بكين – نظمت جمعية “بحوث الأدب العربي” في الصين، بالمشاركة مع قسم اللغة العربية بجامعة بكين، ومركز الدراسات العربية بجامعة اللغات والثقافة ببكين أخيرا، ندوة أكاديمية عبر الإنترنت بمناسبة الذكرى الـ80 لرحيل المفكر والأديب اللبناني أمين الريحاني، وتخليدا لذكرى مساهماته في الأدب العربي والأدب العالمي.
وعقدت الندوة بمشاركة وكيل كلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين فو تشي مينغ، ومدير مركز الدراسات العربية لجامعة اللغات والثقافة ببكين لوه لين، ورئيس جمعية بحوث الأدب العربي بالصين ورئيس قسم اللغة العربية في جامعة بكين لين فنغ مين.
وعن الجانب العربي، شارك في الندوة رئيس قسم الأدب العربي في الجامعة اللبنانية الدكتور بلال عبدالهادي، ورئيسة معهد كونفوشيوس في جامعة القاهرة الدكتورة رحاب محمود، والدكتورة ريم صقر من المعهد نفسه في جامعة القاهرة، والأستاذ في قسم اللغة الصينية في جامعة الخرطوم في السودان الدكتور عبدالله بدوي، والباحث ما بعد الدكتوراه في جامعة بكين الدكتور علاء عبدالحق.
كما شارك في الندوة كوكبة من الأكاديميين الصينيين والعرب المتخصصين في الأدب العربي.
وفي جلسة الافتتاح، أكدت السفيرة اللبنانية لدى بكين ميليا جبور في كلمة كتابية ألقاها نيابة عنها لين فنغ مين، أن أمين الريحاني “كان، ومازال، كاتبا ومفكرا فعالا في عصره وبيئته، ومازالت أعماله وكتاباته بالإنجليزية والعربية نموذجا للمفكرين الفاعلين في مسعى التجديد والتغيير”.
واعتبرت أنه “كاتب للمستقبل، وليس لعصره فحسب، وخاطب الأجيال المقبلة ودعاها إلى تغليب التفكير على التكفير، والتسامح على التعصب، والانفتاح بدل الانغلاق”.
وقالت جبور “مازالت الأفكار التي طرحها الرَّيحاني لمواجهة تحديات التغيير منذ أكثر من مئة عام تتردد في الأوساط الفكرية اليوم، ويرى فيها البعض حلولا ممكنة للكثير من القضايا المعاصرة، خاصة في إطار حركات التغيير الديمقراطي والثورات والانتفاضات التحررية التي يشهدها العالم”. وأضافت “لا شك أن رؤية الريحاني العلمانية المنفتحة على الثقافات والشعوب الأخرى، وبخاصة في إطار البحث عن السلم في العالم، هي رؤية بديلة لأيديولوجية التطرف سواء في الخطاب الديني والمذهبي أو الطائفي، أو خطاب ‘صراع الحضارات’ الذي يروّج له البعض في الغرب”.
وأشارت إلى أن “استحضار إرث أمين الريحاني التنويري في هذه الأيام التي يعيش فيها العالم انقسامات حادة، وتنبعث فيه العصبيات وتهدد المجتمعات بفكرها الظالم هو أمر ضروري ومهم”.
وفي كلمة مقتضبة، أعرب وكيل كلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين، عن ترحيبه الخالص بجميع المشاركين نيابة عن الأساتذة والطلاب في جامعة بكين. وقدم بإيجاز حياة أمين الريحاني التي لخصها في ختام كلمته بجملة واحدة، حيث قال “أمين الريحاني دائما يدعو إلى التحرر الوطني”.
وأشار إلى “تطلع جامعة بكين إلى تطوير التبادلات والتعاون مع المزيد من الجامعات العربية”.
ومن جانبه، قال مدير مركز الدراسات العربية لجامعة اللغات والثقافة ببكين، وعميد معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة اللغات والثقافة بالعاصمة الصينية، إن أمين الريحاني “بصفته رائدا من الرواد التنويريين العرب في تلك الحقبة، عبّر عن أفكاره العميقة بلغة بليغة”، مشيرا إلى أن الندوة “أحيت أهمية دمج الأدب العربي في تدريس اللغة العربية، وهي تسهم حاليا في مراجعة تأثير فكر الريحاني على المجتمع العربي المعاصر، وعلى تقدم الفكر العربي الحديث، خاصة في القرن الحادي والعشرين”.
وألقى الأساتذة والمتخصصون في الأدب العربي من الصينيين والعرب محاضرات قيّمة حول أعمال أمين الريحاني و”أفكاره وفلسفته التنويرية التي لا تزال حاضرة إلى اليوم، وقادرة على المساهمة والإبداع في الأوساط العربية والأوساط الدولية على السواء”.
ويختتم برنامج الذكرى الثمانين لرحيل الريحاني يوم الأحد 13 سبتمبر الجاري، بإلقاء مجموعة من قصائد الريحاني المترجمة من العربية والإنجليزية إلى اللغة الصينية (الماندرين).
يشار إلى أن الريحاني يعد من أشهر أدباء المهجر بعد جبران خليل جبران. كما أنه أول من كتب الشعر المنثور في الأدب العربي، حيث أصدر سنة 1910 ديوان “هتاف الأودية” في هذا النمط الشعري داعيا إلى تحرير الشعر من أسر الأوزان والقوافي.