عندما انهارت ألمانيا الشرقية، صعد المستشار الألماني الى مستوى الحدث وساعد بعلاج الانقسامات المريرة للحرب الباردة. كان هيلموت كول واحدا من ثلاثة سياسيين
محافظين غربيين، هيمنوا على السياسة العالمية، الى جانب رونالد ريغان ومارغريت تاتشر، وساعدت معارضتهم الأيديولوجية والعملية القوية للاتحاد السوفيتي بسقوط جدار برلين ونهاية الحرب الباردة.
لكن على الرغم من سمعته كمتشدد وانجازه كأطول مستشار ألماني بقي في الحكم منذ بسمارك، كان كول شخصيا رجلا ضخما يمشي بتثاقل لم يأخذ نفسه على محمل الجد. بدلا من الادعاء بامتلاكه فطنة ليست فيه، اعترف كول لاحقا وبصراحة أنه لم يتوقع الانهيار السوفيتي المفاجئ وشعر بالدهشة حاله حال الجميع عندما وقع.
تعامل كول مع انهيار الجار الشرقي بعزم وتأن بطريقة صدمت وحذرت الكثيرين في الغرب ومنهم تاتشر، مع أنه لم يكن مستعدا لذلك. نفذ كول حرفيا الأمر في دستور بلاده لإعادة وحدة ألمانيا، وقدم خطته المكونة من 10 نقاط عن «تجاوز انقسام ألمانيا وأوروبا» بدون الاشارة الى القوى الغربية زمن الحرب: أميركا وبريطانيا وفرنسا.
في سلسلة من التحركات الجريئة والسريعة عام 1990، سافر كول الى موسكو بحثا عن قبول الرئيس ميخائيل غورباتشوف بالوحدة الألمانية، ووقع معاهدة الوحدة الاقتصادية والاجتماعية السريعة مع زعماء ألمانيا الشرقية الذين أطاحوا بشيوعيي «إيريش هونيكر» وكسب الدعم الأميركي بمساعدة وزير خارجيته البارع «هانز ديتريش غينشر».
وقف الحظ الى جانب كول أيضا، فيعود جزء من نجاحه الى «سياسة الشرق» التي اتبعها المستشاران الأسبقان ويلي براندت وهيلموت شميدت من الحزب الاشتراكي الديمقراطي. واجهت السياسة تجاه الجار الشرقي التي مارساها معارضة ثابتة من حزب كول المسيحي الديمقراطي واليمين المتشدد، لكن في النهاية نجاح كول برر تلك السياسة.
تعزى قدرة ألمانيا على تحمل التكاليف الملحمية لاعادة بناء الدولة الجديدة الى انجاز سياسي آخر لكول: معاهدة ماسترخت عام 1992 التي جلبت الاتحاد الأوروبي الى الوجود ومهدت الطريق أمام انشاء اليورو. منح الاتحاد والعملة الموحدة ألمانيا الأسواق والوسائل الكفيلة لانتاج معجزة تصنيعية وصناعية ألمانية ثانية.
وجد كول في رؤيته الطموحة لأوروبا موحدة شريكا متحمسا وهو الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا ميتران. اعتقد الزعيمان أن أوروبا ستكون آمنة ومستقرة اذا عملت أكبر قوتين فيها جنبا الى جنب، وذلك التعاون بالنسبة اليه منسجم مع غريزته للمصالحة السلمية. تصافح كول في بداية ولايته الثانية عام 1984 مع ميتران على أرض قتال الحرب العالمية الثانية بمنطقة «فردان».
عمل كول مستشارا بشكل مستمر بين عامي 1982 و1998، وتقاعد من الحياة العامة في 2002. تشوهت سنواته اللاحقة بسبب فضيحة تخص تمويل حزبه وانتحار زوجته «هانلور» عام 2001. استمر كول بالتعبير عن آرائه حتى اصابته بأول أمراضه المتعددة، وانتقد بحدة سياسات ميركل التقشفية بعد الأزمة المالية العالمية.
* صحيفة الغارديان
محافظين غربيين، هيمنوا على السياسة العالمية، الى جانب رونالد ريغان ومارغريت تاتشر، وساعدت معارضتهم الأيديولوجية والعملية القوية للاتحاد السوفيتي بسقوط جدار برلين ونهاية الحرب الباردة.
لكن على الرغم من سمعته كمتشدد وانجازه كأطول مستشار ألماني بقي في الحكم منذ بسمارك، كان كول شخصيا رجلا ضخما يمشي بتثاقل لم يأخذ نفسه على محمل الجد. بدلا من الادعاء بامتلاكه فطنة ليست فيه، اعترف كول لاحقا وبصراحة أنه لم يتوقع الانهيار السوفيتي المفاجئ وشعر بالدهشة حاله حال الجميع عندما وقع.
تعامل كول مع انهيار الجار الشرقي بعزم وتأن بطريقة صدمت وحذرت الكثيرين في الغرب ومنهم تاتشر، مع أنه لم يكن مستعدا لذلك. نفذ كول حرفيا الأمر في دستور بلاده لإعادة وحدة ألمانيا، وقدم خطته المكونة من 10 نقاط عن «تجاوز انقسام ألمانيا وأوروبا» بدون الاشارة الى القوى الغربية زمن الحرب: أميركا وبريطانيا وفرنسا.
في سلسلة من التحركات الجريئة والسريعة عام 1990، سافر كول الى موسكو بحثا عن قبول الرئيس ميخائيل غورباتشوف بالوحدة الألمانية، ووقع معاهدة الوحدة الاقتصادية والاجتماعية السريعة مع زعماء ألمانيا الشرقية الذين أطاحوا بشيوعيي «إيريش هونيكر» وكسب الدعم الأميركي بمساعدة وزير خارجيته البارع «هانز ديتريش غينشر».
وقف الحظ الى جانب كول أيضا، فيعود جزء من نجاحه الى «سياسة الشرق» التي اتبعها المستشاران الأسبقان ويلي براندت وهيلموت شميدت من الحزب الاشتراكي الديمقراطي. واجهت السياسة تجاه الجار الشرقي التي مارساها معارضة ثابتة من حزب كول المسيحي الديمقراطي واليمين المتشدد، لكن في النهاية نجاح كول برر تلك السياسة.
تعزى قدرة ألمانيا على تحمل التكاليف الملحمية لاعادة بناء الدولة الجديدة الى انجاز سياسي آخر لكول: معاهدة ماسترخت عام 1992 التي جلبت الاتحاد الأوروبي الى الوجود ومهدت الطريق أمام انشاء اليورو. منح الاتحاد والعملة الموحدة ألمانيا الأسواق والوسائل الكفيلة لانتاج معجزة تصنيعية وصناعية ألمانية ثانية.
وجد كول في رؤيته الطموحة لأوروبا موحدة شريكا متحمسا وهو الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا ميتران. اعتقد الزعيمان أن أوروبا ستكون آمنة ومستقرة اذا عملت أكبر قوتين فيها جنبا الى جنب، وذلك التعاون بالنسبة اليه منسجم مع غريزته للمصالحة السلمية. تصافح كول في بداية ولايته الثانية عام 1984 مع ميتران على أرض قتال الحرب العالمية الثانية بمنطقة «فردان».
عمل كول مستشارا بشكل مستمر بين عامي 1982 و1998، وتقاعد من الحياة العامة في 2002. تشوهت سنواته اللاحقة بسبب فضيحة تخص تمويل حزبه وانتحار زوجته «هانلور» عام 2001. استمر كول بالتعبير عن آرائه حتى اصابته بأول أمراضه المتعددة، وانتقد بحدة سياسات ميركل التقشفية بعد الأزمة المالية العالمية.
* صحيفة الغارديان