في أكتوبر/تشرين الأول من العام 1938م، وتحديدا في بلدة دمنهور بمحافظة البحيرة، كانت عائلة "المسيري" العريقة على موعد مع مولودها "عبد الوهاب" الذي، وعلى خلاف المسار التجاري لوالده، بدا منذ صباه مؤثرا سبيل العلم والثقافة على ما سواه، فإذا هو يمضي في دراسته الابتدائية والثانوية ببلدته -مرحلة التكوين والبذور على حد وصفه[1]– ليرتحل بعدها إلى الإسكندرية، ويبدأ في كلية الآداب مساره الطويل مع الأدب والفكر، فيُعيّن -بعد أربع سنوات من التفوق الدراسي- معيدا بها عام 1959م، ويسافر إلى الولايات المتحدة، بعد أربع سنوات أخرى، لدراسة الماجيستير بجامعة "كولومبيا"، ثم يعود بعد ذلك بالدكتوراة في الأدب الإنجليزي والأمريكي المقارن من جامعة "ريتجرز" عام 1969م[2].
وفي مصر، شغل الدكتور "عبد الوهاب المسيري" بعد عودته منصب رئيس وحدة الفكر الصهيوني بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام[2]، وهو المنصب الذي دعّم معرفته ودراسته للحركة الصهيونية وألقى بظلاله على نتاجه الفكري في موسوعته "اليهود واليهودية والصهيونية"، ثم انتقل بعد ذلك إلى منصب المستشار الثقافي للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك[2]، لتتسع علاقاته بالساسة والمفكرين في الشرق والغرب وتتاح له الفرصة لدراسة المجتمع الغربي عن قرب واختلاط.
ثم يختتم بعد ذلك مسيرته الوظيفية من حيث بدأ، في كلية الآداب، ليشغل منصب أستاذ الأدب الإنجليزي والمقارن بجامعات "عين شمس" بمصر، و"الملك سعود" بالسعودية، و"جامعة الكويت"، وجامعة ماليزيا الإسلامية بـ"كوالالامبور" على الترتيب، وهي الفترة التي شغل فيها -بجانب عمله الأكاديمي- منصب عضو مجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بـ"ليسبرج"، بولاية "فرجينيا" بالولايات المتحدة الأمريكية، ومستشار التحرير في عدد من الحوليات التي تصدر في ماليزيا وإيران والولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا[2]، وهي مرحلة الثمر كما أطلق عليها في مذكراته بعد ذاك[1].