تعرّف المغاربة على خالد كدار في الكثير من المنابر منها ورقية وأخرى إلكترونية، وتحوّل على مدار السنوات الماضية إلى أشهر رسامي الكاريكاتور في المغرب، ليس
فقط لعمق المواد التي يقدّمها في عدد من الرسوم، ولكن كذلك للجدل الذي رافق بعضها.
إذ حملت بعض رسوماته ارتباطاً وثيقاً بنقد المؤسسة الملكية وعندها حوكم بسبب رسم عن أمير مغربي، بالإضافة إلى رسومات تتعلّق بالدين الإسلامي في بلد يصنّف محافظًا.
أطلق كدار قبل أسابيع صفحة 'بابوبي' استعداداً لإطلاق الموقع، أوّل جريدة مطبوعة ساخرة في المغرب.
تصدر هذه الجريدة مرة كل أسبوع وتضم عددًا من الوجوه الصحفية الشابة، في انتظار إصدار نسخة إلكترونية يحقق بها كدار التواصل مع قراء لم يعد يستهويهم المطبوع. شبكة الصحفيين الدوليين حاورت كدار حول مشروعه، وهذه كانت المحصّلة.
أنشأت موقع بابوبي عام 2012، ثم أغلقته بعد بضعة أشهر، وها أنت تصدر الآن جريدة مطبوعة، فلماذا العودة إلى الورقي؟
المشروع ككل لا يعتمد على الجريدة الورقية، بل هناك كذلك موقع إلكتروني سيصدر قريبًا. ارتأينا أن نبدأ بالمجال الأصعب أوّلا، أي المطبوع، لأنه يمثل الأصل، وكذلك لوجود شريحة مهمة من القراء لا تزال وفيّة للورق، فضلًا عن أن الورق يتيح لنا إصدار أعداد خاصة.
لكن مبيعات الصحف الورقية تشهد تراجعًا مهولاً في المغرب حسب أرقام المهنيين والمتخصصين؟
صحيح، سوق المبيعات يتراجع في المغرب، ومبيعات 'بابوبي' تأثرت كثيرًا بهذا التراجع، زد على ذلك المشاكل التي نجدها في الطبع والتوزيع. كذلك، إن كلفة إصدار جريدة مطبوعة في المغرب تبقى باهظة وللأسف المبيعات ليست بالمستوى المنتظر.
غير أن التقييم الإجمالي للتجربة المطبوعة لـ 'بابوبي' غير ممكن الآن ويستلزم انتظار عام على الأقل، وبالتالي ليست لنا خطة حاليًا للانسحاب من الورقي، ونعوّل على الإصدار الإلكتروني حتى نستطيع تحقيق توازن مالي في مشروعنا.
ما هي أبرز خصائص الإصدار الإلكتروني الجديد من 'بابوبي'
سنستمر بنفس النسق الساخر في الجريدة المطبوعة، لكن بسمات إلكترونية، إذ سنعتمد على برامج فيديو ساخرة وفيديوهات التحريك والتفاعل السريع مع القراء، زيادةً على النص والرسم. باختصار سيكون موقعاً ساخرًا في كل شيء، وما يجعلنا متفائلين بإمكانية نجاحه هو كم السخرية التي نشهدها في المواقع الاجتماعية والانتشار الكبير للرسوم الساخرة في هذه المواقع، فالمغاربة عمومًا يحبون السخرية، ويقاومون ما يرفضونه بطرق ساخرة.
سبق أن حوكمت أربع مرات بالحبس غير النافذ، في قضايا مجملها تخصّ رسوماتك الساخرة، ألّا تتخوّف أن تزور المحاكم مرة أخرى عبر هذه التجربة؟
محاكمات الصحفيين في المغرب لا ترتبط في الغالب بالمنبر الإعلامي في حد ذاته، بل هي تخصّ الخطوط الحمراء التي تضعها السلطة، سواء بشكل مرئي أم غير مرئي. نحن لا نعترف بهذه الخطوط ولا بالمحرّمات لأن الصحافة الساخرة لا تؤمن بالحواجز، الأكيد أننا لن لا نفكر في خرق القوانين ولا في الإساءة أو الافتراء على أيّ أحد، فالمهنية هي زادنا في تناولنا لكل المواضيع، وإذا جاءت المتابعة القضائية رغم كل هذا الحرص على المهنية فلا يسعنا سوى أن نرّحب بها.
ما أسباب عدم استمرار النّسخة الإلكترونية الأولى من 'بابوبي'؟
التجربة الأولى كانت شخصية إلى حد كبير، ومن حيث مقومات تلك المرحلة، لم تكن هناك الإمكانيات لإنشاء منبر ساخر متكامل، فالتجربة كان غرضها جسّ نبض القراء، ولا أخفيك أنها لاقت قبولاً واسعاً وحققت انتشارًا كبيرًا. لكن بسبب المشاكل المادية، ولأنني ضد تمييع التجربة بنشر أي شيء، فقد ارتأيت إيقافها مؤقتًا.
لكن التجربة تعرّضت لانتقادات كبيرة، واتهمك عدد من القراء بالإساءة إلى الدين والإفراط في استخدام رسومات بمدلول جنسي مباشر؟
لم يسبق لي أن هاجمت الدين، صحيح أن 'بابوبي' في نسخته الأولى كان مرتبطًا بي بشكل كبير لعدم وجود هيئة تحرير قوية، وصحيح أنني فتحت مجال النشر لأصدقاء لديهم آراء قاسية تجاه الدين، لكن لم يسبق لي أبدًا أن هاجمت الدين.
تجربتنا في بابوبي بنسخته الجديدة مختلفة تماماً، الآن لدينا هيئة تحرير متنوعة المشارب ولا يوجد أبدًا لفكر واحد أحادي داخل المشروع. بالتالي، نتداول جميعاً في المواد قبل نشرها، ورسوماتنا تعكس الاختلاف الموجود أوّلًا بيننا، كما سيفتح الموقع الباب أمام الآراء القادمة من خارج المؤسسة، دون أن نشترط تطابقها مع أفكارنا.
كيف ستتناولون مجالي الدين والجنس في 'بابوبي'؟
صحيح أن الناس لديهم حساسية تجاه الدين والجنس، وصحيح كذلك أن السخرية من قضايا يُستخدم فيها الدين يتحوّل عند بعض الناس إلى إساءة للدين، لكن سخريتنا تستهدف المواضيع التي تكون محط نقاش عام. بالتالي سيدفعنا ذلك إلى بناء رأي ساخر على طريقتنا، دون أن نهدف إلى استفزاز أحد أو أن نفرض فكرًا معيّنًا على أحد.
ختامًا، كيف ترى واقع الصحافة الساخرة في العالم العربي؟
إجمالاً، لا يمكن الحديث عن صحافة ساخرة حقيقية في المنطقة العربية بسبب غياب هامش الحرية. تقريبًا لا يوجد أي بلد عربي يشهد صحافة ساخرة قوية بسبب القيود المفروضة على الصحافة. والتجارب العربية الموجودة حالياً تتبنى توسيع هذا الهامش حتى نصل إلى مستوى الصحافة الساخرة الغربية كـ 'لوكانارد أونشيني' الفرنسية على سبيل المثال.
الصورة لخالد كدار نشرت بعد الموافقة.
عن شبكة الصحفيين الدوليين