مواصلة لمشروعه المسرحي العربي القيم والثري تدريسا ونقدا وإبداعا منذ نصف قرن صدر للدكتور عبدالرحمان بن زيدان كتاب موسوما ب (حضرة البوح لويزا ومارين ملحمة العصر) موشحا بلوحة من تصميم الفنانة التشكيلية التونسية كريمة بن سعد
ومما جاء في عتبة هذا الإصدار الجديد تحت عنوان "مسرح يعلن عن موقفه من عالم مرهب"
عندما تصير
الكتابة عصية لا تطاوع أفكاري ولا تساعدني على إظهار ما تفكر فيه معي وأنا أفكر
معها حول مدارات الحياة، وعندما لا تعطيني فرصة للتفكير والبحث عن جسور توصلني إلى
ما أود کتابته عن هذه الحياة، والكتابة عن مظاهر انفراج الزمن أو تعثره، وعندما
تنسد أمامي كل أبواب الدلالات التي يمكن أن تسعفني بمعانقة حلم في واقع، أو معانقة
واقع في حلم، أو الاقتراب من کلام به يمكن بناء ما أود سرده في بنيات أجدها -
دائما - تحتاج إلى حياة، وحياة تحتاج إلى أنفاس، وأنفاس لا تودع امتداداتها
الموجودة في المنتظر منها، فهذا يعني أن ما سأقدم عليه سيكون ولادة صعبة تحتاج إلى
مخاضات تتفحص ألم ولادة الأفكار، وتتفحص وجع الغربة في حالات تحمل معاناة ضحايا
الزمن العصيب، وتحتاج إلى مكابدة تملك القدرة على جس نبض معاناتهم، وتحتاج إلى
تأمل مغموس في بشر يجب أن يبقى غارقة في حالات البحث عن مخرج من كل تشاؤم وتطير حتی
أری تشکله فيما ستسفر عليه تشكلات هذه الكتابة.
موضوع الإبداع
يبقى دائما موجودة في عالم مراوغ، ومخاتل، ومخادع، ملامحه موجودة، وضحاياه
موجودون، وعشاقه كثر، وعناصره الفاعلة في التفكير تظل واقفه في انتظار من يدخلها
إلى عالم الكتابة، أو أن الكتابة ستنقله بهدوء من روتينية الوقوف في طوابير الأفكار
التي توقفت عن التفكير إلى تمظهراتها الحقيقية في حركة منتجة يبدأ الكلام معها في
الكلام، ويبدأ توسع النظر في النظر، ويبدأ البحث عن وجهة نظر لما سيكتب.
كلما أجلت
البداية بدايتها في إنجاز ما أود إنجازه، فذلك من أجل تحمل انتظار وضوح الأفكار
حتى تنضج الفكرة أكثر، وتتوضح أعماقها أكثر لتكون أبلغ في سطوعها ليكون إشراقها
ألمع، ويتحول ظهورها الخفوت إلى توقير دائم يفصح عن معنى معاناة الكتابة وهي
تعينني على تجنب الدوران في دوامة الانتظار العقيم لكلام لا ينتمي بمعانيه إلى زمن
التفكير في الإبداع لتوليد هوية هذا الإبداع وتحققه من الإبداع ذاته.
كما نقرأ على
ظهر الغلاف ما يلي
تتوخى هذه
المسرحية كتابة تاريخ المرحلة المحكومة بالعولمة، وتتبع أفكار من يصنع الإرهاب،
والسياسية الجديدة في العالم، وهي كتابة لا تريد السقوط في المباشرة التي تحيل على
المرجعية الواقعية، أو تقديم شخصية نمطية تشبه الواقع وتتماثل معه، لأني أعرف أن
التشابه والتماثل لا يكون إلا وفق متخيل الكتابة وليس وفق الاستنساخ البارد لما هو
موجود في المعيش ذلك أن الابداع سيبقى نقيض الاتباع، وسيظل الإبداع – حتما - القادر
على أن يكون لرؤيته نموذجها الخاص الذي توثق فيه الحالات، والنزاعات حتى لو ولم
تأخذ محدداتها من الواقع لتكون هي الواقع.