-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

لا تبيعوا البلد..! محمد بشكار

لا أعرف لماذا الرَّحى دارتْ بكل هذا الهدير حتى لا أقول الجَدَل حول إلغاء مجانية التعليم؛ أليس يعتبر أحد القطاعات الحيوية التي تمكننا من العيش مثل الماء و الكهرباء
اللذين نسدد فاتورتهما في آخر الشهر إذا استثنينا الهواء الذي ما زلنا نتنفسه دون عدَّاد؛ كل شيء أصبح بالفلوس في بلدنا، فلماذا كل هذا الضجيج و العجيج حين انبرى صوت لا أعلم هل من فوق أو تحت ليزكمنا برائحة إلغاء مجانية التعليم؛ لكأن ضِراط حاله يقول لنا تريدون أن تقرأوها باردة يا أبناء الفقراء الذين لولاكم لضاع العلم؛ و لعمري إن فتيل الفتنة يبدأ من لسان مَن نطق عن و عي أو غيبوبة بإلغاء مجانية التعليم، يريد تأجيج الصراع الطبقي في المجتمع بجعل التعليم حكْرا على أبناء الأغنياء، و البلد في غنى عن مثل هذه الأقاويل الجوفاء في وقت تحاول فيه البلدان رأب كل صَدَعٍ قد يدخل منه البرد للأوصال حفاظا على أمنها و استقرارها؛ إن العلم لا يُباع و لا يُشترى و لا يصلح أن نتخذه بضاعة في صفقات مشبوهة لا يستفيد منه إلا الأسياد أو النبلاء كما في العصور الوسطى؛ بل يعتبر كما أسلفت قطاعا حيويا متاحا لكل أفراد المجتمع على اختلاف ألوانهم و مستويات جيوبهم، و كلما امتد التعليم إلى الأصقاع السحيقة للبلد حتى في المناطق التي لم يصلها ضوءٌ،كلما ضمننا لبلدنا مقعدا في الرَّكب الحضاري الذي يمضي بسرعة نفاثة لا نستطيع للأسف أن ندركه و نحن ما زلنا نمشي زحفا؛ بل إن عبارة من قبيل أو قبيلة إلغاء مجانية التعليم مما يبعث على الشلل..!

منْ رفض أن يكون التعليم بالفلوس؛ ألسنا ندفع فاتورة الكهرباء لننقذ بيوتنا من الظلام، العلم أيضا نور و لا يمكن أن تضيء مصابيحه في العقول مجانا و إلا احترقت و عمت رؤوسنا أفكارٌ ظلامية..؟
ألسنا نشتري الخبز لنغذي البطون، العلم أيضا غذاء للأرواح، و يجب أن ندفع ثمنه في ريستورات مدارسنا التي لا تذخر جوعا لتنفخ الأدمغة برُزمٍ من الكتب المدرسية لا يحملها حمارٌ إلا أصبح فيلسوفا قبل أن يكمل سنته الأولى ابتدائي..؟
ألسنا حين نعْرى نشتري ملابس تستر عوراتنا في الشارع العام؛ العلم أيضا كساء يجب أن ندفع ثمنه باهظا حسب آخر التقليعات و الماركات في مدارس أمريكية أو أنجلوساكسونية تحْلق بدون ماء ..!
عجبي؛ في الوقت الذي تشجع فيه البلدان المتحضرة شعوبها للإغتراف من معين العلم بجعل أجور أهل التعليم أعلى مما يتقاضاه الوزير، و تحفيز الطلبة بإعانات مادية تُعَبِّد سُبُل البحث و التحصيل، يأتي من يريد أن يقطع دابر الرؤوس من أعناقها حتى لا يبقى في البلد دماغ يسخن بما لا تُحمد أفكاره..!
ثم من قال إن التعليم في المغرب ما زال مجانا؛ ألا تكفي هذه الرزم من الكتب المدرسية التي يسدد ثمنها المهول من دم جوفهم، آباءٌ فقراءٌ لا يتجاوز مستوى الإنفاق المعيشي عندهم 20 درهما في اليوم، لا لشيء إلا ليهيضَ كاهلُ الطفل بحقيبة لن يُكسبه ثقلها في آخر السنة إلا ظهرا أحدب بميزة شَارِفْ جدا..!
رحم الله زمنا حيث كنا لا نحمل في محافظنا إلا لوحا و قلما و طباشير و تلاوة و قرآنا و دفترا لا يتجاوز أربعا و عشرين ورقة؛ كان العلم خفيفا على الجسد و الروح، مما يفسح لذكائنا فجوات لتنفس هواء نقي و البروز بأشعة المعرفة، بدل كتْم الأنفاس بأكوام الكرطون التي تنطوي أوراقها على مواد تجاوزت الأرض في علومها و صارت مريخا..!
أعود للقول إن التعليم لا يُباع أو يُشترى، من ينادي ببيعه لأبناء الوطن، فهو إنما يبيع مستقبل هذا البلد بأبخس الأثمان..!
(افتتاحية ملحق"العلم الثقافي" ليومه الخميس 8 دجنبر 2016)

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا