في الثاني عشر من شهر سبتمبر 2018، سيكون قد مر ربع قرن على رحيل الموسيقار الكبير بليغ حمدي (1932-1993) الذي يعد من مشاهير الموسيقيين والملحنيين في القرن العشرين، بل في تاريخ الموسيقى العربية على الإطلاق؛ بما قدمه من أعمال خالدة ستبقي ما بقي الدهر.. كانت الموسيقى بالنسبة له لا تمثل عمل أو مهنة، بل كانت حالة حب وعلاقة عشق متواصلة…عشق فيه الحب والغضب..
ولد بالقاهرة بحى شبرا العريق ، فى السابع من أكتوبر 1932م ، لأسرة عريقة ، تنحدر من محافظة سوهاج بالصعيد، كان والده مفتشاً بوزارة المعارف، كان له أبحاث علمية منشورة بالصحف والمجلات الأدبية والعلمية وترجم العديد من الكتب العلمية، وكان مغرماً بالفن وأهله، يعقد فى منزله صالوناً يدعو فيه أعلام الفن من أمثال: الشيخ درويش الحريري، وزكريا أحمد، والسنباطي، وصالح عبدالحى، وغيرهم، وكان الطفل ينصت لهم باهتمام ودهشة يلتهم ما يسمعه من موشحات وأدوار وقصائد، بل تعلم مباشرة من الشيخ درويش الحريرى فن المقامات والموشحات، وكذلك كانت مكتبة والده زاخرة بمئات الإسطوانات من الموسيقى الغربية الذي سمعها أيضا، وقرأ فيها أمهات الكتب مثل: كتاب “سفينة شهاب”، و”الموسيقى الشرقى” لكامل الخلعي.
التحق بكلية الحقوق وبالمعهد العالى للموسيقى العربية لينال ليسانس الحقوق ودبلوم الموسيقى في وقت واحد، فلم يفلح في الجامعة وطرده معهد الموسيقى، وهام على وجهه في شارع علوي مقر الإذاعة في ذلك الوقت، باحثا عن صوت يؤدى الألحان المزدحمة في رأسه، فلم يجد أحداً، ولم يجد موئلاً له غير فرقة (ساعة لقلبك) الشهيرة فى الخمسينات، وعمل مطرباً بها، وقد غنى من تلحين غيره من أمثال: عبدالعظيم محمد، ورؤوف ذهني، وتعرف خلال تلك الفترة على الفنانة فايدة كامل، ولحن لها بعض الألحان.
طرق بليغ ابواب الإذاعة لاعتماده ملحناً، فنصحته اللجنة التي استمعت إليه بأن يترك التلحين إلى الغناء، فلم يقتنع بهذا الرأى، وصمم على اقتحام هذا المجال بنفسه، فاعتمد على صديقه المطرب والموسيقار محمد فوزي، والذي ساعده بطبع أغانيه في شركته (مصر فون) للمطربات الناشئات وقتئذ: شادية، ونجاة، وفايزة أحمد.
بليغ ومطربى عصره
مع ام كلثوم:
كان بليغ صديقا للشاعر الغنائى عبدالوهاب محمد، الذى ظهر على الساحة حديثا آنذاك، وكان يعمل مهندساً فى شركة “شل”، وكان أن أعطاه كلمات ليلحنها (حب ايه اللى انت جاى تقول عليه)، وقد كثرت الأقوال حول الدافع الذى جعل بليغ يقنع صديقه بتأليف هذه الأغنية منها:
أولها: أنه وقع فى حب الراقصة الشهيرة سامية جمال، وكان فى بداياته، وأقنع أخيه الأكبر د. مرسى سعد الدين بأن يذهب معه كى يخطبها له، وألح عليها فى الطلب إلى أن ملته وسخرت منه قائلةً (حب إيه اللى أنت جاى تقول عليه).
والقول الآخر: وهو رأى الموسيقار صلاح عرام صديق عمر بليغ إذ قال: (كانت هذه الاغنية معدة خصيصاً كى تغنيها الفنانة ثريا حلمى).
والقول الأخير: هو إعداد بليغ لهذا اللحن كي يغنيه ابن أخ ام كلثوم، ابراهيم خالد الذي حاول امتهان الغناء ولكنه تعثر في الطريق.