الزمان: منذ بضعة أسابيع. المكان: عاصمة أوروبية.
ما إن خطوت الخطوة الأولى على تلك الأرض، حتى بدأت
الأسئلة الغريبة العجيبة
تنهمر على رأسي من كل الأنحاء: من موظف الجمارك الذي ختم الباسبور،
مروراً بالآنسة التي أُرسِلت لاستقبالي، وصولاً الى سائق السيارة الذي اصطحبني الى
الفندق...
"لماذا فعلوا في رأيكِ ما فعلوه؟"،
راحوا يسألونني.
كنتُ يومذاك أمرّ بأوروبا بعد جولة دامت نحو أسبوعين
في أميركا اللاتينية، انقطعتُ خلالها عن متابعة الأخبار كعادتي، كي أرتاح وتكون رحلتي
رحلةً حقاً، لا قصاصاً.
بعد برهة، انتصرتُ على شعوري بالخزي لأنّي على غير
علم بما كان يجري في الآونة الأخيرة في العالم، وسألتُ ألكسندرا، الصبية التي أتت لترافقني:
اعذريني، لكني عائدة من عزلة. هلاّ تشرحين لي عمّا تتكلمون جميعاً؟
أجابت ألكسندرا: ارتكبتْ مجموعات من اللاجئين عمليات
تحرش جماعية في كولونيا، ألمانيا.
شعرتُ بالعار لأني عربية. شعرتُ أنني متهمة. ثم
لم أعرف ماذا أقول لألكسندرا التي كان الرعب يلتمع في عينيها الزرقاوين. أخيراً وصلتُ
الى الفندق، وما إن تمكنتُ من استخدام الـ"واي فاي"، ومن الاتصال تالياً
بشبكة الانترنت، حتى استطلعتُ مواقع مختلفة، ففهمتُ بشاعة ما حصل.
فهمتُ أيضاً أن المسألة ليست مبسطة إلى هذا الحد:
ليست فقط قضية لاجئين عرب يتحرشون بنساء أجنبيات، بسب الكبت الجنسي أو بسبب كراهية
الغرب.
ذلك المساء قلتُ لألكسندرا: إطمئني يا عزيزتي، من
المرجّح أكثر أن يغتصبك ابن بلدك من أن يغتصبك رجل عربي. الاغتصاب لا علاقة له بمسألة
الغرب والشرق، ولا بمسألة العروبة واللاجئين.
صدِّقوا أو لا تصدِّقوا، شعرتْ ألكسندرا بالاطمئنان!