تنوعت تجربة أحمد فضل شبلول الإبداعية للأطفال بين الدراسات والبحوث والدواوين الشعرية في رحلة بدأت مع ثمانينيات القرن العشرين، وبدأت الدراسات
بكتابه "جماليات النص الشعري للأطفال"، والذي قام فيه بدراسة ما يقرب من خمسة وعشرين ديوانا لشعراء الأطفال في الوطن العربي مستكنها جمالياتها الشعرية، وكتاب "أدب الأطفال في الوطن العربي – قضايا وآراء"، ثم "معجم شعراء الطفولة في الوطن العربي خلال القرن العشرين"، وتلاه كتاب "عائلة الأحجار" الذي يقدم مادة معرفية عن الأحجار منذ بدء الخليقة وحتى الآن.
أما على المستوى الإبداعي الشعري فقد قدم دواوين عدة، منها: "أشجار الشارع أخواتي" 1994، و"حديث الشمس والقمر" 1997، و"بيريه الحكيم يتحدث" 1999، وقد اهتم عبر دواوينه بالطفل المعاصر في حياته اليومية وتعامله مع الكون من حوله، ومع أشيائه، ومع الزمن، والحياة بعامة.
ففي قصيدة "قال الورق" (بديوان حديث الشمس والقمر) يتحدث عن تاريخ الإنسانية مع الكتابة، يقول:
كان الإنسان قديما يكتب في حجر وصخور
يكتب في شمع وجريد نخيل
وعظام، وجلود، وقشور
يكتب في طين محروق كالفخار
أو في أخشاب الأشجار
كان الإنسان قديما – يا أصحابي –
يكتب بالمسمار
في الألواح الطينية
أو يصنع أقلاما من أحجار
أو من عاج وحديد
أو من غابٍ – كالناي أو الزمار –
كان الأجداد القدماء يعانون
عند كتابة ما في الرأسِ، وعند التدوين
ثم اكتشف المصريون
أوراق البردى
كتبوا فيها: قصصا .. أشعارا .. أخبارا .. أفكارا
نقشوا علما وفنون
ثم اكتشف الصينيون ألياف القطن ...
وتستمر القصيدة لتؤكد على الهوية العربية والإسلامية، وفضلها على العالم في اكتشاف الكيمياء التي ساعدت على إنتاج الورق بأشكال عدة، ولاستخدامات عدة.
إن هذا النمط من الكتابة الشعرية للأطفال يعد مرحلة تجديدية، لما يتضمنه من اعتماد على الأنساق العلمية، ولغة العلم، مع القدرة على صياغتها في أبنية شعرية قادرة على التواصل مع الأطفال، ومعتمدة على النغم الموقّع في موسيقى تنساب عبر الأسطر الشعرية، وهو نمط تفرضه طبيعة العصر وتقنياته المتلاحقة التي تمثل المعلوماتية فيه مرتكز ومقاييس القوة، وهو ما يمثل توجها عاما لدى الشاعر، يبدو من خلال دراساته وأبحاثه حول "تكنولوجيا أدب الأطفال" و"أطفالنا والثقافة الإلكترونية".
• من بحث في كتاب "أدب الأطفال .. بين التراث والمعلوماتية" د. محمود الضبع. القاهرة: الدار المصرية اللبنانية.