الماء هو أحد الموارد الطبيعية المتجددة على كوكب الأرض، وتعاني أغلب مناطق الوطن العربي من ندرة المياه، وتحولها في بعض المناطق إلى مياه غير صالحة للاستخدام، وتسرى مشكلة المياه على كل المصادر المائية في الوطن العربي. ويهدف هذا الكتاب إلى الإسهام في حفز الاهتمام العربي العام والخاص بقضية خطيرة يجب ألا نفاجأ بنتائجها، ويجب ألا تغيب عنا وألا نغيب عنها، وهي تتعلق بالمياه والقضايا المرتبطة بها. ويعد الاهتمام والإدراك، وإعادة النظر في الاتفاقيات والاستهلاك والترشيد، الخطوة الأولى واللازمة نحو إنضاج آليات مؤسسية عربية متقدمة للتعامل الكفء مع مشكلة المياه في المنطقة التي تمثل الشرط الأول لإعمال مشروع مائي عربي يحقق الأمن المائي على جميع المستويات، مما يفضي إلى تحقيق الطموحات العربية الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، ومن ثم الارتقاء بمستوى معيشة الإنسان العربي.
وتتضافر العديد من العوامل النابعة من الحقائق الجغرافية والتاريخية والاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، لتجعل من مشكلة المياه في المنطقة العربية مشكلة متعددة الأبعاد، ولا تقتصر تلك المشكلة على مصدر مائي بعينه، بل إنها تسري على كل المصادر المائية في المنطقة. ويدور هذا الكتاب حول المشكلة المائية متعددة الأبعاد من منظور متعدد أيضًا، كمحاولة لفتح الباب أمام القارئ لينطلق عبر عملية تجسيد متتال بدءً بالإحاطة بسائر جوانب وأبعاد الموضوع، وانتهاء باستشراف المستقبل المائي للمنطقة.
وأرجو أن يحقق هذا الكتاب الغرض المنشود منه في إلقاء الضوء على المشكلة في المنطقة العربية عبر الحقائق والأبدال الممكنة، وقد آثرت أن أدلل على أهمية الماء وقيمته من خلال القرآن الكريم، لأعلن إلى أي مدى يجب ألا نغفل عن قضية القضايا، فلدينا مشكلات أخرى ترتبط بالمياه، قد تؤدي إلى حرب في الغد، ولابد أن نجد الحل.