صدر للباحث د.حسن لشقر عن
مطبعة " بلال " بفاس هذه السنة ( 2015 ) كتاب نقدي جديد بعنوان : "
الاغتراب في الشعر العربي : من عتبات الألم إلى احتراق الذات ". ومما جاء في
مقدمة الكتاب : " تعد تيمة " الاغتراب "، من الموضوعات المهيمنة في
الشعر العربي، إذ تُسهم في نسج دلالية النص الشعري، بما تُولِّدُه في مختبره من
أسئلة مؤرقة (كونية وفنية وأنطولوجية...)، وما تُفْرزُهُ من قيم فنية تدفع بالفعل
الشعري إلى النمو والتطور، علاوة على أنها تؤدي إلى تناسل رؤى شعرية شديدة العمق
والحيوية، وتتضافر مع الدَّوال اللغوية الأخرى، لتضفي جمالية متفردة على الخطاب
الشعري ككل.
والاغتراب في جميع الأحوال
إنما هو نابع من الإحساس الصادر عن ذات شاعرة مبدعة، حزينة، قلقة، تسعى إلى إبطال
الزمكان، وتسمو إلى معانقة الحلم والرؤيا، عبر تجاوز أغلال الجسد ( الإبداعي )
ذاته، وتحريره من كبته النفسي والأيديولوجي والثقافي والاجتماعي .. وهذه الدراسة
التي تسعى أيضا ــ في إنصاتها العاشق ــ
إلى تَلَمُّسِ ومعانقة نماذج شعرية عربية ( قديمة وحديثة )، وتَرْفُلُ في
أعطاف الاغتراب بكل أبعاده وتشظياته، التي تُوَلِّدُ في جسد النص سلسلة من الأسئلة
والمفاهيم والمبادئ، وتحرض " القارئ الحاذق " على التوغل أكثر فأكثر في
أدغال القصيدة وتضاريسها، لاقتناص أجوبة شافية، قد تُرضي بعضاً من فضوله المعرفي
والجمالي، وقد تُمكنه في الآن نفسه من الإنصات العاشق لنبضات وآهات الذات الشاعرة
المعذبة والقلقة، جراء الإحساس بألم الاغتراب.
كما انتظمتْ هذه الدراسة في مدخل وفصول ثلاثة :
إذ تم تخصيص المدخل لإضاءة مفهوم الاغتراب في الإبداع الأدبـي، كما تم حصر الفصل
الأول للحديث عن ألم الاغتراب الذاتي والمكاني ــ الوجودي في الشعر العربي القديم،
بينما خُصص الفصل الثاني لتتبع جماليات اشتغال تيمة الاغتراب في الشعر العربي
المعاصر، من خلال أعمال : " السياب "، " البيـاتي "، "
أدونيس " و " محمود درويش ". أما الفصـل الثالث والأخير فتم فيه
الكشف عن امتدادات الاغتراب واحتـراق الذات في الشعر العربي المعاصر أيضا، وذلك من
خلال تداخل الاغتراب الذاتي ــ الوجودي بالثقافي الفكري، في أعمال كل من الشعراء
" "خليل حاوي "، " محمد السرغيني "، " عبد الكريم
الطبال " و " بوجمعة العوفي ". ثم اختتمتْ الدراسة بخلاصة تركيبية
لأهم النتائج المتوصل إليها، مع تضمين ذلك ما حققه اشتغال هذا الدال ( الاغتراب )
في أبعاده المختلفة، من وظائف ( جمالية ودلالية )، في المتن الشعري المدروس.