في كراسه الصغير المعنون "الأدب في خطر" يعترف الناقد تزفيتان تودورف (1939-2017) بأن الأدب يمكن أن يحوّل الكائن من الداخل. وفي عصر الأيديولوجيات المهيمنة والأحكام المسبقة والكليشيهات، على الإنسان أن يتعلم التفكير بنفسه، كما كانت عليه الحال منذ عصر الأنوار. ولكن كيف التوصل إلى ذلك؟ يشير جان جاك روسو في مؤلفه "إميل" إلى سيرورة التعلم هذه بعبارة "التربية السلبية"، ويقترح إبعاد اليافع عن الكتب لتجنيبه كل إغراء بمحاكاة الآخرين. ومع أن التلفزيون مر من هنا، يمكن للكتب أن تساعده على هجر البديهيات الزائفة، وتحرير ذهنه. وللأدب دور فريد هنا، أمضى تودوروف رحلة أكاديمية وتعليمية وفكرية طويلة حتى استطاع تعريفه، وتحديد قوانينه، ليصل إلى نتيجة مهمة وهي تشجيع القراءة بكل الوسائل الممكنة، بما في ذلك الكتب التي ينظر إليها النقد الاحترافي بتعال، إن لم يكن باحتقار، منذ رواية ألكسندر دوما "الفرسان الثلاثة" حتى "هاري بوتر".