج الإعلامي الإقتصادي الرقمي وتمكين الصحفيين من التكوين المستمر في مجال المعلوماتية والرقمية وكيفية إستثمارها في إبداع المعلومة الطرية الطاجزة والآنية وفق مقاربة تأخذ بعين الإعتبار أن الهواتف الذكية ستصبح في المدى المتوسط عضوا جسديا لا يختلف في دوره عن باقي الأعضاء الأخرى .

نورالدين مفتاح: هكذا نريد منع قراءة الجرائد بالمجان في المقاهي
مقتبس
من طرف كوثر بنتاج
تسعى الفيدرالية المغربية لناشري الصحف لتحسين الوضع الاقتصادي للمقاولات الصحفية المكتوبة خاصة، ودعت إلى التنصيص في مشروع قانون الصحافة والنشر المعروض على مجلس النواب، على منع القراءة المتعددة لجريدة واحدة، على أساس أنها ظاهرة تستنزف تلك المقاولات
والتزم مصطفى الخلفي في لقاء له مع المكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية لناشري الصحف يوم الاثنين  بإدخال مقتضى في مشروع قانون الصحافة والنشر يمنع القراءة المجانية للصحف في الأماكن العمومية، في مسعاً لتخفيف النزيف الاقتصادي  الذي تعانيه الصحف المغربية.
وقال نور الدين مفتاح رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف إن التنصيص في القانون على منع القراءة المجانية خاصة في المقاهي، يمكن ممثلي السلطات العمومية من التحرك لمنع مثل هذه الممارسة كما هو جاري به العمل بالنسبة للقنوات الفضائية التي تقوم على الاشتراك.
وأضاف مفتاح في تصريح لـ"المجلة24" إن الفيدرالية  تتجه لسلك نفس مسلك الاشتراك الفردي للقنوات، ويوضح " هناك اشتراك فردي  وآخر جماعي وبما أن الاشتراك الفردي يمنع أن يشاهد الناس القنوات جماعة تسعى السلطات لتطبيق هذا الأمر في المقاهي، ونحن نريد الذهاب في هذا الاتجاه".
وأشار المتحدث إلى أن دراسة  أبانت أخيرا أن 900 ألف شخص يوميا يقرؤون الصحف بالمجان في المقاهي خصوصا.
ويعترف مدير نشر وتحرير جريدة الأيام الأسبوعية أن تطبيق هذا المقتضى سيكون صعباً، لكن يسعون في البداية إلى ان يسود الانطباع لدى المواطن المغربي أن قراءة الجريدة من طرف أكثر من شخص أمر ممنوع قانونيا.
واسترسل قائلا " الإحساس الذي يخلفه المقتضى القانوني القاضي بمنع القراءة المجانية مهم وبالموازاة مع هذا الأمر سنقوم بحملات تحسيسية فور المصادقة على مشروع القانون،"واتفقت الفيدرالية ووزير الاتصال مصطفى الخلفي في اجتماع يوم الاثنين 23 ماي على عدد من القرارات من شأنها تقليص  الأزمة التي يعرفها النموذج الاقتصادي للمقاولات الصحافية المغربية، الورقية والإلكترونية، منها.
وطالب المكتب التنفيذي للفيدرالية وزير الاتصال بتسطير مخطط استعجالي لوقف النزيف الحالي في القطاع، على أمل مواصلة البحث عن حلول جذرية لاستمرارية الصحافة الوطنية في أداء أدوارها المجتمعية الضرورية، رغم وجود الصحافة الالكترونية، معتبرين أن هذه الأخيرة تعاني من الهشاشة بسبب اللجوء إلى الإشهار في محرك البحث العالمي غوغل أو موقع التواصل فايس بوك أو غيرهما.
واتفق الطرفان على  تعديل العقد البرنامج للصحافة المكتوبة بما يمكن من تخفيف شروط الاستفادة بخصوص حجم السحب، والزيادة في ثمن الإعلانات الإدارية والقضائية وفتح المجال للصحافة الإلكترونية للاستفادة منها ومركزة أداء أثمنتها بوزارة الاتصال.
والتزم الوزير بتكوين لجنة تفكير لإنشاء صندوق خاص بتمويل عمومي لتحفيز اقتناء الصحف المغربية، مع إطلاق دراسة خاصة بسوق الإشهار في المغرب تكون بنفس عمق دارسة المقروئية المنجزة مؤخرا من طرف الفيدرالية والوزارة.
عن موقع المجلة 24 نشر يوم 25 مايو 2016

الرباط، المغرب (CNN)--  مقتبس
اتفقت وزارة الاتصال مع الفيدرالية المغربية لناشري الصحف على إدخال مقتضى جديد في مشروع قانون الصحافة والنشر الذي يناقشه البرلمان، يتم بموجبه منع القراءة المجانية للصحف في الأماكن العمومية، خاصة المقاهي.
وأكد بلاغ صادر عن وزارة الاتصال اليوم الثلاثاء أن لقاءً جمع بين الوزير مصطفى الخلفي والمكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية لناشري الصحف، خُصص حول تدارس الأزمة الاقتصادية التي تعرفها المقاولات الصحفية المغربية، سواء الورقية أو الإلكترونية، وشهد الاتفاق على مجموعة من النقاط، منها تضمين مشروع الصحافة الجديد مادة تمنع القراءة المجانية للصحف.
وعلاوة على تخفيف شروط الاستفادة بخصوص حجم السحب بالنسبة للصحافة المكتوبة والزيادة في ثمن الإعلانات الإدارية والقضائية، أعلنت الوزارة عن تكوين لجنة تفكير لإنشاء صندوق تمويل عمومي لتحفيز اقتناء الصحف المغربية، ومشاركة الفيدرالية في تفاوض ستخوضه الوزارة مع غوغل وفيسبوك حول المنافسة على الإشهار، بما أن عملاقي الانترنت يجذبان الشركات المغربية إلى الإشهار بأثمنة جد منخفضة.
ووفق دراسة أنجزتها مؤسسة استطلاع رأي لفائدة الفيدرالية، فحوالي 47 في المئة من قراء الجرائد هم من يقتنون الجرائد اليومية، بمعنى أن أزيد من نصف قراء الجرائد لا يقتنوننها، ويعود ذلك إلى انتشار ظاهرة القراءة المجانيةـ، خاصة في المقاهي التي تشتري عددًا أو عددين من العنوان الواحد وتوّفرهما مجانًا لكل زبنائها.
وأكدت الدراسة أن القراءة المجانية للصحف تضيّع على الصحافة المكتوبة ما يقارب 150 مليار سنتيم سنويا (15 مليون دولار) سنويًا، كما أن الصحافة الإلكترونية تعاني من الهشاشة بسبب لجوء المقاولات إلى الإشهار في غوغل أو فيسبوك عوض الإشهار في المواقع الإلكترونية المغربية، الأمر الذي اعتبرته الفيدرالية نزيفًا يتطلب مخططًا استعجاليًا.




عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا