-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

الاستغباء ثقافة ..! لؤي طه

بعد أن كان الاستغباء سلوكاً فردياً يستنكره الجميع، وتستهجنه الأخلاق. أصبح الاستغباء ثقافة، وسياسة للعديد من الدول؛ وله حضور قوي في شتى المجالات:
الاجتماعية- السياسية- الفنية- وحتي في حياتنا اليومية. هذا الحضور قد فُرض علينا فرضاً، وبات من الأشياء المسلّم بها..!
عندما تحالفت أمريكا مع أسامة بن لادن لمحاربة الشيوعيون، وتجعل منه قوة كبيرة، هي التي صنعته وأمدته بالسلاح؛ ومن ثم تعود لتطارده ويصبح عدوها اللدود، وتضعه في قائمة الإرهاب، ليكون لديها الحجة في تدمير البلاد، وسلب خيراتها؛ ألم يكن هذا استغباء للعقول العربية؟
حين دمرت أمريكا بلد عظيم مثل العراق، بحجة أن العراق يملك أسلحة كيماوية، فدخلت بهذه الحجة، وجعلت من العراق فوهة بركان ملتهب، وأشعلت كذلك حطب الطائفية ما بين الشعب الواحد؛ ألم يكن هذا استغباء علني على مرأى العالم، وانتقام من كل إنسان حر؟
عندما يقصف الطيران الروسي، وطيران النظام أحياء حلب الآهلة بالسكان، بصواريخ ثقيلة وبراميل متفجرة ليقتلوا بها المدنيين الأبرياء، ويهدموا المباني على رؤوس أهلها؛ بذريعة أنهم يقصفون الجماعات الإرهابية، أو مواقع المعارضة، لن ننكر بأن هناك جماعات متطرفة وإرهابية؛ لكن هل هذا يبيح للطيران الروسي الدخيل أن يدمر كامل تلك الأحياء والمشافي؛ لمجرد أنه يريد النيل من تلك الجماعات؟ أليس هو استغباء للرأي العام، والقانون الدولي، واستغباء للعالم كله؟
حينما تذهب المعارضة السورية في كل مرة، إلى جنيف. بأوراق مهترئة، ونزاعات داخل صفوفها، وخلافات مستمرة حول اختيار الزعيم، وتجلس على طاولة الحوار بموقف الهزيل والضعيف، الذي لا يملك القدرة والقوة ولا يملك خطة بديلة واضحة، وليس لديه حليف قوي وصادق معه؛ ليطالب بحكومة انتقالية لا مكان فيها للنظام. مع العلم، بأن النظام هو المسيطر على الأرض، وهو الطرف الأقوى في المعركة، أليس هو استغباء للذين فقدوا حياتهم.. وبيوتهم.. وتشردوا على حدود البلاد، ليتحولوا إلى لاجئين ونازحين تعبث بهم ريح الجوع والفقر؟
عندما تتدخل إيران وبشكل سافر، في النزاع السوري، وتبيح لنفسها ارسال جيوشها وكبار القادة العسكريين لبسط السيطرة والتوسع الفارسي في المنطقة، دون أدنى شعور بالقلق والارتياب من الموقف الدولي والأمم المتحدة. وتصول وتجول في سوريا، لتقتل وتسفك دماء المساكين. وكذلك عندما تتدخل في النزاع اليمني لتدعم الحوثيين لتطيل من عمر الحرب وتأجيج النزاع الطائفي، وتدخلها المطلق في الشأن العراقي في أدق تفاصيل الحكم؛ أليس هو استغباء وازدراء لجميع القرارات التي تنص بعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول ذات السيادة المستقلة؟
عندما نستمع إلى الأغاني العربية، المشحونة بالروح الوطنية، والقومية، ذات الإيقاع الهادر، واللحن المدوي الذي يهز الأرض تحت أقدام ” الدبيكة” وحين نرى في بعض الدول العربية العرض والاستعراض العسكري لعظمة جيوشها والقدرة القتالية المخيفة، وصفقات الأسلحة بمليارات الدولارات؛ نشعر بأن القدس قاب قوسين وأدنى وتعود لنا. بينما الواقع عكس ذلك تماماً، إذ أن تلك الدول ليست لديها أية نية لا حاضرة، ولا مستقبلية في محاربة إسرائيل؛ أليس هو استغباء لعواطف شعوبها واستخفاف بمشاعرهم وأحلامهم الوطنية؟
عندما يُقام في كل عام، وبشكل متناوب على قناة الــ mbc ما بين برامج فكرتها مستوردة من الغرب، لاكتشاف المواهب، والأصوات العربية. ينفق عليها الملايين. من أجل صناعة مطرب يضاف إلى قائمة المطربين، حين يفوز يرفع علم بلده، ومن ثم يفقد ذاكرته الوطنية، وفيما بعد يتحول إلى نجم مغرور، يتنكر من أصله، ويتبرأ من ماضيه بعد أن يجني الأموال الطائلة، والمعجبات اللواتي يذبن على نبرة صوته وشكله الوسيم. أليس هذا استغباء إعلامي، وتجاهل وقح، لأوجاع الذين يباتون وهم يتحسرون على كسرة خبز؟
حين تعجز كل قوى العالم الغربي، والعالم العربي من القضاء على قوة “داعش” والتي مهما بلغ عددها وعتادها، لن يكون إلا جزءاً بسيطاً من القوة العالمية المتمثلة بقوات التحالف، والأنظمة العربية. أليس هذا دليل قاطع على ضعف حكوماتنا، في التصدي لتلك الشرذمة؟ أو ليس هو استغباء علني لنا من قبل الدول العظمى لنموت نحن ويحيون هم… وما زال مسلسل الاستغباء مستمراً لم ولن ينتهي؛ إلا حين ننتهي من النزاع العربي، العربي ..!

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا