شكل موضوع “مكانة الأمازيغية في الإعلام بعد الدسترة”محور مائدة مستديرة نظمتها جمعية “تمونت إرسموكن للتنمية”، في إطار افتتاح فعاليات الدورة الخامسة لملتقى
“أملال” للشباب المبدع، وتزامنا مع الذكرى 10 لتأسيس القناة الأمازيغية، وذلك مساء اليوم السبت 03 نونبر 2018 بدار الثقافة بتيزنيت بحضور رئيس المجلس الإقليمي و المديرية الجهوية لوزارة الاتصال.
وقد شارك في هذه المائدة مجموعة من السادة الأساتذة الباحثين و عدد من وجوه الإعلام والصحافة و الفاعلين الممثلون لمختلف تيارات وإطارات الحركة الأمازيغية والمهتمون بمختلف جوانب موضوع الندوة.
الندوة أطرها كل من المفكر والناشط الأمازيغي، أحمد عصيد و أمينة بن الشيخ، مديرة جريدة “العالم الأمازيغي” و الإعلامي عبدالله بوشطارت و الإعلامية ” زينة همو” التي أنيطت إليها مهمة تسيير أشغال المائدة المستديرة.
واستعرض المشاركون في هذه المائدة ، بالخصوص، مختلف الجوانب المرتبطة بالوضعية المتأزمة للغة الأمازيغية في قطب الإعلام الوطني على الرغم من دسترة اللغة الأمازيغية لغة رسمية للبلاد.
وتوقفوا عند مجموعة التراجعات التي تمت مراكمتها في مجال الإعلام الرسمي ، حيث أكد ” عبدالله بوشطارت ” في مداخلته أنه على الرغم من أن دفاتر التحملات توصي بضرورة تخصيص نسب معينة من برامج القنوات و الإذاعات الوطنية باللغة الأمازيغية إلا أن ذلك لم يتحقق ، وعلى العكس من ذلك فالقناة الأمازيغية زادت مادتها باللغة العربية عن 20% التي أوصت بها تلك الدفاتر.
وقال ” بوشطارت” ، إن الدولة لا تواكب طموحات الشعب المغربي و الحركات الأمازيغية ، وتتجاهل ما جاءت يه مضامين بعض الفصول من الدستور التي تدعوا للمساواة و التنوع اللغوي و الثقاف.، و انتقد بوشطارت ” الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، “الهاكا” ، الذي قال عنها أنها تغض الطرف عن مجموعة من التجاوزات التي تطال قضية ” التعدد الثقافي ” في وسائل الإعلام العمومي انسجاما مع جاء به دستور 2011.
بدورها، انتقدت الإعلامية ومديرة جريدة “العالم الأمازيغي” أمينة بن الشيخ، الوضع المتردي الذي تعيشه اللغة الأمازيغية في وسائل الإعلام العمومية ، حيث أكد ” بن الشيخ ” ، أن بعض القنوات ما تزال تصم آذانها عن كل ما له علاقة باللغة الامازيغية ضمن باقة برامجها ، واعتبرت أن القناة الوحيدة التي تحتر مقتضيات دفتر التحملات هي القناة الأمازيغية.
و توقفت ” بن الشيخ ” في مداخلتها عن إشكالية الدبلجة التي تلجأ إليها القناة الأمازيغية في بعض البرامج التي تقدمها، واعتبرت هذا الأمر يزيد من تفاقم قضية تشرذم اللغة ويبعد المتلقي عن توحيد الأذن.
وأشارت ذات المتدخلة إلى مجموعة من المشاكل التي تتخبط منها الأمازيغية في مجال الإعلام من بينها انعدام الدعم المالي الكافي للمنابر الإعلامية الأمازيغية لمساعدتها كي تلعب دورها في الرقي بهذه اللغة، غياب المستشهرين و تقاعس «الهاكا» عن مسؤولياتها في مراقبة قنوات القطب العمومي في شأن تنفيذ التعدد اللغوي.
من جهته قال الحقوقي الأمازيغي، أحمد عصيد، في مداخلة له على هامش هذا اللقاء ، أن منطق الدولة في التعامل مع الأمازيغية منذ سنوات، هو ابعداد عناصر التنوع لتوحيد الهوية، وبرر “عصيد” هذا الأمر بكون الدولة تفكر بمنطق أن قوتها في إضعاف عناصر التنوع و الاختلاف و تقوية العنصر المركزي ( العروبة و الإسلام ).
واعتبر المتحدث ذاته أن الأمازيغية، تهديد لقوة الدولة ووحدتها ، وأشار أن هذا المنطق مازال مستمرة رغم دسترة اللغة منذ مايزيد عن سبع سنوات، مما تسبب في تراجع الأمازيغية لأكثر من الثلثين الشيء الذي أرغم الدولة، يضيف ” عصيد”، على الاعتراف أن الأمازيغية مسؤولية وطنية لجميع المغاربة بعد ما وقعت أعطاب و أضرار بليغة للأمازيغية كلغة و ثقافة و تقاليد وعادات و كتنظيم اجتماعي.
وانتقد ” عصيد” طريقة تعامل الدولة مع اللغة الأمازيغية ، وقال أن الدولة لا تتعامل مع هذه اللغة كونها أنها لغة لأكثر من 85 في المئة، بل تتعامل معها بكونها لغة أقلية ، وأوضح أحمد عصيد أن الطريقة التي تمت بها عملية الإحصاء الأخير منهجية وأسئلة ، تعمدت فيه الدولة النتيجة النهائية لعدد الناطقين باللغة الأمازيغية.
وفيما يخص البرامج الأمازيغية التي تبث بقنوات القطب العمومي، فقد اعتبرها ” عصيد ” تعيش وضعية لا تتساوى فيها مع برامج اللغات الأخرى ، وقال أن أوقات الذروة تلجأ فيها الدولة إلى برمجة مسلسلات تركية و أخبار وطنية عن مشاريع منجزة و غير المنجزة ..في حين قال أن الأمازيغية مغيبة أوقات الذروة بقرار سياسي سيادي متعلق بالدولة.
وأكد المتحدث ذاته بدوه أن «الهاكا» متقاعسة على فرض احترام التنوع الثقافي و اللغوي في قنوات القطب العمومي ، ولا تتدخل لمحاسبة الأقطاب العمومية التي تخرق هذا القانون ، مما يزيد في احتقار الدولة لهذه اللغة.
ودعا ”أحمد عصيد” في ختام مداخلته إلى العمل على رد الاعتبار لهذه اللغة من خلال إخراج القانون التنظيمي مع تنظمينه تعديلات ضرورية خاصة في المادتين 13 و 14 المتعلقتين بالإعلام.
وقد عرفت المائدة المستديرة نقاشا مستفيضا، ومشاركات ومداخلات قيمة أغنت محاور اللقاء ، وحفلت بمجموعة من المداخلات التي انصبت حول الوضع المتردي و المتأزم للغة الأمازيغية في الإعلام العمومي المغربي.
*عن “تيزبريس”