تميز برنامج اليوم الثاني من أيام الدورة العاشرة للمهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات بانطلاق أشغال المحترفات التكوينية الثلاث صباح الأربعاء 30 نونبر 2016 بالمركز
الثقافي للمدينة ، الحديث البناء . ويستفيذ من هذه المحترفات ، على امتداد ثلاثة أيام ، ستون هاويا من سطات ومدن مغربية أخرى موزعين على محترف الإخراج من تأطير محمد أمين مونا و محترف السيناريو من تأطير عبد القادر المنصور ومحترف التصوير من تأطير عبد الإله زيرات. كما تميز برنامج هذا اليوم الثاني أيضا بتنظيم لقاء مفتوح مع رئيس لجنة التحكيم مدير التصوير والمخرج السينمائي والتلفزيوني عبد الكريم الدرقاوي ، بعد الزوال ، حول تجربته الإبداعية الطويلة ، سيره الناقد والصحافي السينمائي أحمد بوغابة .
كان هذا اللقاء بمثابة درس سينمائي لفائدة هواة السينما تحدث فيه الدرقاوي عن بعض محطات مسيرته الفنية منذ لحظة الهواية عندما كان عمره حوالي 11 سنة حيث انجذب إلى فن التصوير الفوتوغرافي في البداية وبعده انفتح تدريجيا على عالم التصوير السينمائي بكاميرات 8 ملم و 16 ملم في مطلع الستينات من القرن الماضي ، مرورا بمرحلة التكوين الأكاديمي بمدرسة لودز الوطنية العليا للسينما والمسرح والتلفزيون ببولونيا (من 1965 إلى 1972) ، ووصولا إلى مرحلة الإحتراف بعد عودته رفقة شقيقه مصطفى إلى المغرب واشتغاله في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية المغربية والأجنبية كمدير تصوير قبل إقدامه على ممارسة الإخراج السينمائي في مجموعة من الأعمال من بينها أفلامه الروائية الطويلة " زنقة القاهرة " و " وليدات كازا " و " غرام وانتقام " .
لم يبخل كريمو الدرقاوي على هواة السينما بمهرجان سطات بما يمتلكه من خبرة ومعرفة بعوالم وخبايا الصورة الثابتة والمتحركة ، بل كان سخيا معهم إذ أجاب عن مختلف أسئلتهم التي تمحورت حول قضايا عدة نذكر منها على سبيل المثال : الفرق بين الفيلم السينمائي والفيلم التلفزيوني ، أسباب عدم انتشار الفيلم المغربي عالميا ، طبيعة التكوين في مدرسة لودز البولونية خصوصا على مستوى التصوير والإخراج السينمائيين ، مستوى التكوين السينمائي بالمغرب في بعض المعاهد الخاصة وفي المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما بالرباط ، دور وأهمية العمل الذي يقوم به مدير التصوير في صناعة الفيلم ، تقييمه لمستوى أفلام الهواة بالمغرب وما ينبغي القيام به... إلخ ...
لقد كان هذا اللقاء مع المبدع عبد الكريم الدرقاوي ممتعا إذ تم فيه تسليط بعض الأضواء على جوانب غير معروفة من سيرته وأعماله ، سواء من خلال الكلمة التي قدمه بها أحمد بوغابة في بداية اللقاء أو من خلال ما تضمنته إجاباته عن أسئلة الهواة وغيرهم ممن حضروا هذا اللقاء أو من خلال الفيلم الوثائقي القصير الذي تم عرضه . وهكذا تعرفنا على أنه كان من رواد الأندية السينمائية حيث شاهد العديد من كلاسيكيات السينما العالمية في إطار النادي السينمائي التابع للمركز الثقافي الفرنسي بالدار البيضاء ، وأنه انخرط في أنشطة الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب منذ تأسيسها سنة 1973 ، وكان هو وأخوه من ضحايا سنوات الرصاص خصوصا في مرحلة السبعينات من القرن الماضي التي تميزت بالتضييق على الحريات إذ تعرض للمنع فيلم " أحداث بدون دلالة " الذي صوره عبد الكريم وأخرجه أخوه مصطفى سنة 1974 ، ولم يسمح له بالعرض داخل المغرب إلا عندما أصبح سهيل بنبركة مديرا جديدا للمركز السينمائي المغربي ابتداء من سنة 1986 . ومعلوم أن هذا الفيلم ، الذي صور بمقاس 16 ملم يعتبر أول الأفلام المغربية التي تم تحويلها من 16 إلى 35 ملم . كما يعتبر " ايام شهرزاد الجميلة " (1982) من إخراج مصطفى وتصوير عبد الكريم أول فيلم مغربي تم تحميضه بالألوان بمختبر المركز السينمائي المغربي ، و " الدار البيضاء باي نايت " أول فيلم مغربي صور بتقنية البانافيزيون .
كان كريمو ، من مواليد 29 مارس 1945 بوجدة ، ولا يزال من مشجعي السينمائيين الشباب خصوصا في أفلامهم الأولى ومن المؤطرين السينمائيين الأكفاء في تخصصه (إدارة التصوير) بالعديد من المعاهد الخاصة والكليات والورشات التكوينية المنظمة من طرف الجمعيات والتظاهرات السينمائية المختلفة . كما كان ولا يزال يؤمن بأهمية العمل الجماعي منذ تجربة الفيلم القصير " الجدران الأربعة " الذي أخرجه أخوه مصطفى سنة 1964 بمساعدة الراحلين محمد عصفور ومحمد الركاب ومشاركة الممثل الكبير الراحل محمد الحبشي وآخرين ، وتجربة الفيلم الجماعي " رماد الزيبة " سنة 1976 ... أدار عبد الكريم الدرقاوي تصوير 35 فيلما روائيا طويلا وعددا كبيرا من الأفلام القصيرة والمسلسلات والأفلام التلفزيونية . انخرط هو وأخوه في صفوف الحزب الشيوعي المغربي في الستينات من القرن الماضي ، الشيء الذي مكنهما من الحصول على منحة لدراسة السينما ببولونيا .
وفي فقرة العروض السينمائية تميز برنامج هذا اليوم الثاني بانطلاق عروض المسابقة الرسمية ، التي يشارك فيها 14 مخرجا هاويا ، ابتداء من السابعة مساء بالقاعة الكبرى للمركز الثقافي بسطات . وهكذا تم عرض الأفلام الأربعة التالية بحضور بعض مخرجيها أو من ينوب عنهم : " رقصة الموت " لعتيقة العاقل من مدينة تمارة و " نقطة استفهام " لبوشعيب المسعودي من مدينة خريبكة (ناب عنه في تقديم الفيلم الناقد عبد العزيز ثلاث) و " روبيك " لعبد الله رحال و " النفس الأخير " لحفيظ عيساوي من وجدة (لم يحضر مخرجه) .
تجدر الإشارة إلى أن عروض المسابقة الرسمية سبقتها عروض الحصة الأولى من البانوراما ، المخصصة هذه السنة للأفلام الفائزة بالجائزة الأولى للمهرجان في دوراته التسع السابقة وذلك في إطار الإحتفال بالذكرى العاشرة للمهرجان ، حيث تم عرض الأفلام الثلاثة التالية : " وأنا " للحسين شاني و " مهاجر " لأشرف بزناني و " أيام الصيف " لعماد بادي .