لا يجادل أحد من متتبعي مهرجان أوروبا /الشرق للفيلم الوثائقي ، منذ دورته الأولى سنة 2013 بأصيلة إلى دورته الرابعة سنة 2016 بطنجة ، أنه ولد كبيرا وظل كبيرا .
من جديد دورة هذه السنة ، من 26 إلى 29 أكتوبر الماضي ، انفتاحها على عالم الكتب من خلال استضافة السيدة رقية ديان ، مديرة دار نشر رمال ، وبرمجة توقيع كتاب جديد من إصداراتها بعنوان " غضب من الضحك " (La Fureur de Rire) من تأليف الكاتب والصحافي والسيناريست محمد العروسي ، بحضور الإعلامي المغربي الكبير خالد الجامعي الذي كتب مقدمة للكتاب .
تميز حفل توقيع هذا الكتاب ، الذي احتضنته القاعة الكبرى للمركز الثقافي أحمد بوكماخ في منتصف نهار الجمعة 28 أكتوبر2016 ، بتدخل السيدة رقية التي أشارت في البداية إلى أن أول توقيع لكتاب العروسي حظي به مهرجان أوروبا / الشرق وستتلوه توقيعات أخرى بمدن وفضاءات عديدة ، كما أوضحت أن " رمال " هي دار نشر جديدة تحاول أن تكون مختلفة عن باقي الدور الأخرى لأنها تحمل نفسا جديدا لعالم نشر الكتب ، تواكب الكتاب وتشجع الكتابة بكل اللغات الموجودة بالمغرب .
وفي كلمته بالمناسبة عبر الصحافي خالد الجامعي عن سروره بالمشاركة في لحظة تقديم وتوقيع كتاب صديقه القديم العروسي ، الذي ذكرته مواده (les chroniques) بمقامات الحريري و بديع الزمان الهمداني ، لأنها تتضمن وصفا دقيقا وساخرا لواقعنا الإجتماعي . فمحمد العروسي ، حسب الجامعي ، فريد في هذا الجنس الإبداعي الصحافي ومتمكن من نحوه واختيار كلماته والتلاعب بها . وهذا النوع من الكتابة ، في نظره ، ستكون له أهمية في المستقبل لأنه يؤرخ للحظات مجتمعية معينة ويجعلنا نكتشف أشياء لا نعطيها في العادة أهمية . نحن شعب لا يضحك ، حسب الجامعي ، لأننا دوما " مغوبشين " و " مزكرمين " لا نقبل الضحك والكاريكاتور في بلادنا ، نعيش بالأساطير التي تتحول إلى حقائق ، والعروسي يفكك هذه الأساطير وبالضحك والسخرية يدفعنا للنظر إلى الأشياء بطرق مختلفة .
أما مؤلف الكتاب محمد العروسي فقد أثنى على الناشرة وشكر صديقه الجامعي وجنود الخفاء الذين ساندوه ، وأكد على أن السيدة رقية ديان آمنت بما كتب وغامرت معه بنشره . وكتابه هذا عبارة عن نصوص (كرونيك) كتبها على امتداد عشر سنوات منذ 2006 ، وسبق له أن نشر مختارات منها تحت عنوان " لا أحد يضحك " (Personne ne rigole) . في البداية لم يكن العروسي يكتب وينشر هذه النصوص الساخرة بانتظام في مختلف المنابر الفرنكوفونية بسبب إشرافه على وكالة للتواصل والإشهار ، لكنه في السنوات الأخيرة أصبح يكتبها يوميا بعد أن ترك عالم الإشهار وتفرغ للكتابة ، ويتطلب منه كل نص ما بين ساعتين وثلاث ساعات . من 3000 نص انتقى العروسي 300 فقط ونشرها منذ شهر تقريبا في كتاب " غضب من الضحك " .
لم يكن في الماضي يتقاضى مقابلا ماديا على كتاباته الصحافية ، أما الآن فهو كاتب محترف لا يشتغل بشكل تطوعي . اعترف العروسي في هذا اللقاء بأنه ليس صحفيا وإنما هو كاتب نصوص ساخرة (chroniqueur) ، يكتب ليداوي نفسه أولا ثم بعد ذلك ليقرأه آخرون . في ختام كلمته شكر العروسي منظمي المهرجان وأشاد بجديتهم وباحترافيتهم في التنظيم رغم قلة الإمكانيات .
تجدر الإشارة في الأخير إلى أنه سبق لمهرجان أوروبا /الشرق للفيلم الوثائقي والجمعية المنظمة له ، الجمعية المغربية للدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية ، أن نظما في الدورات السابقة حفلين لتوقيع كتابين من إصدارهما : الأول من تأليف رئيس الجمعية الدكتور عبد الله أبو عوض تحت عنوان " مدخل إلى صناعة الفيلم الوثائقي " والثاني من تأليف مستشار المهرجان المنتج والمخرج جمال السويسي بعنوان " نظرة على المسرح بالمغرب في عهد الحماية من 1912 إلى 1956 " .
من طنجة : أحمد سيجلماسي