بدأت قصة الرواية المجهولة لطه حسين التي نشرت أخيرا بعنوان “خطبة الشيخ” بعد أن توقفت بعثته بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى، وعودته إلى مصر. في تلك الفترة بدأت جريدة السفور الأسبوعية المصرية ذات التوجه الليبرالي، التي أنشأها عبدالحميد حمدي عام 1915، في الصدور وقد شارك في الكتابة فيها العديد من ممثلي الطليعة الثقافية المصرية فى ذلك العهد؛ كالأخوين مصطفى وعلي عبدالرازق ومحمد حسين هيكل وطه حسين وغيرهم. وفي أحد المقالات هاجم حسين أستاذه الشيخ محمد المهدي وسخر من طريقته في تدريس النصوص الأدبية، فشكاه الشيخ إلى إدارة الجامعة، وكان الأمر سيتحوّل إلى أزمة بحرمان طه حسين من البعثة بعد انتهاء الحرب.
ثم في عام 1916 بدأ الدكتور طه نشر حلقات مسلسلة بعنوان “خِطبة الشيخ” بدأت الحلقات بالعدد 72 الصادر في العشرين من أكتوبر عام 1916، واستمرت إلى العدد الخامس والثمانين الموافق للتاسع عشر من أكتوبر سنة 1917، وذلك بعد أن عاد طه حسين إلى فرنسا. الرواية تحمل في طياتها هجومًا شرسًا على شيوخ الأزهر، وانتقادًا لأفكارهم، وأيضًا أطماعهم، كما تجسّد في بطل روايته الشيخ علّام الجيزاوي الأزهري، فهو شاب يبلغ الثامنة والعشرين من عمره، يستعد للتعيين في القضاء، أناني إلى أبعد حدٍّ، يبحث عن زوجة ثرية، وهو ما وجده في الآنسة أسماء المعلِّمة، ووالدها العسكري المتقاعد سيد رحمي، الذي يمتلك عددًا من الأفدنة، التي تضمن أن نصيب ابنته لن يقل عن ألف جنيه، كما جاء في رسائله إلى صديقه زهران فتح الباب، الذي كان يرفض هذه الانتهازية التي بدا عليها صديقه.