لم يكد الرأي العام المغربي والإسباني يستيقظ من فاجعة خنق الشاب إلياس الطاهيري حتى الموت في مركز لإيواء القاصرين بألميريا الإسبانية، حتى خرجت منظمة
“CIESNO” أمس الاثنين، بتقرير يسلط الضوء على وفاة شاب مغربي آخر بمركز للاحتجاز في مدينة فالنسيا الإسبانية.
ويتعلق الأمر هذه المرة بالشاب المغربي مروان أبو عبيدة ذي 23 ربيعا، الذي ركب قوارب الموت أملا بنعيم الفردوس المفقود، قبل أن يتم اعتراض القارب في البحر، ويتحول الفردوس إلى كابوس بأحد مراكز الاحتجاز الإسبانية، الذي يفتقد لأدنى الشروط الإنسانية، والذي وصفته المنظمة بأنه “مشهد من الانتهاكات المتعددة والمتنوعة لحقوق الإنسان التي تولد عذابا دائما للسجناء، إذ إضافة للإحباط الذي يتملأ المحتجزين بعد تبخر حلمهم بظروف عيش أفضل، هو مكان لجميع أنواع التطرف”.
مروان أبو عبيدة تعرض للعنف الشديد والضرب المبرح في مركز الاحتجاز، لكن وبدل أن يتم الانتصاف له من جلاديه، تم وضعه في زنزانة انفرادية بدعوى “حمايته من مهاجميه” بحسب الشرطة، ليتم العثور عليه بعدها بساعة منتحرا في زنزانته الانفرادية الموحشة بتاريخ 15 يوليوز 2019، أي قبل 5 أيام فقط على إطفائه لشمعته 24.
ولفتت المنظمة إلى أن مروان كان واحدا من أولئك المحتجزين المحرومين من أي حق من الحقوق، وعبرت عن أملها من أن تؤدي الحملة إلى الوصول إلى الأدلة التي تظهر ما حدث من خلال تسجيلات الكاميرات وشهادات المعتقلين، بهدف تحديد المسؤوليات فيما حدث، وتحقيق العدالة لمروان.
واعتبرت منظمة “CIESNO” أن الدولة الإسبانية مسؤولة عن وفاة مروان العنيفة في المركز، الذي يعد واحدا من المراكز التي تطالب المنظمات الحقوقية في إسبانيا بإغلاقها، فليس مروان أول ضحية لهذه المراكز التي لا يزال العشرات من المغاربيين والمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، وضمنهم قاصرين ونساء ومرضى، يقبعون في جحيمها، خاصة وأن المعتقلين يؤكدون سوء معاملة الشرطة لهم بالداخل.
وأكدت وسائل إعلام إسبانيا أن مروان تقدم بشكاية لإدارة المركز يشير فيها إلى تعرضه للهجوم والضرب، ويشكو معاناته من الألم والصداع بسبب الإصابات الناجمة عن العنف الذي تعرض له، إضافة إلى فقدانه النظر بعينه اليسرى، وذلك قبل ساعات من أن يضع حدا لمعاناته.
وتثار العديد من الأسئلة حول الطريقة العنصرية واللاإنسانية التي عومل بها الشاب المغربي، فرغم أن إدارة المركز كانت على دراية بما يعانيه من ألم جسدي ونفسي، وبالخطر الذي يتهدده كل حين، إلا أنها فضلت حبسه في زنزانة انفرادية بدل تقديم المساعدات الطبية والنفسية التي يحتاجها الضحية، في وقت يؤكد رفاقه في المركز وعائلته أنه كان باديا على محياه الحزن والألم منذ أيام.
وتأمل منظمة “CIESNO” أن يتم الكشف عن تسجيلات الكاميرات بمركز الاحتجاز الذي توفي فيه مروان أبو عبيدة، والحصول على شهادات رفاقه في الاعتقال ليتبين السبب الحقيقي للوفاة، وتأخذ العدالة مجراها، وتنتصر لمروان.