تفصح أعمال الخطاطة ابتسام الحيمر في مجملها عن دقة كبيرة في الأداء، وقوة في التركيب الخطي واللوني، المدجج بالحروف والمنمنمات، والجماليات الفاتنة. وهو ما يؤشر إلى أن المبدعة تحافظ على كل التقاليد، وفي الآن نفسه تبني أعمالها على قاعدة فنية معاصرة، ما يعطي للحرف نفسا جديدا داخل الشكل التركيبي، فتتطاوع الحروف والألوان والأشكال، وفق توالف مبهج، وتناسق بين كل المفردات، وهذا يتيح للمجال الخطي الظهور في فضاء غير محدود، ويطرح أعمالها في سياق التعبير الخطي المعاصر. فتجربتها الغنية ومراسها الأكاديمي، يجعلان إنجازاتها تروم مباشرة تدبير المجال الجمالي للخط المغربي، بنوع من التجديد والعصرنة في ما يخص تناسق الألوان، ومزج الخط المغربي بمقومات الفن التشكيلي، ووضع الدوائر والخطوط والتقويسات، ومختلف الأشكال والمفردات الخطية المغربية في سياق المعاصرة، ما يسمح ببسط إمكانات التعبير بخصائص جمالية متفردة، تكسب المادة الخطية المغربية ماهيتها، وتجعل التعبير بها حتمية عالية الجودة في سياقها الفني.وبذلك فإن هذا المسلك الإبداعي تتوافر فيه الرؤية الفنية للخط المغربي، إذ تمزج المبدعة مفردات الخط المغربي باللون، في جماله الاعتيادي، وتمزج الأشكال التركيبية بمختلف العناصر الفنية، الشيء الذي يحدث حركة ذات إيقاعات تخلخل السكون، وهي تنسجم مع الأبعاد الرمزية للحروف والأشكال. فتتبدى أعمالها ذات توظيف محكم، وهي ممتلئة بدلالات متعددة، ومدججة بتقنيات عالية. فضلا عن وجود حيز من التوازن بين كل العناصر والمفردات المكونة لأعمالها الخطية، إنها تلامس مسلكا خطيا تعبيريا تتخطى به المرحلة الكلاسيكية للخط المغربي، وتروم أسلوبا يتفاعل مع الأنساق اللونية، ومع مختلف الأشكال والتركيبات والحروفيات، وأنواع الخط المغربي، على الرغم من وجود بعض الفوارق؛ لكن حنكة وحبكة المبدعة تدعم القوة التوليفية بين المفردات الخطية، والأشكال التعبيرية، وتدعم كذلك القوة التعبيرية المعاصرة.
ولا شك في أن هذا يعطي انطباعا بأن الخطاطة ابتسام الحيمر، تعمل وفق تصورات ورؤى مركزية، توزعها وفق مسلك فني، ومظهر جمالي بين الخط واللون والشكل، وتفصل بين ما هو كلاسيكي وما هو مستحدث. فعملية بناء الفضاء لديها تستند أحيانا لبعض تقنيات المنظور، والخطوط والدوائر والمسطحات والفراغ، فتأخذ بعين الاعتبار حيز المساحة، واعتبارات الفضاء وضوابط الخط المغربي، لتعمل على تشكيل بؤر بصرية. وبذلك تتبدى في أعمالها أهمية الخط في الفراغ، والأبعاد الفنية المبنية على أسس حركية، والأشكال المتنوعة للتركيب الخطي في مساحات متنوعة. إنها عملية تشكيلية ناضجة في ما يخص قيمة الخط المغربي في الفضاء، حيث تستطيع بواسطة ذلك إنتاج الإيحاء والدلالات المتنوعة في عمق المادة الخطية، فعمليات التركيب المختلفة تسمح بأن تغطي الوحدات المكونة للبناء بوحدات أخرى خطية مع الحفاظ على وحدة التكوين. وهو اشتغال ينم عن بعد نظر المبدعة في التفاعل مع الفضاء والتكوينات والخط والشكل واللون بنوع من المهارة. وهي بذلك تتوخى الانتقال بالخط المغربي من الحيز الاعتيادي إلى مساحة شاسعة من الإبداع والحداثة؛ ما يفسح لها المجال للدخول في غمار التعبير بالخط المغربي، وفق مقومات جديدة. تنتهل من الفن التشكيلي قوة الفراغ والمساحات، ومن التركيب الخطي جمالياته الفاتنة، لتنتج بشكل مطلق أسلوبا مغربيا متميزا، يتلاءم مع لزوميات الفن التشكيلي المعاصر، ومع التركيب الخطي المغربي المبهر، المبني على حداثة الأسلوب وعلى الأبعاد القيمية والدلالية والأسس الفنية، وعلى التوازن والانسجام في عملية البناء والتحوير بين مختلف العناصر والأشكال الخطية لتبرز قيمة الخط المغربي في المشهد التشكيلي المغربي والعربي.
٭ كاتب مغربي