صدر حديثاً عن منشورات المتوسط - إيطاليا، المجموعة الشعرية الجديدة للشاعر المغربيّ عبدالرحيم الخصّار، بعنوان: "القبطان البرّي".
الكتابُ هو الإصدارُ الشّعري السّادس للشاعر الخصّار، الذي لم يكتفِ بالاعترافِ في أوّل قصيدة بأنّه هوَ القبطان: "أنا هو/ وهذه القبعةُ التي أضعها على رأسي/ لا لتحميني من الشمس/ بل لتحمي الشمسَ من أفكاري"؛ إنَّما سيُكرِّرُ الاعتراف في صيغةِ عناوين وجملٍ تبدأ بكلمة "رجل"، لنلتقي بظلال رجالٍ تبنّى الشاعر قصصهم، وتجاربهم في الحبّ، والخيبة، والمغامرة على حافّة أزمنةٍ مُنهارة، وأمكنة تُبدِّلُ أشكالها، وكائناتٍ وأشياء؛ يستدعيها إلى قصائدهِ فتتحوَّل إلى ذاكرة حيّة، لها ماضٍ وتاريخ وحضور غارقٌ في التفاصيل.
تلك هي قصيدة عبدالرحيم الخصّار المنشغلة عن العالم بالاشتغال على ذاتِها، لكنّها سرعانَ ما تعودُ لتكتبَ العالم ذاتَه، وقد استلزمت من صاحبها لغةً مُنسابةً، كنهرٍ يمضي في الشّعاب، يظهرُ حينًا ويختفي حينًا آخر، لرؤيا العين فقط، لكنَّه موجودٌ وراسخٌ وله أن يسردَ لنا قصصَ زوارق مرّت، وأخرى غرقت، وثالثة تاهت، سيحكي لنا عن ضِفَّتيْه، وبحرهِ المآل. ولكنْ، أيُّ بحرٍ هذا الذي يجعلُ الخصّار يُعنوِنُ كتابهُ بـ القبطانِ البرّي؟ إنها يابسةُ المدينة، والشوارع والأمكنة اللّزجة التي تنهمرُ عليها الخطى.
هذا الانشطار المقصود في المعنى، يمنحُ القارئ، مساحةً للتفكير جماليًا في الطريقة التي يكتبُ بها عبدالرحيم الخصّار قصائده، هناك حضورٌ لافتُ للموسيقى، لآلاتها وعازفيها، وأصوات المغنّينَ المنسيّين في زوايا معتمة، ومدنٍ بعيدة، حيثُ هناك دائمًا امرأةٌ تأتي وتغيب، هناك صوتُها، هناك أيضًا السّاعاتي والقيثار الإسبانيّ، والموت الذي يؤكّد لنا أنَّ حبلَ الأيام قصير.
نقرأ في المقطع التاسع من قصيدة "حروب داخلية":
لا بِحارَ ولا سُفن/ لا قواربَ ولا مجاديف/ لا صواريَ ولا مِرْساة / أنا القبطان البرّيّ/ أخرج الخوف من دولابي/ وأبحر كلّ يوم في اليابسة / خطواتي أمواج/ يدايَ شراعان/ ونظرتي تُبيد القراصنة.
"القبطانُ البرّيُّ" مجموعة شعرية جديدة للشاعر المغربي عبدالرحيم الخصّار، صدرت في 80 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات" التي تصدرها الدار، منتصرةً فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
من الكتاب:
أنا أسيرُ على رصيفٍ لا ينتهي
وأنتِ في بيتٍ بلا نوافذ
حيث يجلسُ على أريكةٍ في البهو
رجلٌ لم يكن يُدبّج لكِ الرّسائلَ الطّويلة
وينتظركِ مساءً في نهاية الدرب،
رجلٌ لم يكن يكتب اسمكِ
على جذعِ شجرة
أو على سورٍ منسيٍّ في قريته،
رجلٌ لا يعرف كم شامة في عنقك.
ما تسمعينه ليسَ أنينَ القيثاراتِ الكهربائية
في حانةٍ بشارع رامبّارت
إنها الذّكرياتُ وحيدةً تتألّم.
عن المؤلّف:
عبدالرحيم الخصّار شاعرٌ وكاتبٌ مغربيّ، صدرت له في الشّعر المجموعات التالية: "أخيراً وصل الشتاء" 2004. "أنظر وأكتفي بالنظر" 2007. "نيران صديقة" 2009. "بيتٌ بعيد" 2013. "عودة آدم" 2018. في أدب الرحلة، صدر له: "خريف فرجينيا، رحلات إلى أوروبا وأمريكا" 2017. تُرجمت نصوصه إلى عددٍ من اللُّغات، وشارك في عدّةِ إقاماتٍ أدبية بأميركا.
الكتابُ هو الإصدارُ الشّعري السّادس للشاعر الخصّار، الذي لم يكتفِ بالاعترافِ في أوّل قصيدة بأنّه هوَ القبطان: "أنا هو/ وهذه القبعةُ التي أضعها على رأسي/ لا لتحميني من الشمس/ بل لتحمي الشمسَ من أفكاري"؛ إنَّما سيُكرِّرُ الاعتراف في صيغةِ عناوين وجملٍ تبدأ بكلمة "رجل"، لنلتقي بظلال رجالٍ تبنّى الشاعر قصصهم، وتجاربهم في الحبّ، والخيبة، والمغامرة على حافّة أزمنةٍ مُنهارة، وأمكنة تُبدِّلُ أشكالها، وكائناتٍ وأشياء؛ يستدعيها إلى قصائدهِ فتتحوَّل إلى ذاكرة حيّة، لها ماضٍ وتاريخ وحضور غارقٌ في التفاصيل.
تلك هي قصيدة عبدالرحيم الخصّار المنشغلة عن العالم بالاشتغال على ذاتِها، لكنّها سرعانَ ما تعودُ لتكتبَ العالم ذاتَه، وقد استلزمت من صاحبها لغةً مُنسابةً، كنهرٍ يمضي في الشّعاب، يظهرُ حينًا ويختفي حينًا آخر، لرؤيا العين فقط، لكنَّه موجودٌ وراسخٌ وله أن يسردَ لنا قصصَ زوارق مرّت، وأخرى غرقت، وثالثة تاهت، سيحكي لنا عن ضِفَّتيْه، وبحرهِ المآل. ولكنْ، أيُّ بحرٍ هذا الذي يجعلُ الخصّار يُعنوِنُ كتابهُ بـ القبطانِ البرّي؟ إنها يابسةُ المدينة، والشوارع والأمكنة اللّزجة التي تنهمرُ عليها الخطى.
هذا الانشطار المقصود في المعنى، يمنحُ القارئ، مساحةً للتفكير جماليًا في الطريقة التي يكتبُ بها عبدالرحيم الخصّار قصائده، هناك حضورٌ لافتُ للموسيقى، لآلاتها وعازفيها، وأصوات المغنّينَ المنسيّين في زوايا معتمة، ومدنٍ بعيدة، حيثُ هناك دائمًا امرأةٌ تأتي وتغيب، هناك صوتُها، هناك أيضًا السّاعاتي والقيثار الإسبانيّ، والموت الذي يؤكّد لنا أنَّ حبلَ الأيام قصير.
نقرأ في المقطع التاسع من قصيدة "حروب داخلية":
لا بِحارَ ولا سُفن/ لا قواربَ ولا مجاديف/ لا صواريَ ولا مِرْساة / أنا القبطان البرّيّ/ أخرج الخوف من دولابي/ وأبحر كلّ يوم في اليابسة / خطواتي أمواج/ يدايَ شراعان/ ونظرتي تُبيد القراصنة.
"القبطانُ البرّيُّ" مجموعة شعرية جديدة للشاعر المغربي عبدالرحيم الخصّار، صدرت في 80 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة "براءات" التي تصدرها الدار، منتصرةً فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
من الكتاب:
أنا أسيرُ على رصيفٍ لا ينتهي
وأنتِ في بيتٍ بلا نوافذ
حيث يجلسُ على أريكةٍ في البهو
رجلٌ لم يكن يُدبّج لكِ الرّسائلَ الطّويلة
وينتظركِ مساءً في نهاية الدرب،
رجلٌ لم يكن يكتب اسمكِ
على جذعِ شجرة
أو على سورٍ منسيٍّ في قريته،
رجلٌ لا يعرف كم شامة في عنقك.
ما تسمعينه ليسَ أنينَ القيثاراتِ الكهربائية
في حانةٍ بشارع رامبّارت
إنها الذّكرياتُ وحيدةً تتألّم.
عن المؤلّف:
عبدالرحيم الخصّار شاعرٌ وكاتبٌ مغربيّ، صدرت له في الشّعر المجموعات التالية: "أخيراً وصل الشتاء" 2004. "أنظر وأكتفي بالنظر" 2007. "نيران صديقة" 2009. "بيتٌ بعيد" 2013. "عودة آدم" 2018. في أدب الرحلة، صدر له: "خريف فرجينيا، رحلات إلى أوروبا وأمريكا" 2017. تُرجمت نصوصه إلى عددٍ من اللُّغات، وشارك في عدّةِ إقاماتٍ أدبية بأميركا.