أيَّة لغة تُشمِّرُ عن ساعديها الآن
وتبني ملعباً لطائرات الورق في قلبكِ؟
…
أيَّة زهرة قصيّة
تغسل الهواء بالألوان
تُسوّر نهديكِ بنسيان النّوم
وتترك نتيجةَ فحْص الرّحم
لمجرّة لا حُرّاس عليها.
…
صعبة مهنتي منذ عصور
أن أكون رجُلاً تبشيريّاً بالاحتمالات
بالمُمكن والإعجازيّ
بالنّداء يلاحق حلَمَةً ذات أنَفة
صعبة شهوة المساء
والفجرُ يُلحُّ على التّفكير
حيازةُ النَّقائض مجدٌ مستحيل
أيُّها الحُبّ المارق
يا ذُرةَ البائع المُقالِ حديثاً من الوظيفة.
…
صعبٌ أن أكون بستانيّاً على الإسفلت
أن أقيس ضغطَ المشاعر بين الماء والنّار
وأن أدلَّ النّجمةَ بين جدائلكِ
على وصايا الموسيقى
مُراقِباً كلَّما مرَّ قطارٌ
كيف تتحطَّم النّوافذُ من تمدُّد الشّوق
وينهار السّكارى
كأبراج قلعة قديمة
على وقع ضربات الانتظار.
…
ما الذي بيدكَ أن تعطيه:
قلبكَ
فهودٌ أُخرِجَتْ من أقفاصها بعد طول تجويع
وعيناكَ
مصابيحُ سيّاراتٍ يقودها عشّاقٌ لا يعرفون إلى أين الذّهاب.
… ثمَّ إنَّكَ ما زلتَ تُؤيِّد المعانقةَ التي تسحقُ النّسيمَ كالطَّحين بين جسدين، وتَهيمُ بالموشومِ على ظَهرِكَ من آثار جَلْدِ حبلِ الغسيل الذي كان يحمل ملابسَها ويسيرُ في الكرنفال كالشَّمَاسِ الأحدب الحنون مردِّداً:
(لسنا مسؤولينَ عن فقدان الأصابع في المطارات)
…
/صعبة مهنتي
وذاتُ وصالٍ مع جنِّ المسام الوحشيِّ/
…
أنثني بانثنائكِ
فتنحرفُ اللّمسةُ نحو مُستقرِّ الهبوط، وتصعدُ..
تقولينَ: يدُكَ فراشةٌ أخيرة للَّذة
أقولُ: رئتايَ رسالةٌ في زجاجة وُجودكِ
افتحيها بسرعة
وانثري لُهاثي سماداً فوق أعشابكِ البحريّة.
…
صعبة مهنتي
أن أكون رجُلاً تبشيريّاً بالاحتمالات
أن تكون كلّ توازناتي فوق النّدى
كخيّاط لأثواب الرّيح
عاطفيَّةٌ هذي الدّروب الغريبة
ولا آثار متروكة عليها
العصافيرُ وليمةُ المتخيَّل
والأردافُ براءةُ ذمَّة الاعتقاد.
…
الغربة معذورة
إذا أثلجتْ في البيوت المنهارة
وأنتِ ما زلتِ تخدعين السّاحرة الشّريرة
وتخبّئينَ النّبيذَ تحت درج الجيران
تعلَّمتُ منكِ المُقامَرَةَ بما لا يقبل المُزاح.
تعلَّمتُ منكَ مُصادَقةَ التّخاريف.
فلينَمِ الوادي بقلَقٍ بينَ جبلين
بيدِهِ أن يُباعِدَ بينهما
وبيدِهِ أن يُوحِّدَ
هكذا هي النّظراتُ
بين أعيُننا الحريريّة التّائهة
يا حبيبتي..
- شاعر وناقد سوريّ