في إطار تتبعه للقضايا المرتبطة بالنقاش العمومي الذي يشهده قطاع حقوق المؤلفين والحقوق المجاورة في ارتباطبالبرنامج التشريعي لقطاع الثقافة والتواصل، المتمثل في تقديم مشروعيالقانون: رقم 66.19 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 02.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وكذا بمشروع القانون 25.19 الهادف لتحويل المكتب المغربي لحقوق المؤلفين إلى هيئة عمومية للتدبير الجماعي لحقوق الملكية الأدبية والفنية والحقوق المجاورةلها، وبعد مشاورات وتبادل للرأي والأفكار مع العديد من الفعاليات والفاعلين المنتسبين للائتلاف بمختلف جهات المملكة ومن خارج الوطن، التأمت الكتابة الوطنية للائتلاف المغربي للملكية الفكرية زوال يوم الجمعة 13 مايو 2022 بالرباط، في إطار لقاء عمل دراسي للتداول بشأن مشروع البرنامج الثقافي والعلمي والترافعي للموسم، الحضوري الأول، ما بعد كورونا 2023، وتحضيرا للاستحقاقات التنظيمية الوطنية، الجهوية والإقليمية في أفق المؤتمر الوطني الثاني المزمع تنظيمه نهاية موسم 2023 .
وبعد التداول في مختلف مضامين ومحاور مشروع البرنامج العام التنظيمي،
الثقافي الفكري والترافعي التواصلي الذي سيعرض على الدورة الخامسة للمسلس الوطني
للائتلاف، وقف المكتب الفيدرالي بالتحليل والمدارسة على مجمل "الطروحات"
والتدافعات والمواقف المعبر عنها من طرف العديد من المؤلفين إما بشكل فردي أو عبر
مسؤولي هيئاتهم المختلفة. وباستحضار خلاصات هذه "الطروحات والمواقف"
المعبر عنها، وإخضاعها لمنهج التحليل الملموس للوقائع والمعطيات الملموسة، من خلال
خطابات بعض الأطراف الموسومة "بالممانعة" لرؤية ومقاربة السلطة الحكومية
الوصية على القطاع، ممثلة في وزارة الثقافة والشباب والتواصل.وهو الشيء الذييستوجب
منا الوقوف مليا عند هذه الوقائع الجارية،بالتعاطي الموضوعي وتفكيك مضامين هذين
المشروعين سعيا، لتوضيح المفاهيم وإثراء النقاش العمومي الرصين من زاوية الخبرة
العلمية الأكاديمية والمهنية. ولتسليط مزيد من الضوء على بعض زوايا وخفايا هذا
السجال، الذي نعتبره في الائتلاف وضعا صحيا على أي حال، بغض النظر عن مواقفنا
إزاءه وعما يضمر أو يظهر.
وتأسيسا على ما سبق، يجدد الائتلاف المغربي للملكية الفكرية تأكيده على
أهمية النقاش العمومي الجاد والمسئول بين مختلف الشركاء والمهنيين وذوي الحقوق
والخبرة وعموم المهتمين وقادة الرأي في المجالات الثقافية والفنية والعلمية
والإعلامية، حول مجمل القضايا والإشكاليات المرتبطة بإصلاح وتطوير قطاع الملكية
الفكرية عموما، ومجال حقوق التأليف والحقوق المجاورة على وجه التخصيص لما لهده
المقاربة غايات نبيلة تثمن الاليات الديمقراطية وتعضد الممارسات الجيدة، شريطة أن
تصدق النوايا وأن يتأسس، النقاش العمومي الجاد والمسؤول على أرضية إصلاحية واضحة،بمشاركة
تداولية للهيئات الجادة والمسؤولة، المنبثقة عن ممارسات ديمقراطية، والحاملة
لمشاريع وبرامج ورؤى حقيقية وبانية. وعلى هذا الأساس، يعتبر الائتلاف المغربي
للملكية الفكرية، مبادرة الوزارة الوصية لتمديد فترة التداول وتلقي المقترحات
والاستماع إلى مختلف الشركاء والمعنيين بمشروع تحويل المكتب المغربي لحقوق
المؤلفين إلى مؤسسة عمومية، يعد مسلكا عقلانيا ومقاربة تشاركية فضلى، بالنظر
لأهمية الرهانات المجتمعية، القانونية، المؤسسية، التدبيرية والتنموية، المطروحة
على القطاع بكل مؤسساته ومكوناته. ولعل ما تضمنه برنامج الإصلاح التشريعي والمؤسسي
للوزارة الوصية، الرامي إلى تطوير المنظومة الحمائية والتدبيرية والتحديثية
لقطاعات واسعة من الانتاجات الثقافية الأدبية والفنية والتواصلية الرقمية، بما
يطور القطاع الثقافي والفني وشتى فروع المهارات والمهن والمهارات المتصلة به، وكذا
الارتقاء بأوضاع المبدعين وتثمين إسهاماتهم في نهضة ورقي المجتمع. ومن هذا
المنطلق، يمكن اعتبار ما يشهده القطاع من نقاش وتداول وسجال (خصوصا من لدن
المهنيين وذوي الحقوق والخبرة وعموم المهتمين الملتزمين بفضائل الحوار والاختلاف
البناء.
وجدير بالتنويه، أن الائتلاف المغربي للملكية الفكرية ومنذ تأسيسه، يتابع عن كثب وساهم ويساهم فعليا كقوة اقتراحية بالفكر والتأطير والترافع والتواصل والحضور بالميدان، لمختلف محطات البلورة والإخصاب للمشروع الإصلاحي الشامل للقطاع، وقد نادينا في الائتلاف ومنذ سنوات خلت، كل المسؤولين الحكوميين المتعاقبين على قطاعي الثقافة والاتصال وكذلك مجمل الهيئات والفعاليات المهنية والنقابية والإعلامية الجادة والمسؤولة بالقطاع،لتنظيم مناظرة وطنية حول قضايا التنمية الثقافية والصناعات الإبداعية الخلاقة من بوابة إصلاح وتحديث وتجويد إنتاجية وخدمات قطاع حقوق المؤلف والحقوق المجاورة. وعطفا على ذلك، يؤكد الائتلاف المغربي للملكية الفكرية، بعد التداول في عمق وأبعاد برنامج عمل وزارة الشباب والثقافة والتواصل المتمثل أساسا فيتسريع وثيرة الإصلاح، التي لم تنجز من لدن التجارب الحكومية السابقة، انخراطه الفكري والعلمي والترافعي في دينامية الإصلاح المتدرج للمنظومة برمتها، وأهمها ورش تقنين وهيكلة وطوير الوضعية القانونية والتنظيمية للمكتب المغربي لحقوق المؤلفين والحقوق المجاورة في شقيها المرتبطين أساسا: بالتجويد والتحيين القانوني من جهة، وبالتطوير المؤسساتي من جهة ثانية.
من جهة ثانية، يلفت المكتب الفيدرالي للائتلاف المغربي للملكية الفكرية، أن
مشروع تحويل المكتب المغربي إلى مؤسسة عمومية ليس وليد اللحظة أو الظرفية الراهنة
بالمعنى "السياسي والتنظيمي"، كما يروج لذلك البعض عن خطأ أو عن جهل
بتطور مشروع الإصلاح الممتد لثالثة عقود على الأقل. وذلك يعني أن ما نشهده اليوم
من نقاشات ومقترحات وحتى بعض "السجالات" هنا وهناك، ينبغي من ناحية،
أخذها بكثير من التنسيب،وبربطهامن ناحية أخرى، بسياقها وبمنطلقات ورهانات
"المتحدثين" بها، من زاوية تحديد المسؤوليات عما وصلت اليه الأمور وعن المستفيدين
من حالة الجمود واللبس وغياب القانون وضبابية التسيير واستدامة المنافع والمواقع.
وإذ يعبر الائتلاف المغربي بكل وضوح ومسؤولية نضالية ونزاهة فكرية عن
انخراطه المبدئي في مشروع الإصلاح الشمولي المتدرج لكل حلقات المنظومة التشريعية
والمؤسسية والمهنية والقيمية المعبر عنها كتوجهات كبرى في ثنايا مشروعي القانونين
المذكورين أعلاه (مشروع القانون 66.19 ومشروع القانون 25.19)، واللذين نعتبرهما
مشروعين من الأهمية بمكان ويشكلان ركيزتيكن أساسيتين في سيرورة بناء وهندسة
الإصلاح المتعدد الأبعاد. كما نعتبرهما ثمرة مسلسل ممتد لعمليات تطوير متدرج
باشرتها السلطات الحكومية الوصية على قطاع ومكتب حقوق الملكية الأدبية والفنية،
منذ أكثر من عقدين من الزمن، لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم، ولقد سايرت بعض قيادات
الائتلاف، سواء من موقع المسؤولية في إطار مهام العمل ضمن طواقم بعض وزراء قطاع
الثقافة والاتصال، أو كمسؤولين بالإدارة العامة للمكتب المغربي لحقوق المؤلفين والحقوق
المجاورة، أو كباحثين وأكاديمي ومؤلفين، أوكخبراء ومهنيين ومبدعين مميزين في
القطاع الثقافي والفني ببلادنا.
لكل ما سلف ذكره وتوضيحه، يجدد المكتب الفيدرالي للائتلاف المغربي للملكية
الفكرية تأكيده على ضرورة تحكيم العقل والمنطق واستحضار المصلحة العليا للوطن بنفس
القدر الذي يتم فيه الدفع والتدافع من أجل تحقيق المصالح الخاصة والفئوية المشروعة
على كل حال. وإنه لمن المجحف أن نسمع ونرى اليوم بعض الخرجات والمواقف المتهافتة
تتحدث عن المشروع الاصلاحي الذي تباشره الوزارة الوصية وتحاول تسريع وثيرته
التشريعية والتحديثية، وكأنه "بدعة أو تجاوز أو تدخل" من الوزارة في شؤون
«مفترضة للمكتب المغربي لحقوق المؤلفين بصيغتهالراهنة المعيبة"؟؟ وبناء عليه،
ارتأى المكتب الفيدرالي للائتلاف عب هذا البيان، وانطلاقا من مهامه وأهدافه
ورسالته الفكرية الحقوقية الترافعية النبيلة في خدمة الثقافة والفن وتثمين
والابداع وأهله، رد الأمور إلى نصابها وتصويب ما قد يدخل في باب "المزايدة
والتدافع المتهافت «بمسوغات مشحونة بالذاتية. كما ينبغي أن نذكر في هذا الخصوص أيضا، بأهمية ووجاهة وضرورة
إرساء قواعد واليات عملية لحوار سليم وبناء وموصول بين مختلف الشركاء والمتدخلين
وذوي الحقوق تكريسا لفضائل الديمقراطية التشاركية الدامجة للإرادات الحسنة
والمقترحات تؤسس لبناء اقتصاد المعرفة وللاستثمار الأمثل في الرأسمال اللامادي
للمة المغربية العظيمة. كما يدعو الائتلاف المغربي للملكية الفكرية كافة الشركاء
ومكونات الحقل الثقافي والفني والإعلامي بمختلف مشاربه وأطيافه وهيئاته المهنية
والمدنية والحقوقية والنقابية ببلادنا الى التكاثف وتعضيد الجهود لثمين المنجز
الذي عملت على بلورته الوزارة الوصية طيلة عقود من الزمن مع مصاحبتها في دينامية
الإصلاح ومؤازرتها بتقديم النصح والاقتراح والنقد البناء بشكل تكاملي بعيدا عن
التطرف أو الإقصاء.
وخلاصة القول، يعتبر المكتب الفيدرالي للائتلاف المغربي للملكية الفكرية، أن أهم مداخل الإصلاح الشمولي المكتمل البناء، يبدأ بالضرورة وأساسا بخطوة إخراج مشروع القانون 25.19 إلى حيز التفعيل، بعد تجربة تدبيرية مأزومة ووضعية قانونية ملتبسة وهشة استمرت لما يفوق نصف قرن من الزمن، والمكتب المغربي لحقوق المؤلفين في صيغته القانونية الملتبسةبحسب مرسوم 8 مارس المحدث له. ونعتقد في الائتلاف، بأن إضفاء صفة المؤسسة العمومية التدبيرية كما ورد في مشروع القانون 25.19 المعروض ضمن المسطرة التشريعية، بعدما تعثرت مبادرات عديدة لاستصداره،خلال العشرينية المنصرمة،يشكل مكسبا مهما بل واستراتيجيا جدا قد لا يعلم البعض من المتحدثين اليوم، حجم الجهود والمحاولات المضنية والمبادرات المتوالية لبلورته وإخراجه إلى حيز الواقع.
عن
المكتب الفيدرالي
الرئيس
التنفيذي عبد الحكيم قرمان