تعرض العديد من المهاجرين في السنوات الأخيرة لاعتداءات عنصرية في تونس، كان آخرها اعتداءان استهدفا مهاجرين من ساحل العاجل، تسببا في إصابة اثنين منهم إصابات بليغة. فمن يوقف هذه الاعتداءات ضدهم؟
وتعود أسباب هذا الاعتداء إلى تعرض مهاجرة حامل من ساحل العاج "لشتائم عنصرية"، يقول محمد سار رئيس جمعية الريادة والتنمية في أفريقيا لمهاجر نيوز، تحول فيما بعد لاشتباكات بين تونسيين ومهاجرين أسفرت عن إصابات في صفوفهم.
كما كان مهاجران آخران من نفس الجنسية هدفا لاعتداء خطير، حيث تلقى الأول طعنة سكين في ظهره، والثاني طعنة مماثلة في جبهته. وقال سار إن الجمعية تتابع حالتهما عن قرب وتدعو لمساعدتها في علاجهما، مشيرا إلى أن الاعتداءات العنصرية ضد المهاجرين في تونس ليست وليدة اليوم، وإنما ظلوا عرضة لها لسنوات، إلا أن الاعتداءات الأخيرة حظيت بمتابعة إعلامية واسعة.
استفزاز واعتداء ضد المهاجرين
وبحسب نفس المصدر، يعتمد المعتدون طريقة مألوفة في الهجوم على المهاجرين، إذ يقومون باستدراجهم في البداية عن طريق الاستفزاز، قبل أن تتطور الأمور لاعتداء بواسطة سكين وسلب ما بحوزتهم. "ينادون المهاجرين بالكحلوش، يتم توقيفهم ثم يعتدون عليهم بالسكاكين لسلب ما يملكون"، يفسر سار المنهجية الإجرامية التي يعتمدها البعض ضد المهاجرين.
ويبدو أن الشكاوى التي قدمها المهاجرون لمصالح الشرطة، لا تأخذ مجراها حتى النهاية. "المهاجرون يقدمون شكاوى لكن دون نتيجة. لم نسمع يوما أنه تمت معاقبة الجناة"، يضيف سار في حديثه لمهاجر نيوز.
ويفضل المهاجرون في مجموعة من الأحياء بالعاصمة التونسية البقاء في منازلهم بدل الخروج إلى الشارع أثناء الليل. ويحدد رئيس جمعية الريادة والتنمية بهذا الخصوص أحياء أريانة، نهج المطار، برج الوزير، حي بن خلدون. ويضيف أن المهاجرين يخافون أن يتم توقيفهم من قبل الشرطة التي تطالبهم بأوراق الإقامة، كما يخشون من التعرض لاعتداءات.
من جهته، يؤكد المكلف بالإعلام لدى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، أن منظمته "رصدت منذ 2011 العديد من الانتهاكات التي طالت المهاجرين في تونس. واهتز الرأي العام للعديد من الاعتداءات العنصرية التي تعرض لها طلبة ومهاجرون وحتى تونسيون".
"غياب الإرادة السياسية" في اعتماد قانون ضد العنصرية
ويستطرد بن عمر أن المنتدى "تقدم بمعية اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس والشبكة الأورومتوسطية للحقوق بمبادرة لمشروع قانون أساسي يتعلق بالقضاء على التمييز العنصري، وذلك يوم 21 آذار / مارس 2016 ،حظيت بدعم كل الكتل البرلمانية".
"لكن هذا المشروع بقي في رفوف مجلس النواب"، يقول بن عمر. "واتجهت الحكومة لإعداد مشروع قانون بديل، لكنه لم ير النور إلى حد الآن"، ويرجع نفس المصدر ذلك إلى "غياب الإرادة السياسية في التعجيل بطرحه للنقاش، وعدم اعتباره من ضمن الأولويات في ظل الوضع السياسي والاقتصادي الحالي في تونس".
ويعاب على المنظومة التربوية والتعليمية التونسية أنها خالية في مقرراتها من مواد تبني مواطنا معاديا للعنصرية ويؤمن بالاختلاف بجميع تجلياته، "فالمناهج لم تشملها مراجعة جذرية بما يجعلها تستجيب للمقاربات الحقوقية وما تضمنه الدستور الجديد"، يلفت بن عمر.
يمكن متابعة صفحتنا على فيسبوك على الرابط التالي: