رفضت السلطات الجزائرية إخلاء سبيل الصحافية كنزة خاطو، التي اعتقلتها مع مجموعة من الصحافيين والمصورين أثناء تغطيتهم تظاهرات الحراك الشعبي، واحتجزت عددا منهم في الشارع وحاصرتهم، لمنعهم من تصوير حملة القمع ضد المتظاهرين، في مؤشر على عزم السلطات إنهاء الحراك قبل الانتخابات البرلمانية القادمة.
وأظهر فيديو بثه صحافيون التوقيف العنيف الذي تعرضت له خاطو الصحافية في “راديو إم”، رغم قولها لعناصر الشرطة إنها صحافية.
واعتقلت قوات الأمن مراسل وكالة “سبوتنيك” الروسية جعفر خلوفي، والصحافي في “الخبر” الجزائرية مصطفى بسطامي، ومدير موقع “قصبة تريبيون” الذي اعتقل سابقا خالد درارني، والمصورين لدى “وكالة الأنباء الفرنسية” وصحيفة “ليبرتي” المحلية، و“الوطن”، و“لوريزون”، ومصور فيديو يعمل لدى وكالة “رويترز”، ومنعتهم قبل اعتقالهم من التصوير، قبل أن تقتادهم إلى أحد المراكز الأمنية وسط العاصمة الجزائرية.
وفي وقت متأخر من ليلة الجمعة، أخلت السلطات سبيل الصحافيين والمصورين باستثناء خاطو.
وقالت الصحافية في “راديو إم” ليندة عبو، في بيان لها، إن 11 صحافيا، هي من بينهم، حاصرتهم قوات الشرطة قرب “شارع محمد الخامس” قبالة مقر “راديو إم،” ولم تسمح لهم بالحركة، لمنعهم من تصوير التظاهرات وممارسات الشرطة بحق المشاركين.
وأكد صحافيون أن السلطات ستستهدفهم لمنع تكرار فضح ممارساتها في المظاهرات، إذ يبدو أن النظام عازم على إنهاء الحراك ووقف المظاهرات بكل الطرق قبل الانتخابات البرلمانية في 12 يونيو القادم.
كما تعرقل السلطات عمل الصحافيين الأجانب من خلال المماطلة في تجديد اعتماداتهم منذ أشهر، ولا يعلم الكثير من مراسلي وسائل إعلام أجنبية إن كان من الممكن تغطية الانتخابات المقبلة بسبب عدم إسناد الاعتمادات.
ودانت منظمة مُراسلون بلا حدود هذا الشكل من الضغط الذي يمارس على الصحافيين ووسائل الإعلام الأجنبية، وتطالب السلطات بمزيد الشفافية في عملية تجديد الاعتمادات.
وتنتهي صلوحية الاعتمادات كل عام في 31 ديسمبر وهي التي تخوّل لمراسلي وسائل الإعلام الأجنبية العمل بشكل قانوني في الجزائر، ولم يتم تجديد أي منها إلى حد الآن. وإن كانت آجال التجديد غير مضبوطة دائما، فإن ثمة عادة اتفاقا ضمنيا يسمح للصحافيين بمواصلة تغطية الأحداث في انتظار حصولهم على الاعتماد الجديد، ولكن الأمر تغير هذا العام.
وأكد مراسل وسيلة إعلام أجنبية أنه “في الغالب ننتظر التوصل ببطاقة الاعتماد للعام الجاري إلى غاية شهر أبريل أو مايو وأحيانا أغسطس، دون أن تكون لدينا أي معلومة دقيقة. وفي الأثناء نواصل تغطية مختلف الأحداث، ومن بينها الحراك وتواصل الأمر إلى غاية 16 أبريل 2021 حين تم إيقافي من قبل رجال أمن بالزي المدني أعلموني أنه لم يعد يُسمح لي بالتصوير”.
وقالت المنظمة إنه حتى وسائل الإعلام التي تمتعت بتمديد مؤقت لاعتماداتها ليست في مأمن من الضغوط. حيث يؤكد أحد ممثلي قناة تلفزيونية أجنبية في الجزائر أن “وزارة الاتصال مكنتني من وثيقة تمديد الاعتماد في انتظار تسلّمي اعتماد 2021، ورغم أنه لم تصلني أي ملاحظات بخصوص تغطية الحراك فإننا لا نقوم بالتغطية كالسابق”.
ويعلم الصحافيون جيدا أنه يمكن إلغاء هذا التمديد في أي وقت ودون تقديم الأسباب بشكل رسمي من قبل وزارة الاتصال.
ومؤخرا تم منع مراسل وكالة صحافة أجنبية من تصوير مظاهرات الحراك بدعوى انتهاء صلوحية الاعتماد. وخلال شهر مارس الماضي تم تهديد قناة فرنسا 24 بـ”السحب النهائي” للاعتماد، وبررت وزارة الاتصال ذلك بأن تغطية القناة للحراك غير متوازنة.
وتلقى فريق التلفزيون الفرنسي “إم 6” منعا من العمل في سبتمبر 2020، على خلفية بث تقرير “الجزائر، بلد الانتفاضات” والذي اعتبرته السلطات “منحازا” وتم إنجازُه بـ”بترخيص تصوير مزيف”.
وعبر صهيب الخياطي مدير مكتب شمال أفريقيا لمنظمة مراسلون بلا حدود عن قلقه مؤكدا أنه “لا يجب أن تكون الاعتمادات وسيلة للابتزاز أو للضغط على وسائل الإعلام التي تقلق بتغطيتها لمظاهرات الحراك، وتطالب مراسلون بلا حدود السلطات الجزائرية باعتماد الشفافية في عملية تجديد الاعتمادات واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تمكن مختلف وسائل الإعلام الموجودة على التراب الجزائري من تغطية الانتخابات القادمة في ظروف جيدة”.
ولم يتمكن المراسلون المحليون من الاعتمادات المخصصة لتغطية الانتخابات، مما قد يحرمهم من دخول مراكز الاقتراع والفرز والندوة الصحافية الخاصة بإعلان النتائج.
وتحتل الجزائر المرتبة 146 من أصل 180 بلدا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تُصدره مراسلون بلا حدود. وقد خسر البلد 27 مرتبة منذ 2015.