مُذْ تَجَرَّأْتَ
على قَتْلِ الأخِ المَغْدورِ،
يا قابيلُ،
في غَفْلَةِ عَيْنٍ منْ زَمانٍ،
دَأْبُهُ الإغْضاءُ عنْ غَدْرِ الزَّمانْ،
وَارْتَكَبْتَ الخَطَأَ الأشْنَعَ في التّاريخِ،
ما زالَتْ بَقايا نَسْلِكَ المَلْعونِ
تَغْتالُ مِئاتِ الإخْوَةِ الأعْداءِ يَوْمِيًّا،
وَفي غَيْرِ مَكانٍ،
تَحْتَ هَذي الشَّمْسِ حَتّى
مَلَأَتْ أجْداثُهُمْ رُحْبَ المَكانْ.
٭٭٭
ما جَنى هابيلُ،
يا قابيلُ،
كي تَبْسُطَ كَفَّيْكَ لِكَي تَغْتالَهُ،
في لَحْظَةٍ، غَرَّتْكَ فيها
مُهْجَةٌ أمّارَةٌ بِالسُّوءِ
كَي تُطْفِئ نِيْرانَ الحَسَدْ.
أيَّ ذَنْبٍ قَدْ جَنى،
يا أيُّها المُجْرمُ،
كَي تَقْتُلَهُ في
غَفْلَةٍ منْ زَمَنٍ
يُغْضي عَنِ الأخْطاءِ وَالقَتْلى،
ألا خِبْتَ فألا.
أنْتَ لمْ تَقْتُلْ سِوى طِيْنِ الجَسَدْ،
وَسَتَبْقى نارُهُ تُحْرِقُ كَفَّيْكَ مَعًا،
منْ أزَلِ الدُّنْيا
إلى دُنْيا الأبَدْ.
٭٭٭
نَسْلُكَ المَلْعونُ،
يا قابيلُ،
ما زالَ على عَهْدِكَ
في قَتْلِ الأشِقّاءِ،
في آوِنَةِ اللَّيْلِ وَأَطْرافِ النَّهارْ.
وَلِكُلٍّ إسْمُهُ الأسْوَدُ منْ تاريخِهِ:
جايوسُ أوْ نَيْرونُ أوْ فِيلادُ
أوْ شارونُ أوْ بوتينُ أوْ دونَلْدُ
لَكِنَّ المُسَمّى واحِدٌ:
قَتْلَ ذَوِي القُرْبى،
وَتَشْريعَ الدَّمارْ
٭٭٭
هِيَ جِيْناتُكَ، يا قابيلُ،
في أحْفادِكَ الحَمْقى
النَّيارينِ الصِّغارْ،
لمْ تَزَلْ تُشْعِلُ،
في كُلِّ زَمانٍ،
نارَها في غَيْرِ رُوما،
تَتَسَلّى بِرَمادٍ صَنَعَتْهُ
منْ أماليدِ الجِمارْ.
٭٭٭
غَيْرَ أنَّ اللهَ بِالمِرْصادِ،
يا قابيلُ،
وَالفِيْنِيْقُ آتٍ،
عاجِلًا أوْ آجِلًا،
كَيْ يُطْفِئ النّارَ الَّتي أضْرَمْتَها،
في غِرَّةٍ مِنْهُ،
وَكَيْ يَقْضي على أحْفادِكَ الحَمْقى،
وَكَيْ يَثْأَرَ لِلْجَدِّ الَّذي
ضِقْتَ بِهِ ذَرْعًا،
وَأَخْمَدْتَ جِمارًا،
فَانْتَظِرْ يَقْظَتَهُ منْ جَمْرِهِ
عِنْدَ الصَّباحْ،
وَانْتَظِرْ ثَوْرَتَه نَهْرَ الرَّمادِ
الحُرَّ مَجْراهُ
على جَمْرِ الضِّفافْ،
وَانْتَظِرْ، يا شَهْرَيادُ،
النِّسْوَةَ القَتْلى اللَّواتي سِمْتَ قَتْلا
سَوْفَ يَرْجِعْنَ يَسِمْنَ المُجْرِمَ
المَهْوُوْسَ بِالإجْرامِ ذُلّا،
وَسَتَجْلو شَهْرَزادٌ سَيْفَها
الأمْضى منَ القَوْلِ المُباحْ،
فَتَحَسَّسْ، أيُّها القابيلُ،
رَأْسًا يانِعًا،
قَدْ دَنا وَقْتُ القِطافْ.
- شاعر وناقد لبناني