-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

رباب كمال تكتب: احتفاءًا بالعنف المقدس

تخلفت الفتاة الصغيرة عن الرحلة المدرسية، وذهبت عوضًا عن ذلك لمدرستها في يوم دراسي عادي أو هكذا بدأ اليوم
 تناولت ابنة الـ12 عامًا فطورها وحملت حقيبتها الثقيلة على ظهرها وسكنت إلى الفصل، جالسة إلى جانب النافذة.
اقتربت الساعة من الـ 12 ظهرًا.. وحينها  حدث أمر جلل، هرول أقرانها التلاميذ على سلالم المدرسة وصاحوا بوقوع زلزال عنيف.. هكذا كانت تبدو الأمور بعدما تعرضت المدرسة لهزة عنيفة تسببت في خلع الباب الحديدي، بل أصاب الضرر غرفة مديرة المدرسة نفسها.
لم تكن الطفلة الصغيرة تهرول مع أقرانها على السلالم، بل سقطت مغشية عليها مدرجة في دمائها.
لم تكن تلك هزة أرضية، بل كانت هزة خلعت القلوب إثر هجمة الإرهاب الغاشم.
مدرس اللغة العربية الاستاذ نصر الدين وجد الطفلة ملقاه على الأرض ومدرجة في دمائها ولا ُتحرك هي ساكنًا، حملها وهرع بها إلى أقرب مستشفى في محاولة يائسة لإنقاذ حياتها، وقد أوصلها فعلا.. لكنها فارقت الحياة وعاد الاستاذ بعد أن تحفظ المستشفى على الجثمان وهو ُيفكر ويبكي وُيحدث نفسه قائلا "كيف سيواجه ذويها؟"
هذا ما حدث ظهيرة يوم الخميس الموافق 25 نوفمبر 1993، حين استشهدت الطفلة الشيماء محمد عبد الحليم ذات الـ 12 عاما بعدما أصيبت إثر شظية أصابت قلبها دونا عن زملائها، فكانت على موعد مع قدر  سلبها حياتها.
لكن القدر لم يكن مسئولا عن مصرعها، فالقدر لم يغدر بها، كان فحسب شاهدًا على من غدر بها.
قنبلة تزن ما يقارب 10 كيلو جرامات من المواد المتفجرة، تم وضعها أسفل سيارة أمام مدرسة المقريزي بمنطقة منشية البكري، بحي مصر الجديدة، وتم تفجيرها استهدافا وتزامنًا مع موكب رئيس الوزراء المصري آنذاك عاطف صدقي الذي نجا من الحادث.
مرت 24 عاما على استشهاد الشيماء، وهي الجريمة التي هزت الشعب المصري وظلت صورة الشيماء تخيم بظلالها على القنوات التليفزيونية وصفحات الجرائد.
كانت أكثر الأمور ألمًا، أن العقل المدبر لهذه الحادثة وهو القيادي الجهادي ياسر سري استطاع أن يهرب بجواز سفر مزور خارج البلاد، متجها إلى عاصمة الضباب لندن، والتي حصل فيها على لجوء سياسي بل واستطاع أن يؤسس في إنجلترا ما أسماه المرصد الإسلامي  في قلب العاصمة البريطانية.
هذه قصة لأسرة مصرية واحدة تعيش ألمًا أبديًا بسبب فقدان فلذة كبدها وكم من عائلات دفنت أبنائها بسبب جهادي يطمع في نكاح  الحور العين.
تذكرت قصة الشيماء مؤخرًا، في لحظة مروري بجانب مدرسة المقريزي، وتذكرت اليوم الذي عاد فيه جثمان الشيخ عمر عبد الرحمن ليوارى الثرى في تراب الأرض التي عاش عليها، يكفر فيها أهلها يمينًا ويسارًا، عاد على متن رحلة مصر الطيران رقم 968، بعدما قدم نجله طلبًا لوزارة الخارجية المصرية  بنقل الجثمان.
كل ما دار في خلدي حينها وأنا أرمق مدرسة المقريزي التي مررت إلى جانبها  هو.
"متى يعود الشيخ ياسر سري قاتل الشيماء هو كذلك ليوارى الثرى في مصر؟  متى يعود  لنحتفي به وبالعنف المقدس؟ متى يعود لنحتفي به على جثامين شهداء دفعوا حياتهم ثمن فتاوى وتنظيمات هؤلاء الشيوخ؟
عن موقع مصريات

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا