قالت منظمة العفو الدولية قبل قيام احتجاجات مقررة اليوم إنه يجب على قوات الأمن الجزائرية الامتناع عن استخدام القوة غير المشروعة لتفريق المحتجين المطالبين بإجراء تغيير سياسي جذري، والإفراج عن ما يزيد على 60 ناشطاً من نشطاء الحراك الذين ما زالوا يقبعون في السجن بسبب دورهم في المظاهرات.
ومنذ أن استؤنفت المظاهرات الأسبوعية للـ"حراك" في فيفري/شباط عقب تعليقها مدة تقارب السنة بسبب تفشي وباء فيروس كوفيد-19، استخدمت السلطات أساليب قمعية للتضييق على الاحتجاجات التي تجري في الجزائر العاصمة وعدة مدن أخرى، ومن ضمن ذلك تفريق التجمعات السلمية بالقوة، والاعتداء بالضرب على المحتجين، وإجراء اعتقالات جماعية.
وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية إن "ردّ قوات الشرطة القاسي على المحتجين الشجعان المشاركين في الحراك يجسّد السبب الذي يدفع الناس في مختلف أنحاء الجزائر إلى الدعوة لإجراء إصلاح سياسي. ومن غير المقبول استخدام القوة غير المشروعة والاحتجازات التعسفية، وإن روايات شهود العيان التي سمعناها تثير القلق فعلاً".
"وينبغي على السلطات الجزائرية أن تسمح بالاحتجاجات السلمية بدون اللجوء إلى القوة وغيرها من الإجراءات العقابية من دون داع. وينبغي الإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن جميع الذين احتُجزوا لمجرد ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير، أو تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، أو التجمع السلمي، وإسقاط كافة التهم الموجهة إليهم".
وبحسب اللجنة الوطنية لتحرير المعتقلين – وهي مجموعة رصد محلية – فإن ما لا يقل عن 63 ناشطاً هم قيد الاحتجاز حالياً في الجزائر، وأُلقي القبض على 48 منهم منذ فيفري/شباط. وخلال احتجاجين حديثين جريا في 27 و30 أفريل/نيسان ألقت السلطات القبض على 60 محتجاً.
وفي حين أن أغلبية المحتجين أُفرج عنهم في اليوم ذاته من دون تهمة، إلا أن السلطات الجزائرية استخدمت القوانين القمعية لمقاضاة عشرات المحتجين السلميين بموجب تهم مثل "المساس بالوحدة الوطنية" أو "المساس بالمصلحة الوطنية" أو "التحريض على التجمع غير المسلح" أو "إهانة موظفين عموميين" أو "الأساة إلى رئيس الجمهورية"، تماماً كما فعلت في بداية انطلاقة حركة الحراك في فيفري/شباط 2019.
تفريق الاحتجاجات السلمية بالقوة
فرّقت الشرطة احتجاجاً طلابياً في وسط الجزائر العاصمة في 27 أفريل/نيسان، ومنعت المتظاهرين من الوصول إلى نقطة تجمعهم، وألقت القبض على عشرات النشطاء السلميين.
وأبلغ حسن مبتوش منظمة العفو الدولية أنه كان ضمن مجموعة قامت بمسيرة إلى ساحة الشهداء – وهي نقطة التجمع الأسبوعية للاحتجاجات – لتجد حضوراً كثيفاً للشرطة التي سدت المنافذ إلى الساحة.
وقال مبتوش إن أربعة شرطيين أمسكوا به ودفعوه إلى شاحنة مقفلة للشرطة ضمت 10 محتجين آخرين. ثم اقتيد إلى مركز شرطة الرويبة واحتُجز فيه مدة ست ساعات. وهناك أبرزوا له إعلاناَ لتوقيعه يتعهد فيه بعدم المشاركة في الاحتجاجات مرة أخرى. كما قال محتج آخر قُبض عليه في اليوم ذاته إن المحتجزين أُرغموا على توقيع إعلانات مشابهة يلتزمون فيها "بعدم الاحتجاج مجدداً أيام الثلاثاء والجمعة".
وينبغي على السلطات الجزائرية أن تسمح بالاحتجاجات السلمية بدون اللجوء إلى القوة وغيرها من الإجراءات العقابية من دون داع. وينبغي الإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن جميع الذين احتُجزوا لمجرد ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير، أو تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، أو التجمع السلمي، وإسقاط كافة التهم الموجهة إليهم.
وخلال احتجاج 30 أفريل/نيسان استخدم أفراد الشرطة القوة غير المشروعة لتفريق الحشود في الجزائر العاصمة. وأبلغ ثلاثة محتجين منظمة العفو الدولية أن أفراد الشرطة هاجموا المحتجين السلميين بالهراوات لردعهم عن التجمع. وقال ناشط حقوق الإنسان زكي حناش إن أفراد الشرطة هاجموه بالقرب من جامعة الجزائر. وقال إن "ثلاثة شرطيين أتوا ليطلبوا منا المغادرة. فأبلغتهم أنني سأغادر ولن أركض. ومع ذلك تعرضتُ للضرب بهراوة على وجهي وجسدي".
وأبلغ الصحفي أنيس شلوش منظمة العفو الدولية أن الشرطة اعتدت عليه بالضرب بهراوة بينما كان يغطي الاحتجاج، فأصيب برضوض في ذراعيه وساقيه. وقال إنه أبرز لأفراد الشرطة بطاقته الصحفية، لكن هذا زاد من غضبهم كما بدى. وقال أنيس شلوش إن شرطياً أمره بألا يعرض على مواقع التواصل الاجتماعي أي مقاطع فيديو تظهر فيها دماء.
وتُبين اللقطات المثرة للقلق البالغ لاحتجاج 30 أفريل/نيسان التي يجري تداولها على الإنترنت أفراد الشرطة وهم ينهالون على المحتجين بالضرب ويجرجرونهم أثناء اعتقالهم. ويبين أحد مقاطع الفيديو طوقاً للشرطة يتقدم نحو مجموعة من المحتجين لدفعهم إلى الوراء. وقد هاجمت الشرطة النشطاء بالهراوات وأرغمتهم على العدو هرباً من مزيد من عمليات الانتقام على الرغم من أنهم لم يبدوا أي مقاومة.
خلفية
في 22 فيفري/شباط 2019 جرت مظاهرات جماهيرية حاشدة كانت سلمية إلى حد كبير في مختلف أنحاء الجزائر، معلنةً في البداية معارضتها التجديد لولاية خامسة لعبد العزيز بوتفليقة الذي كان رئيساً في ذلك الحين. وعقب تنحي الرئيس السابق انتقلت الاحتجاجات إلى المطالبة "بالتغيير الكامل للنظام السياسي".
وأجرت السلطات انتخابات رئاسية في ديسمبر/كانون الأول 2019 فاز فيها عبد المجيد تبون الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في عهد بوتفليقة. وعقب انتخاب الرئيس تبون أعلن أنه "منفتح على الحوار" مع حركة الحراك، وصرّح علناً بأن حكومته سوف تعمل على "تعزيز الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان". ومع ذلك واصلت السلطات قمع الأصوات المعارضة وقاضت العشرات من المحتجين السلميين.
وبحسب اللجنة الوطنية لتحرير المعتقلين فإنه اعتباراً من فيفري/شباط 2021 أُلقي القبض على ما لا يقل عن 2500 محتجاً، وصحفياً، وناشطاً بشأن نشاطهم السلمي منذ بداية حركة الحراك واحتُجز منهم 350 شخصاً على الأقل مدة أسبوع أو أكثر.