لا تزال الفترة التي أعقبت سقوط غرناطة محاطة بالكثير
من الأسرار، فتحول المسلمين من أندلسيين أصحاب سلطة إلى "مدجنين" في كنف
الإمارات الكاثوليكية جعل حياتهم
منغلقة ومضطربة، أول ما يحكمها هو الخوف وتجنب المواجهات.
لكن هذه الفترة نفسها، برغم ما فيها من سوءات، كانت أفضل من فترة أخرى تحولوا فيها
إلى موريسكيين، أي صدر فرمان ملكي بتنصيرهم أو تهجيرهم، فاختاروا، ظاهريًا، التنصير.
في هذه المرحلة، التي بدأت من عام 1502، ازداد الغموض حول حياتهم، وباتوا يكوّنون جالية
بالمعنى المفهوم، مع أنها جالية مخترقة بعيون الأمن، إذ فرضت عليهم السلطة أن يتركوا
أبواب بيوتهم مفتوحة حتى يتسنى للمخبرين الاطلاع عل حياتهم الداخلية.
ورغم العثور على آلاف المخطوطات الخاصة بالموريسكيين، أو التي ورد ذكرهم
فيها، مثل أرشيف محاكم التفتيش، إلا أنها لم تكن كافية لتكوين صورة تاريخية عادلة،
ولا تقديم قراءة أنثروبولوجية وثقافية لأفراد فرضت عليهم السلطة أن يعيشوا في جلد غير
جلدهم. بالطبع، اعتمد المؤرخون على مخطوطات عثر عليها التاج الكاثوليكي في البيوت المهجورة،
بعضها كان في كوات، أو بين الجدران أو تحت الأرضية، لكن المؤكد، أو ما بات مؤكدًا في
السنوات الأخيرة، أن الموريسكيين حملوا معهم مخطوطات أخرى كثيرة إلى مدن المهجر، خاصة
في المدن المغربية، مثل تطوان وطنجة وفاس، من بين مدن أخرى. وهو ما كشفت عنه مؤخرًا
كشوفات تاريخية.