من لا يدرك خطورة الموقف الأمني والإقتصادي وينكر الواقع كذلك بكل تغييراته بكل حقائقه يتعاون مع الإرهاب والخراب بوعي أو غير وعي.. متناسيا أن الإرهاب لا
يمكن أن يكون فصيل سياسي وليس له دين ولا وطن.. ولا يمكن التساهل معه تحت أي مسمي حتي لو كان وقتيا وجزئيا.. وأن الخراب هو الاستنزاف والفوضى المتواصلة وتصب في مصلحة الإرهاب أيضا..
ولأن عدم المعرفة بالشئ لا تعني عدم وجودها، فما بالك بعدم الإعتراف بالواقع هل تعني عدم وجوده.
لأن الواقع حقيقة، وحاضر، وتراكم من الماضي، وأول خطوات المستقبل، وأن ما ينكََر ولا يُعترف به هو الواقع السئ والأليم بالنسبة لنا بشكل شخصي وفردي، ويغفله ويهرب منه لأنه لا يرضي عنه، و يتجاهله ولا يعيره إنتباها فتتراجع القدرات وتضيق الإختيارات في الحياة ذاتها.. ويسقط الواقع من التاريخ والأحداث الجارية.. ويضيق الأفق.. ويصعب وقتها إيجادالحلول الواقعية.. فيختار الحضور المتهور أو الرضوخ للغيبوبة.. ويظل صفر علي الشمال في معادلة الحياة..
ولأن الحقيقة واقع و لأنها لها أوجه كثيرة، وتحتاج لمجهود للوصول إليها، وقد لا نصل إلا لبعض منها..فقراءة الواقع توصلنا للحقيقة دون تسرع أو إنتقائية بالتدقيق والتحري. لا الحماسة والعاطفة..
و لا يكفي أن نعترف بالواقع جزئيا ومن وجهة نظرنا في الأوقات العصيبة والأزمات ونعلن بكلمات وصوت الرفض ، بل يتطلب الإعتراف الكلي بالواقع أيضا أن نكون حاسمين إزاء الموثوق فيه، فلا ننخدع كل مرة بنفس الطريقة لأننا لم نتعلم من تجاربنا، ولم نكتسب خبرة ما من المواقف المشابهة التي لم تقتل بحثا داخلنا ولم تدرس بعناية ولم تحسم، ونستمر و لا نتوقف عن مجاراة أهواءنا أو الإستسلام للواقع ضمنيا، يحتاج ويكتمل فهمنا للواقع بالثراء المعرفي . ثم يحول لفعل وعمل وطريق مهما كان صعبا لمواجهة تحديات الواقع، وبذلك نتخطي ذلك الواقع معترفين به ، فذلك أفضل من التعايش مع المرفوض بضعف أو قبوله ومجاراته، أو رفضه نظريا برغبة تفتقر إلي القدرة محدثين صخب وفوضي وملهاة كلامية..
فالعمل علي تحسين الواقع وتخطيه هو أمر عظيم ليس مجرد هتاف أو أحلام.. هو فكرة مقبولة من الجميع قابلة للتنفيذ وعمل لهدف بإستمرارية وتركيز.. وإلا تكن خداعا من دعاة التغيير وحماقة من أتباعهم.. ولو لم نتفق علي طريقة تغيير الواقع عمليا بخطوات معلنة مدروسة، فحتي لو كان هدفنا واحد فلن نصل أبدا لحل وواقع ملموس أفضل.. ولأن الحياة مشاركة فتغيير الواقع يتطلب علي المستوي العام عمل جماعي ناجح بخبرة موثوق بخبرتها متخصصة تبدأ من حيث إنتهي العالم فلا تخترع العجلة ، وخيال معرفي يستشرف القادم بمد الخطوط علي إستقامتها فالبدايات تؤدي إلي النهايات، بأن لا نكرر الأخطاء، وننتظر نتيجة مغايرة..
فالمسئولية واقع والواقع مسئولية يجب أن نعترف بذلك.. فكل ما هو شخصي مسئولية صاحبه، وكل ما هو عام يتطلب مسئولية عن النتائج وحساب وتقييم وجدية وحسم وعقاب وثواب وردع.. لينتج واقع منظم متجدد متراكم كما وكيفا..
ونعود لرفض الواقع لنجده سمة من سمات : الوهم لا الخيال، و خلط الأوراق لا المشاركة في ترتيبها، والأشخاص لا المواقف، والعاطفة لا المنطق، والتناقض لا التنوع، والندية لا المشاركة، و النقل لا العقل، والمؤكد لا النسبي، والثبات لا التقدم..
ولجميع الأطراف ودائما عدم الاعتراف بالواقع لا يغيره، ولن يخلق واقع جديد.. الاعتراف بالواقع هو تشخيص يسبق العلاج.. هو اعتراف بوجود الآخر.. هو تصور متكامل.. هو البحث دائما عن أوجه الحقيقة..هـو الأساس الذي يقرب وجهات النظر.. ونستطيع أن نبني عليه.. هو مناخ العمل والحياة الصحي.. هو تحديد الأخطار لمواجهتها..