لأننا ضد استيراد الديموقراطية وتوصيات الإصلاح
من الخارج الغربي أو التغيير من المشرق العربي والفارسي ، أو النموذج الشيوعي / الاشتراكي
من امبراطورية الدب
الروسي ، وكما طالبنا بالتعامل بجدية وبحذر شديد مع تسريبات باناميكس
، وقلنا بأن تداعياتها لن تكون أقل حدة من « تجربة » ويكيلكس التي مهدت لعاصفة « الثورات
» الملونة ، ها نحن نجدد التحذير من غبة الانسياق مع ما يحضر في سوريا ، بعلة استعمال
الغاز الكيماوي ، وهي نفس الذريعة التي استعملها الجمهوريون في العراق ، باسم شبهة
اسلحة الدمار الشامل ، وما العمليات الجراحية التي ستقوم بها امبراطورية العم سام ،
انطلاقا من قاعدة الأسطول المستوطن في مياق شرق المتوسط ، الا ايذان ببداية الحرب العظمى
بالوكالات ، ليظل الرهان على الصداقات والعمالة أو التحالفات خاسرا ، ولأنه ليست هناك
علاقات عداء دائمة ولا روابط صداقة مستدامة ، فالمصالح والمنافع هي المهيكلة لأي تعاقد
أو التزام ، فالأمر لا يتعلق بادارة مجنونة او سلوك شاذ لدى الرئاسات ، وانما هي خيارات
عدوانية سيكون لها وقع على امتداد منطقة شمال افريقيا والساحل الغربي ، في ظل لا مبالاة
تامة من قبل الاحزاب السياسية المغاربية ، ومادام هناك اعتقاد لدى القوى العظمى بأن
التاريخ انتهى ، في حق رأسماليات الدول التي حكمتها او لا زالت تحكمها ألبورجوازيات
الصغيرة والأوليغارشيات المالية والطغمة العسكرية ، فإنه وجب التذكير بأن الذي انقضى
هو تاريخ الصراع العمودي ، بصفة نسبية ، وتحول أفقيا وعرضانيا بأن صارت المعرفة تقود
الصراع من أسفل إلى أعلى ، باعتبارها سلطة ساهمت العولمة الالكترونية في تعميمها ،
وعلى إثرها تم استنباط قانون جديد ضمن قواعد الجدل التاريخي ، ألا وهو قانون التكيف
في أفق التحول ، وهو يتجسد في الصيغة التوليفية للجمع « الاضطراري » بين الحق الملكي
الوراثي وبين الواجب الديموقراطي ، وهو وضع غير مستقر منذ تم استخدام الدين وسيلة لتأجيج
النزاعات حول الشرعية وسلاحا للاطاحة بالانظمة التقليدانية ، بعلة إن كلفة حمايتها
باهظة ، الشيء الذي يستدعي توخي الحيطة ، فزمن الحصانة من مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة
قد ولى ، في نظر ” أصدقاء الأمس ” ، ولم تعد مجدية القاعدة المغرضة التي تدعو القادة
والزعماء ، الى ادعاء العصمة من الاخطاء لكي لا يحاسبوا ، سياسيا أو حنائيا ، ولكي
لا يخطئ عليه أن لا يمارس ويصارع اقتصاديا أو مذهبيا ، مما يعني أن يكون فوق الصراع
. هي مفارقة تدعو إلى فك لغز تمثل « بعضنا » مقولة نهاية التاريخ والحال أن « بعضنا
الآخر » يؤمن بكون التاريخ ليس سوى صراعا إجتماعيا بالدرجة الأولى ، في ظل حرص القوى
العظمى على تشجيع الحروب الطائفية والعرقية والمعارك الفئوية باسم صون و « دمقرطة
» حقوق الأقليات ضد الإضطهاد الاقتصادي والإكراه اللغوي أو الثقافي . صحيح أن شروط
تفعيل مطلب الملكية البرلمانية غير متوفرة بحكم تصاعد المد المحافظ ، وصحيح أن صناديق
الاقتراع يصنعها البؤس الاجتماعي والفقر الفكري ؛ لكن أكيد أن في مطلب التحرر ما يوفر
امكانية التعاقد من أجل رد الاعتبار لدولة المجتمع بديلا عن مجتمع الدولة ، فالمسؤولية
الاجتماعية تقتضي الغاء كل المقتضيات و الالتزامات الاذعانية محل العلاقة مع الخارج
، من ديون وفوائد قسرية ترهن تنمية الوطن ؛ بل تهدد السيادة الوطنية ، فكيف لنا ان
نحرر سياساتنا العمومية من قبضة ” الاستعمار “الاقتصادي /المالي ، في ظل أحزاب منهكة
و حكومات مترددة لم يعد يعنيها مصير حقوق الاوطان ولا حقوق الانسان ، بنفس قدر ما تعنيها
المكاسب والمناصب ، ومنها من ينتحر استقواء بالشرعية الدينية او التاريخية ، وفي أحسن
الحالات بالخارج ودمقراطيته المستوردة .
recent
كولوار المجلة
recent
recent
جاري التحميل ...
recent