ترجمة:عدوية الهلالي
بعد عدة أفلام وثائقية، تحولت المخرجة الشابة أليس ديوب إلى اخراج الافلام الروائية من خلال إعادة صياغة قضية هذه المرأة السنغالية الشابة التي قتلت حفيدتها البالغة من العمر 15 شهرًا على شاطئ بيرك، شمال فرنسا في عام 2013.
ويتناول فيلم (سان أومير) قصة راما،وهي روائية شابة، تحضر محاكمة فابيان كابو في محكمة جنايات سان أومير حيث تُتهم الأخيرة بقتل ابنتها البالغة من العمر خمسة عشر شهرًا بتركها عند ارتفاع المد على أحد الشواطئ في شمال فرنسا. ولكن وبعد ماجرى أثناء المحاكمة، من سماع كلمات المتهمة وهي تجيب على اسئلة القاضي والمحامين، ومن الاستماع إلى الشهادات، تساور راما الشكوك حول مقدرتها على التعامل مع المتهمة.
إنه فيلم مستوحى من قصة جرت في عام 2013 عندما تخلت هذه المرأة عن ابنتها الصغيرة على شاطئ بيرك في شمال فرنسا،عند ارتفاع المد. بدأت محاكمتها في عام 2016 في سان أومير، وكانت أليس ديوب، مخرجة الأفلام الوثائقية، موجودة في قاعة المحكمة. تقول: «أردت حضور هذه المحاكمة، لم أكن أرغب بالضرورة في صنع فيلم. بل أردت حقًا أن أفهم».
وبعد البحث عن هوية المتهمة وتفاصيل حياتها في ايل دو فرانس حيث تقيم، تتوصل المخرجة أليس ديوب، وهي من أصل سنغالي أيضا، الى الحصول على اجابات حقيقية على دوافع المتهم، حيث تبرر فابيان كابو، التي كانت طالبة في الفلسفة في باريس في عام 2011، جريمتها بتأثير تعويذة من بعض رجال الدين الذين دفعوها إلى الجريمة. كانت تربي طفلتها بشكل مثالي حتى ذلك الحين، بعد ان أنجبتها سرا وبمفردها، لأنها ولدت بين زوجين فاشلين. لكن ما دفعها لقتل طفلتها لم يجد له ردا لديها.
تبحث المخرجة ديوب عن الاجابة عبر لقطات ثابتة تسلطها على المشاركين في المحاكمة، وعلى الملامح المتغيرة لفابيان كابو، وفي مايتعلق بموضوع قتل الاطفال،يأخذ الفيلم موقعًا أماميًا. إنه يستخدم أسلوبا مبسطا تزينه بعض ذكريات الماضي الواقعية.وتصوّرأليس ديوب عدالة باردة بمواجهة قصة غارقة في المشاعر. ولهذا السبب بلاشك فإن برودة الاجواء لا تترك مجالاً للعاطفة إلا فيما بعد، من خلال دموع المتهمة الأخيرة. كما أن الفيلم هنا لايهتم بالدراما فقط، بل بتصوير الاحداث بطريقة موضوعية.
وعند الحد الفاصل بين الفيلم الوثائقي والخيال،أرادت أليس ديوب أن تصنع هذا الفيلم لأنها أرادت أن يُنظر إليها بشكل مختلف عن الآخرين. إنها تستمد من قتل الأطفال قصة مختلفة.كما ان الممثلات،اللواتي يسيطرن على فريق التمثيل، يؤدين بشكل جيد، عندما تتركز على وجوههن اللقطات الثابتة ويبرز تأثير المونولوجات المتعاقبة فقط،وهكذا تنتقل رسالة الفيلم.
حاز الفيلم على جائزة الأسد الفضي لأفضل فيلم أول وجائزة لجنة التحكيم الكبرى في مهرجان البندقية السينمائي التاسع والسبعين، كما تلقى فيلم (سانت اومير) أيضًا جائزة جان فيغو واختارته فرنسا للتنافس على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم دولي في 12 آذار عام 2023 في هوليوود.وقد عرض الفيلم في أواخر شهر تشرين الثاني ومن المتوقع ان يحقق نجاحا هائلا بعد ان حصد الجوائز، لأن أليس ديوب تعبر فيه عن الاختلاف الذي تشعر به في فرنسا وتعتبرها المسؤولة عن واحدة من أسوأ الجرائم التي يمكن تخيلها وهي قتل الأطفال.