مُضناك جفاهُ مَرْقَدُهوبكاه ورَحَّمَ عُوَّدُهُ حيرانُ القلبِ مُعَذَّبُهُ مقروح الجفنِ مسهَّدُه أودى حرفاً إلا رمقاً يُبقيه عليك وتُنْفِدهُ يستهوي الوُرْق تأوُّهه ويذيب الصخرَ تنهُّدهُ ويناجي النجمَ ويُتعبه ويُقيم الليلَ ويُقْعِدهُ ويعلم كلَّ مُطوَّقة ٍ شجناً في الدَّوحِ تُردِّدهُ كم مدّ لِطَيْفِكَ من شَرَكٍ وتأدّب لا يتصيَّدهُ فعساك بغُمْضٍ مُسعِفهُ ولعلّ خيالك مُسعِدهُ الحسنُ حَلَفْتُ بيُوسُفِهِ والسُّورَة ِ إنك مُفرَدهُ قد وَدَّ جمالك أو قبساً حوراءُ الخُلْدِ وأَمْرَدُه وتمنَّت كلٌّ مُقطَّعة ٍ يدَها لو تُبْعَث تَشهدُهُ جَحَدَتْ عَيْنَاك زَكِيَّ دَمِي أكذلك خدُّك يَجْحَدُه؟ قد عزَّ شُهودي إذ رمَتا فأشرت لخدِّك أشهده وهممتُ بجيدِك أشرَكُه فأبى ، واستكبر أصيَدُه وهزَزْتُ قَوَامَك أَعْطِفهُ فَنَبا، وتمنَّع أَمْلَدُه سببٌ لرضاك أُمَهِّده ما بالُ الخصْرِ يُعَقِّدُه؟ بيني في الحبِّ وبينك ما لا يَقْدِرُ واشٍ يُفْسِدُه ما بالُ العاذِلِ يَفتح لي بابَ السُّلْوانِ وأُوصِدُه؟ ويقول : تكاد تجنُّ به فأَقول: وأُوشِكُ أَعْبُده مَوْلايَ ورُوحِي في يَدِه قد ضَيَّعها سَلِمتْ يَدُه ناقوسُ القلبِ يدقُّ لهُ وحنايا الأَضْلُعِ مَعْبَدُه قسماً بثنايا لؤلُئِها قسم الياقوت منضده ورضابٍ يوعدُ كوثرهُ مَقتولُ العِشقِ ومُشْهَدُه وبخالٍ كاد يحجُّ له لو كان يقبَّل أسوده وقَوامٍ يَرْوي الغُصْنُ له نَسَباً، والرُّمْحُ يُفَنِّدُه وبخصرٍ أوهَنَ مِنْ جَلَدِي وعَوَادِي الهجر تُبدِّدُه ما خنت هواك ، ولا خطرتْ سلوى بالقلب تبرده
ولد أحمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في 20 رجب 1287 هـ الموافق 16 أكتوبر 1868، لأب شركسي وأم يونانية تركية ، وفي مصادر أخرى يذكر أن أباه كردي وأمه من أصول تركية وشركسية، وبعض المصادر تقول إن جدته لأبيه شركسية وجدته لأمه يونانية. وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، وعلى جانب من الغنى والثراء، فتكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها في القصر. لما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة، وانكب على دواوين فحول الشعراء حفظًا واستظهارًا، فبدأ الشعر يجري على لسانه. حين بلوغه سن الخامسة عشرة التحق بمدرسة الحقوق، وذلك سنة (1303هـ/1885م)، وانتسب إلى قسم الترجمة الذي كان قد أنشئ بها حديثًا، وفي هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ محمد البسيوني، ورأى فيه مشروع شاعر كبير.
بعد ذلك سافر إلى فرنسا على نفقة الخديوي توفيق، وقد حسمت تلك الرحلة الدراسية الأولى منطلقات شوقي الفكرية والإبداعية، وخلالها اشترك مع زملاء البعثة في تكوين (جمعية التقدم المصري)، التي كانت أحد أشكال العمل الوطني ضد الاحتلال الإنجليزي. وربطته حينئذ صداقة حميمة بالزعيم مصطفى كامل، وتفتّح على مشروعات النهضة المصرية.
طوال إقامته بأوروبا، كان فيها بجسده بينما ظل
قلبه معلقًا بالثقافة العربية وبالشعراء العرب الكبار وعلى رأسهم المتنبي. لكن
تأثره بالثقافة الفرنسية لم يكن محدودًا، وتأثر بالشعراء الفرنسيين وبالأخص راسين
وموليير.
يُلاحظ خلال فترة الدراسة في فرنسا وبعد عودته
إلى مصر أن شعر شوقي كان يتوجه نحو المديح للخديوي عباس، الذي كانت سلطته مهددة من
قبل الإنجليز، ويرجع النقاد التزام أحمد شوقي بالمديح للأسرة الحاكمة إلى عدة
أسباب منها أن الخديوي هو ولي نعمة أحمد شوقي، وثانيا الأثر الديني الذي كان يوجه
الشعراء على أن الخلافة العثمانية هي خلافة إسلامية وبالتالي وجب الدفاع عن هذه
الخلافة.
لكن هذا أدى إلى نفي الإنجليز للشاعر إلى
إسبانيا عام 1915، وفي هذا النفي اطلع أحمد شوقي على الأدب العربي والحضارة
الأندلسية هذا بالإضافة إلى قدرته التي تكونت في استخدام عدة لغات والاطلاع على
الآداب الأوروبية، وكان أحمد شوقي في هذه الفترة على علم بالأوضاع التي تجري في
مصر، فأصبح يشارك في الشعر من خلال اهتمامه بالتحركات الشعبية والوطنية الساعية
للتحرير عن بعد وما يبث شعره من مشاعر الحزن على نفيه من مصر، وعلى هذا الأساس وجد
توجه آخر في شعر أحمد شوقي بعيدا عن المدح الذي التزم به قبل النفي. عاد شوقي إلى
مصر سنة 1920.
في عام 1927، بايع شعراء العرب كافة شوقي أميرا
للشعر، وبعد تلك الفترة تفرغ شوقي للمسرح الشعري حيث يعد الرائد الأول في هذا
المجال عربيا؛ ومن مسرحياته الشعرية مصرع كليوباترا وقمبيز ومجنون ليلى وعلي بك
الكبير.