تعمل اليوم صحافة البيانات على إعادة التنظيم غرف الأخبار، وإعادة تشكيل الأدوار المهنية للصحفيين، الذين يتعاونون بشكل متزايد مع المبرمجين والمصممين وخبراء البيانات في إنجاز التقارير الصحفية التي تعتمد على البيانات والإحصاءات، وهذا يتطلب نوعًا من الكفاءة يتجاوز الأساليب الصحفية الكلاسيكية.
فقد أصبح مطلوبًا من الصحفي التمتع بخبرة واسعة في تجميع مصادر البيانات وتحليلها، بمساعدة قواعد البيانات المختلفة، وتوضيحها بمساعدة رسومات بيانية يمكن الوصول إليها وتكييفها، بحيث تكون مفهومة وسهلة للجمهور. بمعنى آخر، صحافة البيانات هي فن إجراء المقابلات ليس فقط مع الأشخاص، ولكن أيضًا مع البيانات، التي تعطي القصة عمقًا وتوفر سيطرة جيدة على القصة، لتحقيق الأثر المطلوب.
في هذه المادة، تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين مدخلًا للتعرّف على لغة برمجة رائجة جداً في غرف الأخبار في المؤسسات الإعلامية الكبرى، هذه اللغة البرمجية تسمى R، وهي عبارة عن لغة برمجة تمنحك القدرة على التعامل مع كمية كبيرة من البيانات التي تقدم بتنسيقات مختلفة من المصدر، والتي يصعب فهمها وتفسيرها وتحليلها و تصويرها في وضعها الأولي، ليأتي دور لغة البرمجة R، في ترتيب وتحليل وتصميم و تقديم هذه البيانات بشكل جيد بحيث تكون مفهومة وسهلة.
بالإضافة إلى ذلك لغة R، هي مجانية ومفتوحة المصدر، ومتاحة تحت رخصة جنو. على هذا الأساس ، تستمر R في التطور، إلى حد كبير من خلال إضافة حزم R، والحزمة هي مجموعة من البيانات ووظائف اللغة R والوثائق والعناصر المحملة ديناميكيًا في C أو Fortran.
المقياس العالمي لشعبية R هو أن هناك أكثر من 95000 عضو في مجموعة R على Linkedin مقياس آخر هو أن هناك أكثر من 10000 حزمة إضافية متاحة. R مجانية، مفتوحة وقابلة للتوسيع و التطوير.
وتتمتع R بقوتين رئيسيتين:
الأولى: التعامل مع مجموعات البيانات الكبيرة. حيث لا توجد مشكلة في التعامل مع مجموعات البيانات التي يبلغ طولها ملايين الصفوف وعرضها عشرات الأعمدة. من المحتمل أن يكون من الصعب جدًا عمل أي مجموعة بيانات بهذا الحجم الكبير في أي جدول بيانات عادي.
الثانية: عرض مرئي إحترافي للمعلومات بطريقة متقدمة و ابتكارية.
لماذا يجب أن أهتم بـ R؟
في عصر الأخبار الكاذبة والحقائق البديلة، من الجيد أن تستند صحافتك إلى الأرقام والإحصائيات التي يمكنك الحصول عليها بترتيب معين أحياناً من بعض المصادر وقواعد البيانات، لكن البعض الآخر يقدمها بتنسيق مختلف. في بعض الأحيان تكون الأشياء أمامك على الطاولة بدقة وواضحة - وفي أحيان أخرى يكون من الصعب فهمها وتفسيرها. هنا يأتي دور لغة البرمجة R، التي تمنحك القدرة على التعامل مع البيانات الضخمة و الكبيرة، عندما تقرر إنجاز عمل صحفي يعتمد على البيانات.
لكن كيف تبدأ بها؟
أبدأ بتصفح r-project.org ، لاحقاً قم بتنزيل R-environment ( بيئة R). إنه متاح لأنظمة Windows وMac OS X و Linux. بمجرد تثبيته، يمكنك البدء باستخدام R، ولكن من الذكاء أيضًا تثبيت الأداة المجانية Rstudio. يوفر استديو R، وظائف مثل تمييز اللون للرمز والإكمال التلقائي للأوامر.
تتكون الشاشة في Rstudio من أربعة أجزاء. في الجزء العلوي الأيسر توجد نافذة تحرير يمكنك من خلالها إنشاء ملفات R. في أسفل اليسار توجد وحدة تحكم لتشغيل أوامر R بشكل تفاعلي. في أعلى اليمين توجد معلومات متنوعة، على سبيل المثال حول الكائنات الموجودة في الذاكرة و سجل الأوامر. في الجزء السفلي الأيمن، أخيرًا ، توجد مخططات ناتجة عن رمز R.
إذا ظهرت شهيتك لـ R، فإن Computerworld، وهو موقع شقيق لـ IDG.se، يقدم دورة مفصلة للمبتدئين باستخدامه، يمكنك معرفة أوامر R الأولى واستكشاف الاحتمالات المختلفة التي توفرها بيئة R.
أمثلة عن استخدام لغة R، في الصحافة:
نشر الموقع الأميركي الشهير بازفيد تقريرًا حول عشرات الطائرات التي تحوم ببطء في سماء الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يتم توجيهها من قبل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي. لمراقبة كل شي والتجسس على بعض الأفراد والشركات من الأعلى. ويحتوي التقرير على خرائط صممت باستخدام لغة R، من خلال تحليل بيانات موقع الطائرات التي تم جمعها بواسطة موقع تتبع الرحلات Flightradar24 وتوضح أماكن تحليق طائرات المراقبة.
وفي صحيفة "واشنطن بوست"، يمكن قراءة مقال استخدمت فيه لغة R، في تمثيل البيانات حول كيف بنى جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، ناطحة سحاب فاخرة باستخدام القروض المخصصة للمناطق المتعطشة للوظائف.
في هذا الحديث المسجل، سيظهر تيمو جروس، وهو صحفي البيانات في هيئة البث العام السويسري، ومؤسس Rddj.info، للحديث كيف أصبحت R الأكثر شعبية في أوساط صحفيي البيانات. وسيعرض بعض الأعمال المبتكرة التي تم إجراؤها باستخدام لغة R في مجال صحافة البيانات، سواء من قبل فريقه الخاص أو من قبل وسائل الإعلام الأخرى في جميع أنحاء العالم. في الوقت نفسه، سيشير إلى نقاط القوة (قابلية التكرار، على سبيل المثال) والعقبات (الحاجة إلى تعلم البرمجة).
يمكنه أيضًا إنتاج تصورات جميلة، مثل هذا المقال الذي يتطرّق إلى الطفرة العقارية في مدينة مانشستر بالإعتماد على البيانات المُتاحة مجاناً بشكل مفتوح.