-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

ويسألونك عن مهرجان الخميسات محمد الشغروشني

يذكر المؤرخون بأنه في زمان ما من تاريخ المغرب، كان هناك رجالات ذوو رؤية وعلى بصيرة، فإذا ما أصاب مناطقهم أو قراهم كساد ما،أو زاد فائض محصولهم
الزراعي عن حاجة الساكنة، ولم يجدوا طريقة لتصريفه، وانسدت أمامهم السبل لرفع الضرر عن الناس، أقاموا مواسم للترفيه والترويج الاقتصادي معا، ودعوا لذلك مختلف القبائل لمشاركتهم ؛ولم يكن أولئك الأجداد يستعينون بشركات للترويج واللوجستيك والإشهار، ولا بمكاتب لدراسة الجدوى والعلاقات العامة، ولا لفنانين يقبضون "الكاشيات الثقيلة". ولئن اقتضت سنة التطور أن تستعين المدن اليوم ببعض من هؤلاء، في تدبير تظاهرة ما، فإن واقع الحال يفرض الاستعانة بالمتوفر، واعتماد مقاربة تشاركية، لربما عادت بالمنفعة على المدينة وأهلها .
يأتي هذا الحديث بمناسبة إقامة مهرجان بهذا الملصق، المكتوب باللغة الفرنسية، على عكس المعمول به في كل الملصقات الخاصة بالمهرجانات والملتقيات المغربية اليوم.
لن نتحدث هنا عن  شكل الملصق ومحتوياته، ولا عن صور الفنانين المحليين، فالملصق في حد ذاته إعلان عن حفلة للغناء، تزينها صورة للفروسية. علما بأن الملصق هو ذاكرة ثقافية وعمل فني يتكفل به أهل الاختصاص من الفنانين التشكيليين، ومدينة الخميسات تزخر بالعديد منهم، ومن ذوي الكفاءات العالية على المستوى الوطني والدولي .إنما سيكون الحديث عن زمن المهرجان ومكانه في المقام الأول، وفي المقام الثاني عن فعالياته، وفي المقام الثالث عن مدى حاجة المدينة إليه وبأية صيغة ؟
تعاني مدينة الخميسات إهمالا مهولا على مستوى البنيات التحتية، من طرق وإنارة وفضاءات خضراء ومراكز التسوق، والخدمات الصحية والاستشفائية وغيرها كثير مما لا يتسع المجال لسردها جميعا؛ وبالتالي فإن إقامة مهرجان في مدينة بهذه الوضعية يصبح ضربا من المستحيل، خصوصا وأن المدينة تفتقد للقاعات أو المركبات الثقافية أو معرض، تلك الفضاءات التي يمكن أن تحتضن فعاليات لما ينعت بالمهرجان .
وإذا ما تم التسليم بأن "المهرجان" حاجة اقتصادية وسياحية وترفيهية، فإن التوقيت الزمني المختار له من 23 إلى 26 نونبر 2016، هو بداية الموسم الفلاحي بالنسبة لإقليم تنهض اقتصادياته على الفلاحة، وأغلب ساكنته يشتغلون بها، وبالتالي هو موسم بداية الأمطار، الشيء الذي يجعل الحيز الزمني غير مناسب مناخيا واقتصاديا .
وإذا ما تم التسليم ثانية بأن المدينة في حاجة إلى ما يسمى المهرجان، فالحاجة تقتضي أن يكون هناك برنامج فاعل ووازن يلبي حاجيات السكان على اختلاف أعمارهم، اقتصاديا وسياحيا وفنيا وثقافيا، بعيدا عن الشعارات الجوفاء التي باتت من مسكوكات القرن الماضي، ماذا تعني كلمة مهرجان ثقافي بلا ثقافة ولا مثقفين، ماذا تعني كلمة مهرجان ثقافي بدون استحضار الموروث الثقافي للمدينة والإقليم، استحضارا بحثيا وعالما بعيدا عن الشعبوية والبروباغاندا، فالمهرجان ليس بالوصلة الاشهارية أو معرض عابر لاستعراض الذوات العابرة،فهو مِلْكٌ عام بمال عام، إنه محطة ثقافية وحضارية، يمكن من خلالها تقويم إنجازات وبناء استراتنيجيات عمل للنهوض بالمدينة والإقليم وتأهيلهما، لماذا صار القائمون على الشأن العام يخافون العلم والثقافة أو يعادونها أو يقصونها، بينما هي مرجعهم إن حسنت النيات، وكان القائمون على التدبير ذوي بصيرة لخدمة الصالح العام.
نعم بقدر ما تحتاج المدينة لتأهيل بنياتها التحتية، تحتاج كذلك لمهرجان يليق بها وبتاريخها، فكم من مهرجان عبر مدينة الخميسات ورحل، أما آن لهذه المدينة أن يكون لها مهرجان قار، يستلهم إمكاناتها الفلاحية والسياحية والايكولوجية والبشرية والمادية والثقافية والفكرية والفنية ؛ مهرجان في مستوى الألفية الثالثة، بعقلية حداثية منفتحة، لابعقلية العصور الوسطى وأقبية الأسرار .
إن المهرجانات الحقيقية تبنى بالأفكار والاستراتيجيات التي تُدْمِجُ حاجيات الساكنة بمؤهلات الفضاء وتسويق المنتوجات على اختلاف أنواعها، وبالتالي تكون بعيدة عن التهافت والتسابق ، باعتبار أنها تولَدُ لتحيا  لا لتصبح في مَهَبِّ الرغبات .




عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا