الإمبراطور لا يريد أن يحكم امبراطوريته، يريد أن يعيش حياة بسيطة في كوخ من الخشب، يطل على طبيعة خلابة مع زوجة لطيفة وابن بار وزوج صقور بيضاء على شرفة الكوخ، وبعض الأغنام مع كلب وفيّ يتنزهون جميعا كل يوم، وتأبى الإمبراطورية إلا أن يحكمها.
كان يروي هذه القصة من الذاكرة لابنه، كان الابن منصتا جيدا، فهو يعرف أنها إشارات لملحمة إنسان، الإنسان الذي يجاهد نفسه بحثا لمعرفتها، وبعد أن يعرفها يهرب منها إلى جهلها، بدأ ذاك الإنسان يريد كل شيء حتى انتهى به المطاف إلى أن أصبح لا يريد شيئا فأتاه كل شيء من حيث لم يرده، هل استوعبت ذلك يا بني؟ يقول الابن: إذن هو في الهرب منها وهي في البحث عنه، فقال الأب: أجل، يهرب أيضا من حكم الإمبراطورية وتأبى إلا أن يحكمها، فهو يريد حياة بسيطة كالتي نعيشها الآن يا بني، أيعود لإرادتها مجددا بعد أن عرف أن السعادة في البساطة؟ وما لم يفهمه الإمبراطور هو أن امبراطورية الآن تبحث عنه لأنها تريد البساطة أيضا.
كان يروي لابنه تلك القصة على التلال أثناء نزهتهم اليومية مع زوجته والأغنام وكلبهم الوفي وزوج الصقور البيضاء المحلقة حولهما تنتظر العودة معهم إلى البيت، ذاك الكوخ الجميل الذي ترك الإمبراطور حكم الإمبراطوية لأجل البساطة فيه وفي الحياة هناك، فوصلته الإمبراطورية وأتته من حيث بساطته العادلة في نظره وحكمه على الأشياء، أتتحقق البساطة والعدالة في الإمبراطورية؟ كالبساطة والعدالة هناك؟ حتما تتحقق ولكن إبحثوا في مكان آخر عن امبراطور يحكمكم قال الإمبراطور.
هيا يا بني فلنعد إلى البيت قال الأب، إذهب وادعو الأغنام برفق للعودة معنا فهي تعرف طريق العودة جيدا، وتحتاج فقط إلى التذكير، ذكرها فقط يا بني ولا تنهرها وستجدني أمامك على الطريق، حسنا يا أبي قال الابن، هيا أيتها الأغنام لنمشي معا إلى بيتنا الذي نحب، وعاد الجميع إلى البيت سالمين.
٭ ليبيا