-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

أسماء محمد مصطفى ــ دموع أم

قرعت الحرب طبولها ، واُستدعيَ شباب القرية للالتحاق بالخدمة العسكرية . ذهبَ مع الملتحقين من نظرائه .
في يوم مغادرته عثرت والدته على حمامته ميتة في باحة الدار . لم تكن الحمامة تشكو مرضاً او تعاني شيئا كما كان ظاهراً ، الامر الذي جعل الأم تستغرب موتها ، وتبكي أيضاً ، لأن ابنها ربى الحمامة مذ كانت صغيرة ، وكان متعلقا بها ، حتى أنه أوصى والدته بأن تعتني بها في غيابه .
غاب طويلا ، وكانت تحسب الأيام مؤملة النفس أنه غدا سيعود، وفي كل غد يأتي تردد جوارحها ترانيم الامل بعودته في الغد القابل ..
شعر أهل القرية بفراغ كبير حين غاب أبناؤهم ، ومع غيابهم اختفت مظاهر الفرح والصخب ، بل حتى النهر الوحيد الذي كان شباب القرية وأولادها يسبحون ويلعبون فيه ، قد جف ، فأصاب الزرعَ الجدبُ ، وغابت الأفراح الخضراء عن حقول القرية .
اعتادت الأم الذهاب الى النهر العاري كل يوم ، لتبكي وتعانق بعينين حنونتين خيال ابنها وهو يسبح في النهر حيناً ، وحيناً تنظر بعينيّ الترقب الى أفق الطريق الذي غادر منه .
مارست طقوس المعانقة والترقب طويلاً من غير أن تشعر بالملل او التعب او ينفد صبرها او يجف دمعها .
في آخر مرة جلست عند ضفة النهر الظامئ ، بكت كثيرا ، حتى شهقت شهقتها الأخيرة .
شاهد أهل القرية تدفقَ بعض ماء ٍ الى زرعهم ، أثار استغرابهم وتساؤلاتهم ، حيث أن السماء لم تمطر . فهرعوا الى جهة النهر .
هناك ، كانت دموع الأم قد ملأت النهر تماما حتى فاض ، فأغرى صغار القرية للعب ، ملقين أجسادهم فيه ، وبينهم خيال ابنها الجندي يتراشق الماء مع أخيلة الجنود الآخرين من أبناء القرية , بينما كانت عيناها ساكنتين ، مصوبتين على أفق الطريق الأجدب .

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا