-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

المغربية سعيدة الكيال تنحت مسارا جديدا للحروفية المغربية

 تشكل أعمال المغربية سعيدة الكيال حيزا تعبيريا متصلا بتصوراتها التي ترسخ المجال الثقافي في منجزها الفني، وفق خاصيات تشكيلية رائقة، تروم إنتاج الدلالات، بعلامات لونية،
وأشكال تعبيرية تضمر مضامين متنوعة، وهي تتوقف على مناحي متعددة القراءات، حيث يشكل التعبير في أعمالها التشكيلية والحروفية حتمية فنية توجه مسار التعبير نحو التشكيل الصرف للمكان، فيتبدى التكامل في التأليف بين مختلف المفردات والكتل والأشكال المليئة، والفراغات والفضاء. وتحقق ذلك بأشكال تباينية تستطيع من خلالها أن تمنح للعمل الفني توازنه وانسجامه، وبذلك يظهر الأسلوب التشكيلي للمبدعة جليا من خلال بسط طرائق من التحوير في شكله المتكامل، بعد مروره بمختلف مراحل التطوير والتغيير، وبعد إخضاعه لأشراط الرؤية التشكيلية.
باتخاذ الأشكال الحروفية والعناصر الفنية بُعدَها الجمالي في مساحات شاسعة، فمعظم المفردات الفنية تتخذ مسارا نوعيا في بؤر حروفية، تنبني عليها الرؤى الجمالية، وهو ما يعني أن المبدعة سعيدة الكيال تستند في منجزها الفني إلى ألوان معينة، وإلى حروفيات مدروسة، استجابة لضرورة استمرار شاعرية أعمالها وموسيقاها، وأيضا لكي يتناغم القارئ مع كل الأشكال الغامضة التي يلفها السر، بل ونحت مسار جديد للحروفية المغربية.

إنه بُعد صريح يلف فلسفتها الحروفية، ويتجانس مع الملمس التشكيلي ليسهم باللون والحرف في البروز، ويدعم القوة التعبيرية المعاصرة. وهذا كله يعطي انطباعا بأن الفنانة تمر في نسيج أعمالها من بؤر مركزية، ثم توزع العناصر الفارقية بين حروفيات وتشكيل، وتنتهي بها إلى بنية مشتركة، وهو مسلك جمالي يدعم أسلوبها الإبداعي ويثبت الهوية الفنية لديها. كما أن في هذا الدور يكمن سر المعاصرة وحداثة الأسلوب، ما يسمح بخروج المادة التشكيلية المشتركة إلى حيز الوجود الحسي البصري في كثير من المهارة والتقنيات العالية، وهو ما تتوفر عليه الفنانة سعيدة الكيال، وما تسمح به تجربتها الرائدة في هذا التوجه الخصب. فهي تحسب حسابا فنيا وجماليا لتبلغ نتيجة ناضجة تتعلق بقيمة الفضاء التشكيلي والحروفي؛ فهي تُراعي المقاسات، وتُنوع في الألوان والحروفيات، وتوزعها في المساحة حسب الحاجة الجمالية، لتبعث السحر الفني؛ خاصة أنها تُوفر لذلك كل ما يجعل الرؤية الفنية تتكامل في نطاق تعبيري معاصر.
وللموسيقى بعد جمالي في تراسيمها الحروفية والتشكيلية، فهي تشكل محورا رئيسيا يدعم أسلوبها الجمالي، الذي يقوم على اللون الذي تردفه بالحرف، لتنسج منهما المادة التعبيرية. ثم تشكل منهما مواد رمزية وعلاماتية طليقة في الفضاء الناعم، فتعمد إلى روابط علائقية تكثف بها الفضاء، تتراءى بين كتل من الرموز والعلامات والألوان، لتؤصل لفلسفة قيمية تستجيب لضرورات تَوجهها الإبداعي، الذي تتخذ منه بؤرا تشكيلية، ومجالا تفاعليا من الحروفيات والخط العربي، لتقدم منجزا من تجربتها الغنية التي طعّمت المشهد الفني المغربي والعربي والدولي بالجديد الفني. إن أعمالها تتناغم بين إيقاعات الحروفيات المعاصرة والتشكيل في أبهى صوره، لتُحدث نتاجا فنيا مشتركا معاصرا تتجه به نحو التعبير في رسومها بخطوط ذات حركات تبسط أشكالها بأقل كمية ممكنة في الفضاء. وبذلك، ففي المنظور النقدي يبدو أن القاعدة التشكيلية لديها هي فن مشترك بين التشكيل والحروفيات تحقق به مجالا فنيا جديدا معاصرا، تطلق من خلاله سراح الحرف، وتجعله يسبح في الفضاء التشكيلي بعذوبة وجمال مبهج، فتبتكر في هذا المسلك الفني، وتبدع، وتنوع في الشكل وفي الكثافة والتموضع على مستوى الحروف والألون، وتنسج علاقة قوية بين جماليات الخط وجماليات التشكيل والتعبير.
وفي هذا الاتجاه نجد نوعا كبيرا من التوازن الإبداعي، ما ينم عن البلاغة الفنية للمبدعة سعيدة الكيال، وعن قدرتها الإبداعية للتفاعل مع الأشكال التعبيرية الحروفية المعاصرة بقيمة جمالية، وبذلك فإن أعمالها تحمل خصائص جمالية متفردة، وذلك ناتج عن استلهامها من الفن الغايات الإبداعية، ومن جماليات الخط مختلف أساليبه الفنية، حيث قادها وعيها إلى صنع مساحة جديدة للحروف في علاقتها بالتشكيل المعاصر. وقد قادتها خبرتها لتوظيف الحرف والمساحة واللون، وفق نسيج من الإبداع الفني المعاصر، لتبرز مختلف الجماليات في نسق بديع. إن تجربة المبدعة قد تحققت في لغة حروفية تشكيلية ذات قيمة فنية كبيرة في المشهد الحضاري وفي الوعي الفني؛ إذ سعت للوصول بالحرف في بعده الرمزي المجرد إلى قيمة فنية بذاتها، وقيمة جمالية في نسيج الحروف المركبة داخل اللون بصيغ فنية متنوعة، سرعان ما تتحول إلى أشكال دلالية تحمل معاني ومغازي ذات قيم تعبيرية. إنها بهذا تؤكد تجربتها التشكيلية الحروفية المعاصرة، ما يقوي حضورها البهي في طليعة الفن التشكيلي والحروفي العالمي المعاصر، خاصة أن المبدعة تتوفر على إمكانات تقنية، وعلى قدرات فائقة، ومؤهلات فنية، ما يخول لمنجزها الفني أن يكون في الصفوة الفنية المعاصرة.
٭ كاتب مغربي

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا