-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

حوار مع الفيلسوفة اليهودية التركية شيلا بن حبيب

حوار مع الفيلسوفة اليهودية التركية شيلا بن حبيب
"في غياب الآخر تكون كل ثقافة جامدة"
أي حقوق للاجئين؟ وأي شكل يجب أن يتخذه التعامل الإنساني معهم؟ في حوارها التالي مع كريشا كوبس تتحدث الفيلسوفة اليهودية التركية البارزة شيلا بن حبيب عن الهجرة والقومية وعودة نماذج سلوكية اعتقدنا أنها أضحت من الماضي.
بحث أكثر من مليون شخص عن اللجوء عام 2015 في ألمانيا. وينتظر الاتحاد الأوروبي في السنوات الثلاث المقبلة وصول ثلاثة ملايين لاجئ إلى أوروبا. هل بدأت الآن حقبة جديدة في السياسة الدولية، يمكن أن نطلق عليها اسم "حقبة المهاجرين"؟
شيلا بن حبيب: لا أعتقد. فالأرقام تظل قليلة مقارنة بالمشهد العام. يعيش في الاتحاد الأوروبي خمسمائة وثمانية ملايين إنسان، وثلاثة ملايين مجرد نقطة في بحر.  لكن الهجرة ليست مجرد قضية ديمغرافية.
ولكن؟
شيلا بن حبيب: إن الأمر يتعلق بأسئلة عميقة حول الهوية. وحتى لو قيم الناس الأرقام بشكل صحيح، فإنه من المحتمل أن ينظروا إلى تزايد أعداد المهاجرين كخطر على طريقة حياتهم.  وينضاف إلى ذلك أن الاتحاد الأوروبي يواجه مشاكل أخرى، منها ضعف الاندماج الاقتصادي، الأزمة اليونانية، البطالة التي تضرب صفوف الشباب. وفي مثل هذه السياق، فإن الحركات القومية تشهد انتعاشا، كما هو حال الحزب اليميني المتطرف الذي تقوده مارين لوبين في فرنسا، بل إن دولا مثل هنغاريا وبولندا تحتج بقضية اللاجئين، من أجل مهاجمة المبادئ الليبرالية الديمقراطية للاتحاد.
في ظل هذا النقاش المشحون، صرحت أنغيلا ميركل بأن ألمانيا ستنجح في مواجهة الوضع. ما تأثير  هذا التصريح عليكم؟
شيلا بن حبيب: أنا أتفق مع هذا التصريح ومع الموقف العام لميركل بشكل كامل. فتصريحها يعني بالنسبة لي أنه لا سبب يدعو للتخوف. فالوضعية يمكن تجاوزها، حتى وإن كانت تمثل تحديا كبيرا للسياسة والمجتمع. إنه تصريح جميل.
لكن قضية توفير الحماية للاجئين، أمر منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية، كما الحال في اتفاقية جنيف. أفلا تمدحين السيدة ميركل على أمر  يتوجب في الواقع على كل السياسيين الالتزام به؟
المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. د ب أ. Foto: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
صرحت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بأن ألمانيا ستنجح في مواجهة وضع اللاجئين، وتقول الفيلسوفة اليهودية التركية شيلا بن حبيب في هذا السياق: "أنا أتفق مع هذا التصريح ومع الموقف العام لميركل بشكل كامل. فتصريحها يعني بالنسبة لي أنه لا سبب يدعو للتخوف. فالوضعية يمكن تجاوزها، حتى وإن كانت تمثل تحديا كبيرا للسياسة والمجتمع. إنه تصريح جميل".
شيلا بن حبيب: طبعا إن ذلك وبالنظر إلى القانون الدولي واجب. لكن الدول كثيرا ما تخلت عن التزاماتها، التي قد يتحول تطبيقها إلى صيرورة معقدة.  لقد قامت ألمانيا وفي سرعة وبشكل مفاجئ في الصيف الماضي بفتح حدودها، وهو ما مثل تجاوزا لاتفاقيات دابلين، التي ترى أن على اللاجئين أن يقدموا طلبات لجوئهم بأول بلد أوروبي تطأه أقدامهم. طبعا إن هذا الاتفاق كان منذ بدايته خاطئا، لأن الثقل ستتحمله فقط الدول الحدودية مثل اليونان وإيطاليا.  وهكذا قامت الحكومة الألمانية بتعويض قانون اللاجئين بشكل من أشكال سياسة الهجرة. لقد شكل ذلك تقدما كبيرا، رغم أنه أمر لم يخطط له من قبل.
تتحدثين غالبا في كتاباتك عن مأزق الديمقراطيات الحرة، أو عن "التناقض بين  السيادة من جهة واحترام حقوق الإنسان الكونية من جهة ثانية.
شيلا بن حبيب: لقد أسمى [الفيلسوف الألماني] هابرماس ذلك بالوجه المزدوج للدول الديمقراطية. فمن جهة تقوم هذه الدول على مبادئ حقوق الإنسان، ذات الصلاحية الكونية. ومن جهة أخرى تبقى حقوق الإنسان محصورة في قوميات أو في سكان دول معينة.  وعبر ذلك يحدث صراع بين الوعود الكونية للديمقراطية وواقع الحدود القومية.  إنني أعني بذلك بأنه سيتم دائما تحديد حقوق الإنسان بمعايير معينة، وستكون هناك دائما حقوق إنسان أو مواطنة، لا تشمل الجميع.
هل توافقين أينشتاين الرأي، الذي اعتبر الدول القومية مرض البشرية، الذي من المأمول يوماً ما التمكن من تجاوزه؟
شيلا بن حبيب: لا، للدولة القومية إيجابياتها أيضا، فبدونها لما تطورت ثقافة مدنية ولا دولة الرفاه. لكني أعتقد أن شكل الدولة القومية لم يعد يتماشى مع العصر، في أوروبا ولكن أيضا في دول مثل العراق وسوريا حيث فشل مشروع الدولة القومية.
وما هو شكل الدولة البديل في رأيك؟
شيلا بن حبيب: أعتقد أن أشكال الحكم الفيدرالي تمثل مشروعا مستقبليا أفضل من نموذج الدولة  القومية القديم. ونحن نرى ذلك في دول مثل كندا وأمريكا والبرازيل والهند، حيث مكونات فيدرالية صغيرة، أو أقاليم أو دول اتحادية، تمتلك سلطات أكبر مثلا من الولايات الألمانية. وحتى بالنظر إلى الصراعات الكثيرة التي يعرفها الشرق الأوسط، فيمكن للمشروع الفيدرالي أن يقدم الجواب الأفضل. لنأخذ مثلا تركيا والأكراد، هنا يتوجب تحقيق نوع من الحكم الذاتي.
لاجئون سوريون يسجلون أنفسهم في بلدة إيدوميني على الحدود اليونانية المقدونية في مارس/ آذار 2016. د ب أ. Foto: Michael Kappeler/dpa
لاجئون سوريون يسجلون أنفسهم في بلدة إيدوميني على الحدود اليونانية المقدونية في مارس/ آذار 2016: حول اقتراح دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي بوضع اللاجئين لمدة ثمانية عشر شهرا في مخيمات إلى حين التأكد من هويتهم، تقول الفيلسوفة اليهودية التركية شيلا بن حبيب: "أحيانا أشعر أننا في أوروبا بصدد مشاهدة فيلم سيء عن الحرب العالمية الثانية. إنه أمر مقزز أن نرى صدور مثل هذه الأفكار والسلوكيات، سواء تعلق الأمر بالمخيمات أو بالأرقام التي طبعت على أيدي طالبي اللجوء في جمهورية التشيك. إن أغلبية اللاجئين موجودة في الشرق الأوسط في مخيمات. أما أن نقوم في أوروبا ببناء مخيمات فسيكون أمراً مُحِطّاً بالكرامة الانسانية، سيُظهِر بوضوح أن هؤلاء الناس غير مرغوب بهم".
لكن كيف سيتحقق ذلك؟ فالأكراد لا يسكنون في مناطق تركية فقط، ولكن أيضا في العراق وايران؟
شيلا بن حبيب: إنه أمر صعب. فحتى لدى الأكراد تسود أفكار مختلفة حول مستقبلهم السياسي. فحزب العمال الكردستاني يطالب بوطن قومي يشمل مختلف المناطق التي يسكنها الأكراد. وآخرون مثل حكومة إقليم كردستان، تطالب بحكم ذاتي، يتمتع بصلاحيات أكبر، بل حتى حزب الشعوب الديمقراطي طالب بذلك، وهو الذي انتُخب من عديد من المثقفين الأتراك.
هل تعتقدين أن على الحكومات في أوروبا التنازل عن صلاحيات أكثر لصالح بروكسيل؟
شيلا بن حبيب:  إنه سؤال مهم بالنسبة لمستقبل أوروبا. أعتقد أن على أوروبا تبني عناصر فيدرالية أخرى دون أن تتحول في النهاية إلى دولة فيدرالية. طبعا، لا توجد دولة مستعدة للتخلي عن كامل سيادتها. فمع هذا الأخذ والرد بين المحكمة الدستورية الاتحادية والمحكمة الأوروبية، يظهر لنا منذ الآن، صعوبة الوصول إلى التوازن المناسب.
المصدر موقع قنطرة


عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا