أكد ائتلاف الصحافيين الجزائيين أن الإعلام الجزائري يعيش تدهورا كارثيا إلى حد لا يوصف منذ العام الماضي، واعتبر أن عام 2019 “أسوء مرحلة في تاريخ الصحافة الجزائرية منذ الاستقلال”.
وتحدث البيان عن أوضاع سيئة يعاني منها الصحافيون ووسائل الإعلام، حيث يوجد عدد من الصحافيين قيد الاعتقال لأسباب غامضة، مثل سفيان مراكشي وبلقاسم جير، ويصف البعض اعتقالهم بالتعسفي، كما تم منع صحافيين آخرين من مغادرة البلاد.
ويقول صحافيون ومؤسسات إعلامية جزائرية إن الضغوط الممارسة عليهم، استمرت حتّى بعد وصول عبدالمجيد تبّون إلى الرئاسة، بالرغم من تعهداته بحماية ودعم حرية التعبير والصحافة.
وأطلق تبّون، في أول خطاب وجهه إلى الجزائريين يوم تنصيبه رئيسا للبلاد في ديسمبر الماضي، تعهدات صريحة بدعم حرية الصحافة، وقال “أعد بحرية لا حدود لها لوسائل الإعلام شريطة التحلي بالمسؤولية والموضوعية”، معلنا أنه “سيتم حل مشكلة الإشهار (الإعلان) العمومي وجعله آلية لحرية الصحافة والوسائل الإعلامية والصحافة الإلكترونية”.
وكرر تبون وعوده بتحسين ظروف العمل الإعلامي والأوضاع الاجتماعية للصحافي خلال الندوة التي جمعته، الأسبوع الماضي، مع مدراء وصحافيين من القنوات والوسائل الإعلامية الوطنية الخاصة والعمومية.
وقال “حرية الصحافة مضمونة، لكن ضمن أخلاقيات المهنة وبعيدا عن الأكاذيب والتشويه والقذف والتجريح”.
وترقب العاملون في قطاع الإعلام انفراجا في أوضاعهم، لكن الوضع لا يوحي بذلك على أرض الواقع، وتعرض عدد من الصحافيين للاعتقال والملاحقة، كما تواصل حجب بعض المواقع الإخبارية، وهو ما أثار قلقا متزايدا.
وازدادت المخاوف بعد صدور بيانات حكومية عديدة، اعتبرها صحافيون أنها رسالة واضحة لهم للالتزام بالخطوط الحمراء، حيث أكدت مديرية الصحافة والاتصال برئاسة الجمهورية، في بيان نهاية ديسمبر الماضي، أن “المعلومة الرسمية توزع عبر بيانات من رئاسة الجمهورية، تنشر عبر وكالة الأنباء الجزائرية، ودونها يُصنف ضمن الدعاية والأخبار المغلوطة”.
وأكدت المديرية أن “المعلومات المنشورة عبر أي وسيلة إعلامية أو منصات الاتصال، بحجة السبق الصحافي أو لإيهام الرأي العام بالقرب من منبع المعلومات، دون الالتزام بقوانين الجمهورية وأخلاقيات المهنة، ستعرض أصحابها إلى طائلة قوانين الجمهورية”.
وذكر بيان ائتلاف الصحافيين الجزائيين أن التضييق مستمر من قبل الشرطة على الصحافيين الذي يقومون بتغطية مسيرات الحراك الشعبي أيام الثلاثاء والجمعة، كما يتم استخدام الإشهار العمومي كوسيلة لتوجيه الرأي العام، كما تم حظر عدد من المواقع الإلكترونية الجزائرية. وتابع “مع الأسف هذا واقع الصحافة اليوم في الجزائر”.
ويعاني موقع “كل شيء عن الجزائر”، بنسختيه العربية والفرنسية، والذي يعدّ أحد أبرز المواقع الإخبارية الذي يعنى بشؤون الجزائر، من الحظر المتقطع داخل البلاد وذلك منذ 7 أشهر، دون معرفة الأسباب وراء هذا القرار أو الجهة المسؤولة عن حجبه.
وقال مدير الموقع لوناس قماش في تصريحات صحافية إنّ “الموقع تعرّض للحجب منذ 7 أشهر وإن هذا المنع تم دون تقديم أي سبب واضح أو الحصول على أيّ تفسيرات”، مشيرا إلى أنه “لا يوجد قرار من طرف المحكمة أو قرار إداري في هذا الإطار”. واعتبر قماش أن “حظر الموقع فعل رقابي وسوء استخدام للسلطة”، معبرا عن اعتقاده بأنّه كان “نتيجة لتغطيته الموضوعية للحراك الشعبي”.
وارتفعت الأصوات المطالبة بوقف الاعتقالات التي تطول الصحافيين بسبب مواقفهم السياسية أو تفاعلهم مع الحراك الشعبي وإنهاء الرقابة المفروضة على المضامين الإعلامي.
ويرى صحافيون جزائريون أن هناك عددا من القضايا التي تحتاج إلى معالجة في القطاع، منها تفعيل سلطات الضبط السمعي البصري والصحافة المطبوعة، ومراجعة قانون الإعلام 2012، والاهتمام بالصحافة الإلكترونية وإنشاء قانون خاص بها، إضافة إلى تحرير الإشهار العمومي وتوزيعه العادل بين جميع القنوات الإعلامية والمؤسسات الصحافية المطبوعة، وحل مشكلة العراقيل للحصول على بطاقة الصحافي.
ودعا ائتلاف الصحافيين في بيانه، إلى “تنظيم مسيرة الجمعة، تتبعها تغطية جماعية للحراك الشعبي ترفع فيها شعارات منددة بالحالة المزرية التي آلت إليها مهنة الصحافة في الجزائر”.
عن العرب