عمان ـ نضال القاسم: الروائي الأردني عبد السلام صالح صوت روائي وأسلوب مختلف يميل إلى التجريب في الكتابة، محاولا بذلك صياغة أسئلة الحياة والوجود، طامحا إلى أن يضيف شيئا للرواية العربية لا أن يعيد استنساخ أشكال روائية سابقة. يُذكر أن صالح من مواليد مخيم الفارعة/نابلس عام 1966، يكتب الرواية منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي، إلى جانب التميز في الكتابة المسرحية، ذلك بحصوله على جائزة أفضل تأليف مسرحي محلي في مهرجان المسرح الأردني الرابع للمحترفين عام 1996، وبعد عدة أعمال روائية «المحظية» 1995، «أرواح برية» 1999 و»صُّرة المُّر» 2009 يتابع مشروعه الروائي من خلال إصدار روايته الجديدة «أكثر من وهم» 2017، التي كانت مناسبة لحوارنا معه:
■ بداية ما هي أهم الثيمات التي تتناولها في رواياتك؟
□ نقد الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي العربي، الحرية بكل أطيافها، الدفاع عن الثوابت الإنسانية والوطنية، تكسير بعض المفاهيم البائدة، الوعي بشكل عام ووعي الذات بشكل خاص، الحب وعوالمه، الحساسية الجديدة بكل ولكل شيء، الحياة والموت، المرأة وعذاباتها الإنسانية والأنثوية وتوقها للحرية وعطشها لأن تكون.
□ نقد الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي العربي، الحرية بكل أطيافها، الدفاع عن الثوابت الإنسانية والوطنية، تكسير بعض المفاهيم البائدة، الوعي بشكل عام ووعي الذات بشكل خاص، الحب وعوالمه، الحساسية الجديدة بكل ولكل شيء، الحياة والموت، المرأة وعذاباتها الإنسانية والأنثوية وتوقها للحرية وعطشها لأن تكون.
■ صدرت مؤخرا روايتك الرابعة «أكثر من وهم» وهي رواية حدث تقرأ التركيبة الاجتماعية، كيف تمثّل ذلك روائيا؟
□ (سماء) الشخصية الرئيسية في الرواية، امرأة حرة ومتمردة، تُحب الحياة وتريد أن تعيشها بامتلائها، قد يقول البعض إنها جريئة أكثر مما ينبغي، أو يُفترض أو يُتوقع، لكنها تُعبر عن توق وعطش للحرية وللحياة، وهي نتيجة لواقع اجتماعي اقتصادي مُشوه أفرزته أعرافهم وقوانينهم وطرق تعاملهم مع المرأة واستغلالها منذ زمن بعيد، وأعتقد أن لها الحق أن تسأل وأن تعرف وأن تفهم كل ما بداخلها وحولها بعد أن أفسدوا وشوهوا كل شيء حولها، وأن لها إنسانيتها التي تمنحها الحق أن تتصرف بحياتها وجسدها بالطريقة التي تشاء، والتي من الممكن أن تكون ردة فعل على كل ما حدث لها أو حولها. صحيح أن رواية «أكثر من وهم» رواية حدث تقرأ التراكيب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في عمّان، هذه المدينة المُحيرة والمُربكة التي لم تكن حنونة على فنانيها وكتابها ومثقفيها وعشاقها، انطلقت في الكتابة عن عمان من أغنية لعلي الحجار يقول فيها «اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني، علشان كده يا ولاد، مصر حلوة الحلوات» وسألت نفسي، طيب اللي بنى عمان مين؟ ولماذا هي هكذا؟ ربما تتماهى عمان مع سماء أو سماء مع عمان، لا أدري.
□ (سماء) الشخصية الرئيسية في الرواية، امرأة حرة ومتمردة، تُحب الحياة وتريد أن تعيشها بامتلائها، قد يقول البعض إنها جريئة أكثر مما ينبغي، أو يُفترض أو يُتوقع، لكنها تُعبر عن توق وعطش للحرية وللحياة، وهي نتيجة لواقع اجتماعي اقتصادي مُشوه أفرزته أعرافهم وقوانينهم وطرق تعاملهم مع المرأة واستغلالها منذ زمن بعيد، وأعتقد أن لها الحق أن تسأل وأن تعرف وأن تفهم كل ما بداخلها وحولها بعد أن أفسدوا وشوهوا كل شيء حولها، وأن لها إنسانيتها التي تمنحها الحق أن تتصرف بحياتها وجسدها بالطريقة التي تشاء، والتي من الممكن أن تكون ردة فعل على كل ما حدث لها أو حولها. صحيح أن رواية «أكثر من وهم» رواية حدث تقرأ التراكيب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في عمّان، هذه المدينة المُحيرة والمُربكة التي لم تكن حنونة على فنانيها وكتابها ومثقفيها وعشاقها، انطلقت في الكتابة عن عمان من أغنية لعلي الحجار يقول فيها «اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني، علشان كده يا ولاد، مصر حلوة الحلوات» وسألت نفسي، طيب اللي بنى عمان مين؟ ولماذا هي هكذا؟ ربما تتماهى عمان مع سماء أو سماء مع عمان، لا أدري.
■ كيف استقبل النقد والوسط الثقافي روايتك الأولى «المحظية»؟
□ أخذت «المحظية» حقها من القراءة في الأردن وفي الوسط الثقافي والطلابي لأنها تتحدث وتؤرخ للحركة الطلابية الأردنية في جامعة اليرموك في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وكُتب عنها في الصحف والملاحق الثقافية في ذلك الوقت، وأثارت جدلا حولها، وتحديدا حول التجنيس، هل هي رواية أم لا، من هنا ومنذ البدايات كان واضحا نزوعي للكتابة الجديدة والتجريبية. أما على مستوى الإعلام الثقافي العربي لا أعتقد أن ذلك حدث، فالإعلام الثقافي العربي والثقافة العربية بشكل عام تعاني الكثير في ظل تغييب النظام الرسمي العربي لكل ما هو ثقافي، فهو في آخر أولويات أي دولة عربية، فالثقافة العربية بمجملها تعاني من التهميش والتغييب إلا ما ندر.
□ أخذت «المحظية» حقها من القراءة في الأردن وفي الوسط الثقافي والطلابي لأنها تتحدث وتؤرخ للحركة الطلابية الأردنية في جامعة اليرموك في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وكُتب عنها في الصحف والملاحق الثقافية في ذلك الوقت، وأثارت جدلا حولها، وتحديدا حول التجنيس، هل هي رواية أم لا، من هنا ومنذ البدايات كان واضحا نزوعي للكتابة الجديدة والتجريبية. أما على مستوى الإعلام الثقافي العربي لا أعتقد أن ذلك حدث، فالإعلام الثقافي العربي والثقافة العربية بشكل عام تعاني الكثير في ظل تغييب النظام الرسمي العربي لكل ما هو ثقافي، فهو في آخر أولويات أي دولة عربية، فالثقافة العربية بمجملها تعاني من التهميش والتغييب إلا ما ندر.
■ ما هي الثيمات التي عالجتها روايتك الثانية «أرواح بريّة»؟
□ «أرواح بريّة» تدور حول الحب والحياة والموت، اقتربت كثيرا من عالم الموت والأرواح، حاورتهما وذهبت في رحلة بحث معرفية حول الموت والروح، وكانت البداية من مقولة «ولا تموت الأرواح فإنها خُلقت لتبقى وإنما تموت الأبدان». أين تذهب الروح إذن، واصلت بحثي لأجد أن هنالك من قال إنها تبقى حول قبر جسدها ثلاثة أيام ومنهم من قال إنها تظل تُطوف حول بيتها أسبوعا، وكان أن الشخصية الرئيسية في الرواية قد انتحرت، فسحبت زمنها أكثر وأبقيت روحه موجودة على الأرض ترى وتتفاعل بدون أن تُرى إلا من قبل حبيبته التي أخبرها أنه سيذهب هناك حيث الراحة الأبدية، وكان قد دعاها لمرافقته في هذه الرحلة، وظلّت زمنا تشعر به وتحسه وتراه تلتقيه وتحاوره، وتعيش حياتين مزدوجتين، حياة معه وحياة أخرى مع كل ما هو موجود في الواقع الذي كانت تعيش، لا أدري حاولت الاقتراب من عالم الروح، حاولت إبقاءها موجودة بعد غياب الجسد، إلى أي مدى كنت موفقا، لا أدري.
٭ ٭ ٭
■ ونأتي لروايتك الثالثة «صُّرة المُّر»، التي تنحاز للغة أكثر من انحيازها للحدث، ماذا تقول عنها؟
□ أكتب الرواية من المزاوجة بين التجربة الذاتية والتجربة المعرفية، «صُّرة المُّر» كانت تجربة حادة وقاسية، وأخذت زمنها الكامل وهو تسع سنوات، كنت أتفاعل مع ميلان كونديرا في حواراته الصحافية عبر كتاب «فن الرواية» حيث يقول في إحدى عباراته .. «إن هدف الرواية أن تقول لك إن الحياة لا تسير بالبساطة التي تتخيلها». لم أكن أريد المسير على خطى كونديرا في الكتابة الروائية، لم أكن أريد سوى أن أفهم كل ما يدور فيّ وحولي، فذهبت في «صرة المُر» إلى ثالوث الأنوثة والصوفية والرواية، حاولت أن أفهم وأن أقدم رؤيتي لهذا الثالوث بطريقتي الخاصة، حاولت الإجابة على كثير من الأسئلة التي كانت تُفرخها الأسئلة حول الأنوثة والحياة، وانعكاس هذه الأسئلة على أرواح الشخصيات وسلوكاتهم ومواقفهم ومفاهيمهم، ورسمت شخصية «سيدي الشيخ» التي مثلّت كل ما مسّني من مقولات كبار شيوخ الصوفية وبالأخص ابن عطاء الله السكندري، حيث حواره الهادئ والواثق. أما «الروائي» الشخصية الثانية فحواره يُعبِّرُ عن قوة ونزق الحاضر بكل جنونه ورغباته. أما الانحياز للغة فقد فرضه مضمون وموضوع العمل الروائي، ولم يكن مُسقطا ولا مُفتعلا، وأعتقد أن الحدث الروائي كان حاضرا في «صُّرة المُّر».
□ «أرواح بريّة» تدور حول الحب والحياة والموت، اقتربت كثيرا من عالم الموت والأرواح، حاورتهما وذهبت في رحلة بحث معرفية حول الموت والروح، وكانت البداية من مقولة «ولا تموت الأرواح فإنها خُلقت لتبقى وإنما تموت الأبدان». أين تذهب الروح إذن، واصلت بحثي لأجد أن هنالك من قال إنها تبقى حول قبر جسدها ثلاثة أيام ومنهم من قال إنها تظل تُطوف حول بيتها أسبوعا، وكان أن الشخصية الرئيسية في الرواية قد انتحرت، فسحبت زمنها أكثر وأبقيت روحه موجودة على الأرض ترى وتتفاعل بدون أن تُرى إلا من قبل حبيبته التي أخبرها أنه سيذهب هناك حيث الراحة الأبدية، وكان قد دعاها لمرافقته في هذه الرحلة، وظلّت زمنا تشعر به وتحسه وتراه تلتقيه وتحاوره، وتعيش حياتين مزدوجتين، حياة معه وحياة أخرى مع كل ما هو موجود في الواقع الذي كانت تعيش، لا أدري حاولت الاقتراب من عالم الروح، حاولت إبقاءها موجودة بعد غياب الجسد، إلى أي مدى كنت موفقا، لا أدري.
٭ ٭ ٭
■ ونأتي لروايتك الثالثة «صُّرة المُّر»، التي تنحاز للغة أكثر من انحيازها للحدث، ماذا تقول عنها؟
□ أكتب الرواية من المزاوجة بين التجربة الذاتية والتجربة المعرفية، «صُّرة المُّر» كانت تجربة حادة وقاسية، وأخذت زمنها الكامل وهو تسع سنوات، كنت أتفاعل مع ميلان كونديرا في حواراته الصحافية عبر كتاب «فن الرواية» حيث يقول في إحدى عباراته .. «إن هدف الرواية أن تقول لك إن الحياة لا تسير بالبساطة التي تتخيلها». لم أكن أريد المسير على خطى كونديرا في الكتابة الروائية، لم أكن أريد سوى أن أفهم كل ما يدور فيّ وحولي، فذهبت في «صرة المُر» إلى ثالوث الأنوثة والصوفية والرواية، حاولت أن أفهم وأن أقدم رؤيتي لهذا الثالوث بطريقتي الخاصة، حاولت الإجابة على كثير من الأسئلة التي كانت تُفرخها الأسئلة حول الأنوثة والحياة، وانعكاس هذه الأسئلة على أرواح الشخصيات وسلوكاتهم ومواقفهم ومفاهيمهم، ورسمت شخصية «سيدي الشيخ» التي مثلّت كل ما مسّني من مقولات كبار شيوخ الصوفية وبالأخص ابن عطاء الله السكندري، حيث حواره الهادئ والواثق. أما «الروائي» الشخصية الثانية فحواره يُعبِّرُ عن قوة ونزق الحاضر بكل جنونه ورغباته. أما الانحياز للغة فقد فرضه مضمون وموضوع العمل الروائي، ولم يكن مُسقطا ولا مُفتعلا، وأعتقد أن الحدث الروائي كان حاضرا في «صُّرة المُّر».
■ الزمن في تجربتك الروائية يعيش حالة من القلق، كيف تبرر ذلك؟
□ أشعر بأننا محشورين بين الماضي والحاضر والمستقبل، في رواية «صرة المر» حاورت هذه المفاهيم وتساءلت وحولها وأقمت بها زمنا، ربما هي حساسيات فلسفية وفكرية لكل ما يحدث، وللزمن الذي يحيط ويغلف كل شيء، فالزمن قاسٍ، حاد وجارح، وأحاول أن أنقل كل ما يتركه الزمن على شخصياتي الروائية وطريقتها في فهم الزمن والتعامل معه واستجابتها وتأثرها به، بحساسية جديدة، ولأن الزمن العربي مُشبع الآن بالقلق والتوتر والانفعال، مُشبع بالحرمان والذل والتوق والرغبة الجوانية العميقة بالحياة وبالوجود، فكان لا بد لهذا القلق أن يتسرب ويستشري في ثنايا أعمالي الروائية.
٭ ٭ ٭
■ هل تؤمن بأن الرواية مسودة أولى لفلسفة الحدث؟ وما هي مقاييس الــرواية الجيّدة بالنسبة إليك؟
□ هنالك اندغام بين الرواية والفلسفة، وثمة من يقول بأن الرواية «لا تستقيم بدون المقالة الفلسفية»، بالنسبة لي أتعامل مع كل ما في الوجود بحساسية فلسفية وفكرية، وأتعامل في الكتابة الروائية بتلك الحساسية، الحدث سواء كان داخلي أو خارجي، مرتبط بفلسفة بشكل أو بآخر، يبدو أننا نحن العرب جوانيين أكثر، الحدث الخارجي ينعكس بشفافية أكبر على ذواتنا ودواخلنا، وذلك مرتبط بخصوصية جذورنا الثقافية والفكرية. الرواية الجيدة بالنسبة لي هي الرواية التي تقترب مني وتحاول أن تقولني بشكل أو بآخر، وتقترب من كل ما يقلقني ويعذبني ويشظيني، هي تلك الرواية التي تقترب من عوالمي الجوانية العميقة.
□ أشعر بأننا محشورين بين الماضي والحاضر والمستقبل، في رواية «صرة المر» حاورت هذه المفاهيم وتساءلت وحولها وأقمت بها زمنا، ربما هي حساسيات فلسفية وفكرية لكل ما يحدث، وللزمن الذي يحيط ويغلف كل شيء، فالزمن قاسٍ، حاد وجارح، وأحاول أن أنقل كل ما يتركه الزمن على شخصياتي الروائية وطريقتها في فهم الزمن والتعامل معه واستجابتها وتأثرها به، بحساسية جديدة، ولأن الزمن العربي مُشبع الآن بالقلق والتوتر والانفعال، مُشبع بالحرمان والذل والتوق والرغبة الجوانية العميقة بالحياة وبالوجود، فكان لا بد لهذا القلق أن يتسرب ويستشري في ثنايا أعمالي الروائية.
٭ ٭ ٭
■ هل تؤمن بأن الرواية مسودة أولى لفلسفة الحدث؟ وما هي مقاييس الــرواية الجيّدة بالنسبة إليك؟
□ هنالك اندغام بين الرواية والفلسفة، وثمة من يقول بأن الرواية «لا تستقيم بدون المقالة الفلسفية»، بالنسبة لي أتعامل مع كل ما في الوجود بحساسية فلسفية وفكرية، وأتعامل في الكتابة الروائية بتلك الحساسية، الحدث سواء كان داخلي أو خارجي، مرتبط بفلسفة بشكل أو بآخر، يبدو أننا نحن العرب جوانيين أكثر، الحدث الخارجي ينعكس بشفافية أكبر على ذواتنا ودواخلنا، وذلك مرتبط بخصوصية جذورنا الثقافية والفكرية. الرواية الجيدة بالنسبة لي هي الرواية التي تقترب مني وتحاول أن تقولني بشكل أو بآخر، وتقترب من كل ما يقلقني ويعذبني ويشظيني، هي تلك الرواية التي تقترب من عوالمي الجوانية العميقة.
■ هل يشغلك القارئ أثناء الكتابة؟
□ يشغلني القارئ دائما في المراحل النهائية للعمل الروائي، في مرحلة التحرير وإعداد الرواية للنشر، ويشغلني هنا بمعنى أنه يُهمني جدا وهذا لا يعني أنه يقودني لذائقته أو لقوانينه وأحكامه، ما يشغلني هو كيف أُجسر بينه وبين العمل الروائي، وبعد الانتهاء من الكتابة تماما، أثناء الكتابة لا يشغلني إلا الكتابة نفسها وأن تكون جديدة وإبداعية وأن يكون بها إضافة للمنجز الروائي العربي.
٭ ٭ ٭
■ من وجهة نظرك، كيف يمكن أن تسهم الرواية العربية في إرساء ثقافة حب الحياة بدل التطرف والإرهاب والقتل العشوائي؟
□ في روايتي الأخيرة «أكثر من وهم» أقول: «عندما تغيب الرواية والقصة والقصيدة واللوحة والموسيقى والمسرح والسينما والرقص، ينمو القتلة ويتكاثرون». كل ما يحدث الآن من قتل وإرهاب وتطرف هو نتيجة لتغييب الثقافة الحقيقية بكل أنواعها وأطيافها، فالثقافة هي التي تشكل الوجدان الفردي والجمعي، ولأن الأنظمة العربية أهملت وربما عن قصد كل ما له علاقة بالثقافة والفنون، غاب الوعي وغابت الروح الإنسانية، غاب الجمال وغاب الإحساس الحقيقي بالنفس وبالشريك، غاب الفهم والتفهم، غاب التعامل الحضاري والإنساني، غاب احترام الحرية الشخصية وحرية التعبير والاعتقاد، ولم نعد نعرف لا كيف نتفق ولا كيف نختلف، ما يحدث الآن هو الابن الشرعي والطبيعي للقمع والقهر ولتقييد الحريات العامة والشخصية وكل ما له علاقة بحقوق الإنسان، والرواية هي إعادة خلق للعالم بشكل أو بآخر، بالرواية وبالفنون الإبداعية جميعها نعيد إنسانية الإنسان العربي ذاك الذي شط وتوحش، نعيد له رهافة روحه وألقه وجماله، ثم أن القاتل والإرهابي نفسه ليس أكثر من ضحية للتجهيل والتطرف، ويظلم نفسه أول ما يظلم وهو ليس أكثر من أداة بيد تجار الدين وبعض القذرين من أهل السياسة.
□ يشغلني القارئ دائما في المراحل النهائية للعمل الروائي، في مرحلة التحرير وإعداد الرواية للنشر، ويشغلني هنا بمعنى أنه يُهمني جدا وهذا لا يعني أنه يقودني لذائقته أو لقوانينه وأحكامه، ما يشغلني هو كيف أُجسر بينه وبين العمل الروائي، وبعد الانتهاء من الكتابة تماما، أثناء الكتابة لا يشغلني إلا الكتابة نفسها وأن تكون جديدة وإبداعية وأن يكون بها إضافة للمنجز الروائي العربي.
٭ ٭ ٭
■ من وجهة نظرك، كيف يمكن أن تسهم الرواية العربية في إرساء ثقافة حب الحياة بدل التطرف والإرهاب والقتل العشوائي؟
□ في روايتي الأخيرة «أكثر من وهم» أقول: «عندما تغيب الرواية والقصة والقصيدة واللوحة والموسيقى والمسرح والسينما والرقص، ينمو القتلة ويتكاثرون». كل ما يحدث الآن من قتل وإرهاب وتطرف هو نتيجة لتغييب الثقافة الحقيقية بكل أنواعها وأطيافها، فالثقافة هي التي تشكل الوجدان الفردي والجمعي، ولأن الأنظمة العربية أهملت وربما عن قصد كل ما له علاقة بالثقافة والفنون، غاب الوعي وغابت الروح الإنسانية، غاب الجمال وغاب الإحساس الحقيقي بالنفس وبالشريك، غاب الفهم والتفهم، غاب التعامل الحضاري والإنساني، غاب احترام الحرية الشخصية وحرية التعبير والاعتقاد، ولم نعد نعرف لا كيف نتفق ولا كيف نختلف، ما يحدث الآن هو الابن الشرعي والطبيعي للقمع والقهر ولتقييد الحريات العامة والشخصية وكل ما له علاقة بحقوق الإنسان، والرواية هي إعادة خلق للعالم بشكل أو بآخر، بالرواية وبالفنون الإبداعية جميعها نعيد إنسانية الإنسان العربي ذاك الذي شط وتوحش، نعيد له رهافة روحه وألقه وجماله، ثم أن القاتل والإرهابي نفسه ليس أكثر من ضحية للتجهيل والتطرف، ويظلم نفسه أول ما يظلم وهو ليس أكثر من أداة بيد تجار الدين وبعض القذرين من أهل السياسة.
■ يتردد بين حين وآخر أن هناك أزمة ثقافة، ويذهب آخرون إلى تسميتها أزمة مثقفين، ما رؤيتك لهذه القضية؟
□ نعم هنالك أزمة ثقافية كما قلتُ سابقا والمسؤول عنها الأنظمة والحكومات العربية، لأنها تعرف أنها غير ديمقراطية، وأنها حكومات فاسدة ومفسدة، فإنها تشعر بأن الثقافة خطر عليها وأنها لن تصب في مصالحها لذلك يتم تغييب وتهميش كل ما هو ثقافي، بشكل مقصود وممنهج من قبل الغالبية العظمى من الحكومات العربية، فإذا كانت الثقافة بشكل عام مرفوضة ومهمشة فما بالك بالثقافة الحقيقية أو المقاومة، والثقافة لا تنمو وتتطور إلا في ظلال الحرية والديمقراطية وحرية التعبير وحق الاختلاف، فلا يمكن أن تتطور الثقافة أو تُحل أزمة الثقافة في ظل أنظمة عربية غير ديمقراطية وغير منتخبة ومرعوبة من شعوبها ومن الثقافة.
□ نعم هنالك أزمة ثقافية كما قلتُ سابقا والمسؤول عنها الأنظمة والحكومات العربية، لأنها تعرف أنها غير ديمقراطية، وأنها حكومات فاسدة ومفسدة، فإنها تشعر بأن الثقافة خطر عليها وأنها لن تصب في مصالحها لذلك يتم تغييب وتهميش كل ما هو ثقافي، بشكل مقصود وممنهج من قبل الغالبية العظمى من الحكومات العربية، فإذا كانت الثقافة بشكل عام مرفوضة ومهمشة فما بالك بالثقافة الحقيقية أو المقاومة، والثقافة لا تنمو وتتطور إلا في ظلال الحرية والديمقراطية وحرية التعبير وحق الاختلاف، فلا يمكن أن تتطور الثقافة أو تُحل أزمة الثقافة في ظل أنظمة عربية غير ديمقراطية وغير منتخبة ومرعوبة من شعوبها ومن الثقافة.
القدس العربي