-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

أسماؤهم المقموعة سعيد منتسب

ما هذا الشيء الذي يضعه الفيلسوف ميشيل سير على عاتق إبهامنا الصغير لاكتشاف ما يمكنه تعويض الكتاب الورقي والصفحة الإلكترونية؟ وهل بإمكان هذا الاكتشاف أن
يفتح ممرات أخرى للكتابة، أم أنه على العكس من ذلك ينطوي على خطر إسقاطها من البرج الذي ظلت تعتليه منذ آلاف السنين؟
كثير من الكتاب أصبحوا كتابا لأنهم مصابون بعادة اختراع القصص وإجراء محادثات مع أشخاص متخيلين، أو لأنهم ممتلئون بصور واستعارات تفور من إحساسهم بالأشياء التي يواجهونها في حياتهم اليومية. والآن، لماذا سيريد أحدنا أن يصبح كاتبا؟ ولماذا سيكتب أشياء تحاكي ما كتبه السابقون؟ لماذا سيرغم نفسه على القيام بتمرينات أدبية مبنية على الاختلاق ليكون كاتبا؟ وفيم سيفيده الانتماء إلى نشاط إبداعي مهدد بالانقراض، أو على الأقل بالتغير الشامل مادام الإبهام الصغير بإمكانه في أي لحظة أن يجعل الرأس المقطوعة قادرة على إنتاج بهجة الكلمات، وعلى تنويع الأساليب وتضعيفها بشكل مستمر؟
هل الكُتَّاب متأهبون فعلا لمواجهة هذا العصر، حيث الكل يسكن في النهر نفسه (الفرجة)، وحيث الصوت يُنْتَخَبُ عشوائيا بشكل دائم ما دام الشفوي الذي انبثق عن الافتراضي يدأب على إغراق المكتوب في الشكل الديمقراطي الجديد للمعرفة؟
إننا نلاحظ، مع ميشيل سير، أن الاستماع إلى المعلمين والحاصلين على جوائز نوبل قد قلَّ، وأن الوصول إلى المعرفة تغير من الفضاء المتري إلى الفضاء التجاوري، وأن الضجيج تحول إلى تعبير عن اللحظة المعاصرة التي تتوهج بما لا يمكن أن يغري كتابا يشعرون بالحاجة إلى وصف الأشياء على نحو مفصل ودقيق واستثنائي؛ ولا يفعلون سوى ذلك، مقابل إخراجهم من زمنهم لتقييدهم في سجل الخالدين والعظماء. فهل تبعا لهذا اليأس العظيم الذي يتربص بالتاريخ، كما نفهمه نحن، يمكن الاستمرار في إنتاج الكتب؟
إن «الإنسان الجديد» لا يكتفي بتحقير المعلمين، وتحطيم المدرج وقاعة الدرس، بل إنه يولي ظهره بقدر حاد للتاريخ، إذ بوسعه الإمساك بالصعب بنقرة واحدة.. لا حاجة للذهاب إلى خزانة الكتب، ولا إلى فتح كتاب، ولا إلى إضاعة الوقت في تقليب الصفحات، ولا إلى استدعاء كاتب باسمه. كل الأسماء موجودة، وعلى نحو تجاوري.. وكذلك، ملايين الكتب والمخطوطات والبحوث والدراسات (وبلغات لا تخطر على البال).. بل إن الإنسان الجديد الذي «يبشرنا» به ميشيل سير يملك حركية الجسم القائد، الجسم الذي يتحرك أكثر ولا يكتفي بالاستهلاك. إنه قائد ومعلم وأستاذ وكاتب.. ويكفي للوقوف على هذا التحول أن ننظر بإعجاب لهذه الانتماءات «الإبداعية» المعلنة للشبكات الاجتماعية. هناك الآن «كتاب الفايسبوك» الذين لا يجادل أحد في اعتلائهم المسرح، والأخطر منهم «الكتاب الافتراضيون» بالمعنى الدقيق للافتراض، الذين «يقمعون» أسماءهم وهوياتهم وانتماءاتهم وجنسياتهم وأجناسهم، ويحجبونها بإصرار على الانحجاب. إنهم غير معنيين بعدم الكفاءة اللغوية والتخييلية، بل معنيون أساسا بالفرجة والتسويق وحجم الصداقات وعدد اللايكات، وهم استعراضيون ومباشرون وقساة وجريئون وبذيئون وغير «أخلاقيين» ولصوص (لا يخفون ذلك ولا يخجلون منه). إنهم، فعلا، بدون كوابح ولا حدود. يهتزون بعنف مع ما يجري، يتفاعلون معه بسرعة، ويتحولون يوما بعد يوم إلى الشيء ونقيضه. إنهم أشباح على درجة كبيرة من الانفعال، وقد يدفعون الجميع نحو الجميع، وقد يصنعون صنما هذا اليوم، ولا يترددون، في اليوم الذي يلي، في رميه بالمطارق والفؤوس. إنهم قوة عمياء ومرمزة، ولا يمكن تحريكها والتحكم فيها دائما. إنهم موجودون ويعيدون إنتاج المعرفة وتسويقها بنفس إعلامي قوي، ولا شيء يستطيع إيقافهم.. إنهم ليسوا «مسوخا»، إنهم سكان «الزمن الآخر» الذي ليس بإمكاننا الدخول إليه بيسر أو النظر إليه باطمئنان..

عن عمود بأصوات متعددة وباتفاق مع الكاتب
12/22/2015

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا