الشرائية صديقتى عيناها عسليتان تتطلع للقمر ويخفق قلبها بالحب، ليس لإنسان واحد بل لكل الكائنات الحية ومنها الصخور تمسك بيدها قطعة حجر تتأملها بانبهار ودهشة طفولية.
لماذا تدهشك قطعة حجر؟
ولماذا لا تدهشك؟
لا أرى فيها ما يدهشنى
تبدأ الشيخوخة بفقدان الدهشة
تناولت فطورك عسل ولوز؟
الحجر ينبض فى يدى مع نبض القمر.
هل أحس نبض الحجر ومعدتى خاوية؟
أنت سجينة الواقع يا صديقتى
لا يكشف الحقيقة إلا الخيال لا نحصل على المعرفة إلا بالتخيل والإبداع.. كيف ننتزع «المعرفة» من براثن الجوع والقهر والقنابل النووية والفراغية؟ كيف تصبح «المعرفة» هى الفضيلة وليس الخطيئة، أو تغطية رؤوس النساء وزيادة حصص الدين؟
هل يمكن التحرر من عبودية القرن الحادى والعشرين وقد تفاقم الفقر وأصبح ١ بالمئة من البشر يملكون كل شيء و ٩9 بالمئة لا يملكون شيئا، فى أغنى البلاد، وهى الولايات المتحدة الأمريكية فما بالنا نحن؟
يتطلع الأطفال للقمر ويتساءلون من أين جاء؟ يعجز الآباء والمدرسون عن الإجابة لم يدرسوا تاريخ نشوء القمر والأرض والشمس والنجوم والمادة الأولى للكون، الذرة والإلكترونات يشتغلون طول الوقت بالكمبيوترات دون أن يفهموا كيف تعمل؟ لماذا ينظر العشاق إلى القمر؟ ما علاقة القمر بالمد والجزر فى البحار، وبالدورة الدموية فى أجسامنا.
لماذا يدور القمر حول الأرض، ولماذا تدور الأرض حول الشمس وليس العكس؟ لماذا حكمت الكنيسة بقتل العلماء الذين اكتشفوا أن الأرض تدور؟ لماذا يفزع رجال الأديان من الاكتشافات العلمية؟ ما علاقة المعرفة بتطور المخ والخيال والإبداع؟
كانت صديقتى تشرح لى الصلة بين القمر وقطعة الحجر، وأنا مشغولة بارتفاع ثمن العسل وياميش رمضان وقالت صديقتي: من لا يعرف تاريخ القمر يعيش فى الظلمة «وأعطتنى الدرس لم يكف العلماء عن البحث عن نشوء القمر اعترفوا بخطأ النظريات القديمة عن أن دوران الأرض السريع حول محورها أدى إلى انشطار قطعة منها تحولت فيما بعد لتكون القمر، أى أن القمر ابن الأرض، لكن التحاليل أثبتت أن تركيب صخور الأرض ليس هو تركيب صخور القمر واستمر العلماء فى البحث واتضح أن القمر لم يكن داخل مجموعتنا الشمسية لكن الأرض استطاعت بقوة جاذبيتها أن تشده إليها ليدور حولها.
ثم جاء علماء آخرون واكتشفوا أن القمر تكون بالطريقة نفسها التى تكونت بها الأرض أى من الغبار الكونى والقطع الصخرية التى تجمعت وكونت الأرض والقمر وغيرهما من الكواكب، لكن أحدث النظريات ظهرت فى التسعينات من القرن العشرين، وقد اتضح أن الأرض اصطدمت بكوكب آخر، فتناثرت قطع منها، تجمعت مع بعضها عبر السنين لتكون القمر، وقد حدث التصادم بشكل مائل، مما يفسر التشابه الكبير فى كثافة القمر مع كثافة الجزء الخارجى من الأرض، ويستمر العلماء فى بحوثهم وتطوير أفكارهم للوصول إلى النظرية الصحيحة نسبيا، فلا يوجد فى العلم حقائق نهائية، وتتواصل البحوث والتجارب التى اكتشفت الكهرباء والطائرات والكومبيوترات. وما سيأتى فى المستقبل من اكتشافات لانهائية بفضل المعرفة المتزايدة، لكن المعرفة أنتجت أسلحة الدمار الشامل؟
بسبب سيطرة الحكومات على العلماء وتكريس المعرفة لإنتاج الأسلحة والغزو العسكرى.
كيف فعلت ذلك؟ برشوة العلماء والمفكرين بالمال والجوائز والمناصب، ومن لا يقبل الرشوة يتعرض للقتل أو النفى أو السجن أو تشويه السمعة فى الإعلام، ولماذا لم تدافع الشعوب عن مبدعيها بسبب تجهيلها فالشعب الجاهل يسهل حكمه واستغلاله، وكيف تم التجهيل بنظام تعليمى عام يمنع التفكير والإبداع خوفا من عقاب الدنيا والآخرة ،يدخل المبدعون السجون بتهمة ازدراء الأديان وتكف الشعوب عن التفكير وينشغلون بالعسل والياميش، وهل نفقد متعة التطلع للقمر إن عرفنا أنه مظلم وصخر وحجر؟ بل نعرف أنه «كائن حى» وتزيد المتعة بزيادة المعرفة.